19 - 04 - 2024

الفساد معركة الجميع

الفساد معركة الجميع

لا شك أن الدولة الآن جادة في محاربة الفساد، الذي تراكم لعشرات السنين، و أصبح كالسوس الذي ينخر في عظام الوطن.. و لكن الحقيقة أن الأمر لا يقتصر على كبار الموظفين، و لكن يمتد وبشكل أكبر إلى الصغار منهم، و الذين يبقون لسنوات كثيرة تصل إلى مدة الخدمة كاملة في أماكنهم دون انتقال، مما يتيح الفرصة لتكوين علاقة بينهم و بين المواطنين، حتى يصبح دفع المعلوم أمرا طبيعيا ومتعارفا عليه لتمرير المصلحة، وهذا عن طريق سماسرة يمثلون حلقة الوصل بين الطرفين. 

و لذلك لابد من إحداث حركة تنقلات دورية لجميع الموظفين، الذين يتعاملون مع الجمهور بشكل مباشر مثل التابعين لوزارة التنمية المحلية و الصحة و غيرهم، دون استثاء سواء كانوا صغارا أو كبارا، و تكون في إطار المحافظة نفسها.. هكذا يمكن أن تكون خطوة للقضاء على الأدراج المفتوحة، مع تشديد الرقابة و تغليظ العقوبات.. وذلك لأن الفساد الإداري هو أخطر أعداء الأوطان التي تسعى إلى النهوض. 

وسوف يحقق ذلك فائدة أخرى أيضا، حيث أن بعض القيادات تجد صعوبة بالغة في القيام بعملها كما يجب، بسبب تلك الكتل الثابتة و التي ترى أنها صاحبة المكان، و لها الحق في تسييره كما تشاء.. و إما ينصاع المدير الجديد أو يعيش في معاناة حتى ينقل مرة أخرى، وتكون خسارة في الحالتين. 

و هنا لابد ألا نغفل دور المواطن في الحد من ذلك الأمر، و إنهاء تلك الظاهرة، لأنه شريك أساسي، و في بعض الأحيان يكون سببا مباشرا، وتلك حقيقة لابد من مواجهتها، لأن هناك كثيرا من الناس لا يفكرون في قضاء حوائجهم إلا بتلك الطريقة، ومنهم من يقنع نفسه أنه مرغم، ولولا هذا لتعطلت مصالحة، و هناك من يرى أنها نوع من "الفهلوة و الشطارة" و يسعى جاهدا للبحث عن الفاسد، و يحرص كل الحرص على ضمه لقائمة الأصدقاء المقربين الذي يتباهى بمعرفتهم،  ويطمئن بأن لديه مجموعة كبيرة من الفسدة يمكنه من خلالهم تمرير كل ما يريد، حتى وإن كان ذلك بالمخالفة للقانون. 

ولا يعلم هؤلاء أنهم ينظرون أسفل أقدامهم فقط، بينما يشاركون في انهيار الوطن على المدى البعيد، وكم من دول و حضارات هدمها ذلك الأمر الذي يعتقده البعض هينا.. لأن كل رشوة مؤكد وراءها مخالفة، و ذلك يحدث خللا في المنظومة بلا شك، مما يؤدي إلى زيادة المشاكل، و تفاقمها، وصولا إلى تعقيدها، ومن ثم صعوبة حلها، و أعتقد أننا نعيش ذلك بالفعل في جوانب كثيرة، ونشهده بأم أعيننا.. ربما مازالت الفرصة سانحة للإصلاح، ولكنها ليست كبيرة بالقدر الذي يسمح بالتأخر فيه، و علينا جميعا تحمل مسؤولياتنا شعبا و حكومة على حد سواء.
----------------------
بقلم: السعيد حمدي

مقالات اخرى للكاتب

المصريون نسخة أصلية





اعلان