19 - 03 - 2024

الجرائم الأخلاقية

 الجرائم الأخلاقية

الجريمة الأخلاقية هي أشد خطرا من الجرائم الجنائية الأخرى الأخرى، نظرا لأنها تساعد فى هدم المجتمع بالكامل، وذلك لكونها مع مرور الوقت ربما تتحول إلى أمر عادى، وقد يرى مرتكبوها أنفسهم أنهم ليسوا مجرمين، وإنما اضطرتهم الظروف لما يقومون به من تصرفات، وذلك لأنها تكون عبارة عن سلوك معين في معظم الأحيان، وليست أفعالا ملموسة يمكن ضبطها و المعاقبة عليها، أو أنها ممارسات يمكن إخفاؤها و التحايل في تمريرها ولها أشكال عديدة جميعها يتعلق بالأخلاق والشرف. 

ينتشر ذلك النوع من الجرائم عادة فى المجتمعات الأكثر فقرا، وذلك ليس لأن أهلها لا أخلاق لديهم، بل على العكس تماما، فهناك بينهم من يمتلك من الفضائل مالا يوجد لدى غيره في أكبر الأماكن وارقاها، ولكن الفقر يمنح المبرر لضعاف النفوس للقيام بتصرفات غير سوية، بغية كسب المال وفقط دون النظر لأى اعتبارات أخرى. 

والمجتمعات هنا تعني الدول وليس الطبقات الإجتماعية المختلفة داخل الدولة الواحدة.. فكلما ارتفع دخل الفرد كانت تصرفات المواطنين أكثر انضباطا لأسباب كثيرة، ومنها رفاهية التثقيف مما يعمل على زيادة الوعي، و أيضا تنعكس الحالة النفسية للمجتمع بلا شك على سلوكه، لذا يجب أن يعى أولي الأمر ذلك. 

فى السنوات الأخيرة طرأت تغيرات كثيرة جدا كان لها الأثر البالغ فى سلوك الناس، وأصبحت المتاجرة فى كل شئ، وللأسف يتحمل المواطن جزء من ذلك بطريق غير مباشر، فهناك نوع من المغالاة لدى كثيرين فى أسلوب الحياة، حيث ارتفع سقف الطموح المعيشى بشكل كبير جدا عن السابق، فلم يعد أحد يرضى بما بين يديه، بل يسعى الجميع للمزيد وذلك وإن كان ليس خطأ فى مجمله، إلا أن طريقة القيام به غير صحيحة. 

ليس عيبا أن نسعى إلى الأفضل ولكن ونحن راضون عما بين أيدينا والعيش فى حدوده دون تطرف، وكلما تحسنت الأوضاع سوف تتحسن معها المعيشة تلقائيا، أما هذه الحالة من التكالب لأجل الحصول على المال دون النظر لأى قيم أو مبادئ حاكمة للتصرفات فلن تكون نتيجتها إلا سقوطا كاملا دون نهوض، وذلك لأنه كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي《إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا》 

نهاية الأمر.. هى مسئولية مشتركة تتحمل فيها الدولة الجانب الأكبر بإعتبارها الإطار الحاكم للجميع، و يجب أن تمتلك الرؤية الكاملة للأوضاع من أجل حماية الجميع، بالإضافة إلى المواطن الذى يجب عليه إصلاح عوار نفسه وليس التمادي تحت أى مسمى ورغم أية أعباء، فالجريمة هى الجريمة مهما كانت دوافعها ولا مبررات لها أبدا.. وإذا أصيب مجتمع في أخلاقه فلن تكون له قائمة أبدا مهما امتلك من شعارات براقة و كلمات رنانة. 

لاشك أن الجميع يلاحظون التراجع الواضح في هذا الجانب، و ما هو إلا سير نحو الهاوية، إن لم تكن هناك وقفة يراجع فيها الجميع نفسه.. و للعلم ما كثرت الجرائم الاجتماعية كما يسمونها هذه الأيام إلا لخلل في منظومة الأخلاق، فلا وازع يردع من ارتكاب هذه الأعمال التي لا يصدقها عقل أو لم يكن يصدقها قبل رؤيتها تحدث بالفعل.
--------------------------
بقلم: السعيد حمدي

مقالات اخرى للكاتب

المصريون نسخة أصلية





اعلان