15 - 05 - 2025

من "فرج الاكتع" الي ابراهيم "العجلاتي" ..قصة الصعود الي الهاوية

 من

 

في قراءة متأنية داخل أوراق رجل الأعمال الملقب بـ" سفاح الشهداء " والمتهم  بقتل ثمانية عشر شابا من أبناء السويس إبان " جمعة الغضب " ظهيرة يوم 28 يناير الذي زلزل صروح الفساد وأقض مضاجع الفاسدين ..رجل جمع بين المتناقضات ..فكان المغامر والسفاح والمطارد ..ففي البدء سيطرت عليه أحلام الثراء التي انتزعته من غفوته ..فصورة "العجلاتي "التي التصقت به ..كانت مكمن ضعفه ..وإن كانت بمثابة سلم الصعود ..ولكن إلى الهاوية.

حاول الرجل تبديد هذا المشهد ..وتصحيح الصورة فسعى حثيثا للحصول على الكسب السريع بأى ثمن ..ففي أزمنة الحرب كان الاتجار في كل شىء مباحا دون ضابط أورقيب ..متجاهلا ما يقوم به أبناء بلده من مقاومة، متفرغا لكسب المال لتحقيق حلم الثراء.

تدرج إبراهيم فرج " سفاح الشهداء " من سائق سيارة نقل ..إلى أن اعتلى مكانة رجل الأعمال .. فهو خليط مدهش ومركب وغامض لرجل كان يعيش حياة الملوك والمتزوج من ثلاث سيدات في آن واحد ..وأب لسبعة أبناء هم أعمدة امبراطوريته التي هوت ..أو في طريقها إلى الهاوية ..انتمى إلى الحزب الوطني المنحل .. حتى بلغ به الأمر إلى أن أصبح مطاردا ترتعد فرائصه من أى طارق قادم الي مخبئه الطوعي حيث ألقي القبض عليه متهما بإهدار دم الشهداء.

بدأت جريمته عصر جمعة الغضب الدامية في الثامن والعشرين من يناير ..حيث أطلق النار وشارك وحرض على قتل ثمانية عشر شابا سويسيا ..واهما بأن الاقتراب من علية القوم سيكتب له البقاء ..ولكن هيهات ..حيث قاموا ببيعه في سجلات النيابة ..في تحقيقات قضية شهداء السويس، إذ اتهم أنه القاتل.

إبراهيم فرج، تصاعدت طموحاته من مجرد سائق وسايس يعمل مع أخيه المريض الطيب داخل أحد الجراجات بالسويس يغسل السيارات، إلى محاولة امتلاك هذه السيارات من خلال الأموال التي تم تجميعها في وقت الحرب، ولم يكن من الممكن وقتها حتى لذوي الخيالات الخصبة تخيل أن الإتجار في سيارة أو اثنتين يقوم صاحبهما بانتظار مكسب بضع المئات من الجنيهات من وراء بيعها.. يتحول إلى امبراطور تجارة السيارات التي احتكرها داخل محافظة السويس وجنوب سيناء.

ولم تقتصر تجارة إبراهيم فرج " سفاح الشهداء " على السيارات فقط ..بل قام بتحويل ادارة مرور السويس إلى أحد أفرعه ، وامتدت الطموحات لتقفز على عقده مسكنة القديم هو وإخوتة ، حيث كانوا يعيشون أكثر من عشرة أفراد داخل شقة قديمة مساحتها 50 مترا فقط ..إذ أصر على الدخول في عالم المقاولات وامتلاك العديد من الأبراجالسكنية داخل محافظة السويس ، ودخل بالأموال المغسولة لتجارة "المافيا " بجنوب سيناء في عمليات المضاربة بالمزادات ..فيما أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بالسويس إلى أكثر من مثيلتها بالمناطق الراقية بالقاهرة، وتحطمت على صخرته..شركات منافسة ..وتهاوى أمامه جميع المقاولين القدامى الواحد تلو الأخر

وأصبحت أملاك إمبراطور السيارات والمقاولات لاتحصى ..والمعروف منها القليل ومن بينها معارض توكيلات "هيونداى" ومعارض مختلفة لعدة توكيلات أخرى بينها بيجو ونيسان وأراض بمنطقة المحروسة وأبراج وقطع اراضي شاسعة بمدينة الشروق 1 و2، إلى جانب أراضي مدينة السلام بالسويس ومعارض للسيارات أخري بمنطقة مصر الجديدة وعباس العقاد ومحافظة الأسماعلية،أما الشركات المعلنة والغير معلنة فمنها العديد والتي يشتم منها رائح النفوذ وشراكة الكبار من قيادات بالحزب الوطني، ورغم بخله كما يشاع عنه ..إلا أنه كان سخيا إلى درجة البذخ مع أولياء نعمته ..حزبه المفضل ورجال السلطة.

وجاءت بدايات النهاية بالأمس القريب ، مع اندلاع ثورة 25 يناير وبذوغ فجر جديد ..حيث كانت أولى مظاهرات ميدان الأربعين الذي يقع بالقرب منه أحد معارض أبناء إبراهيم فرج والذي ظل كما هو حتى يوم جمعة الغضب، وبالطبع كان أبناء الإمبراطور ضد الثورة ومن يقومون بها، وبالرغم من ذلك لم يقترب منهم أحد، ولأن الشر في القلوب ورصيد الذنوب كبير ،فمع أول أشارة من رئيس مباحث قسم السويس إلي صديقة نجل إبراهيم فرج لبي نداء الشر مساء الخميس مساء 27 يناير، وباعتبار أن العلاقة متينة بين أبناء الإمبراطور ورجال السلطة فالمهم رضاهم.

وتمضي الأحداث ..ليقوم رئيس مباحث السويس بإقناع أبناء إبراهيم أنهم في خطر.. وأن المتظاهرين لديهم خطة لاقتحام قسم السويس ..ولكن قبله سيدمرون معارضهم المجاورة للقسم، ، ليتخذ القرار ..ويتم الاتفاق مع رئيس المباحث على إدخال القناصة إلى منزلهم المجاور للقسم ..وتشتعل الثورة في السويس يوم جمعة الغضب بعد الصلاة، ليخرج الآلاف من كل صوب وحدب ومن مختلف الطبقات إلى الشوارع معلنين سقوط حكم مبارك في السويس، في نفس الوقت الذي كانت خطط الاغتيال تنفذ من منزل رجال الأعمال واتخذت مواقع التنفيذ منه ..وتمر المظاهرات أمام معرض نجل إبراهيم فرج بجوار قسم الأربعين ولا يقترب منها أحد ..ووصولا إلى الشارع الذي يقع في نهايته قسم شرطة السويس الذي يقع بداخله منزل عائلة إبراهيم فرج، يظهر فجأة احد أبناء رجل الإعمال بمدخل الشارع ومعه عدد من الأعراب المسلحين ويتعمد الاشتباك مع المتظاهرين الذين دخلوا إلى الشارع ليفاجئوا بأن كمينا معدا لهم وتنهال رصاصات القناصة عليهم من منزل إبراهيم فرج ليسقط الشهداء مضرجون في دمائهم ..وخلال ساعتين يسقط 18 شهيدا، بحسب تحقيقات النيابة.

وفور انتشار أنباء ما قام به إبراهيم فرج وأولاده بالتعاون مع رجال الشرطة من جرم ، قام الشباب الثائر في كل مكان بالسويس بإحراق معارضه وتدميرها ، انتقاما لأرواح الشهداء ..هذا ما تضمنته تحقيقات النيابة وسجلات التحقيقات بعد القبض على القاتل الذي تساقطت أوراقه في ربيع الثورة