18 - 04 - 2024

المستشفيات نافذه المواطن علي وطنه،، أيام من الإهمال بمستشفي الدمرداش

المستشفيات نافذه المواطن علي  وطنه،، أيام من الإهمال  بمستشفي الدمرداش

تشعر بالوطن حين تلتقي بمؤسساته وتعاينها عن قرب حين تحتاج إليها ، فالمؤسسات هي من تطل عبرها إلي وجه الزمن والعصر والعالم في وطنك ، ولعل الحالة الصحية للإنسان هي أكثر الحالات توترا حين يكون هو أو عزيز عليه من أسرته بحاجة للرعاية والعلاج والإنقاذ .

ومستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية ومستشفيات التأمين الصحي هي المرآة التي تنعكس عليها صورة المواطن في تقدير هذه المستشفيات ، ويبدو لي أن مستشفي مدينة نصر التي أتعامل معها في التأمين الصحي نموذجا لقهر المواطن وإذلاله وجعله موضعا لعقد العاملين في هذه المؤسسات، الذين يتعاملون مع المواطنين كما لو كانوا متسولين يتسولون من القائمين علي الخدمة في التأمين الصحي الإحسان وليسوا مواطنين بذلوا  وكافحوا وعانوا ودفعوا من رواتبهم ليأتي يوم بلوغهم سن التقاعد فيجدون خدمة صحية كريمة. 

مستشفي التأمين الصحي في مدينة نصر هي مؤسسة للعقاب والسطوة والسيطرة علي المواطنين وإخضاعهم وليست مؤسسات للخدمة والرعاية، وأشعر بالإهانة حين أتطلع إلي وجوه الناس وهم يروحون ويجيئون في أسي وغضب متبرمين أو رافعين أصواتهم بالسخط والدعاء علي من لا يقدم لهم الخدمة في سهولة ويسر 

وفي مستشفي عين شمس التخصصي وهي مستشفي جامعي دخلت زوجتي الصحفية يوم الخامس من شهر يونيه الماضي بالطوارئ أولا ثم قسم الصدر، وأصر مسئولو القسم علي إخراجها دون بيان الأسباب وإنما بما يشبه القهر  والطرد والخداع وكانت حالتها خطيرة، وفي الطوارئ تعرضت للإهمال والإهانة .

أما الكارثة الحالية التي نواجهها- لحظات كتابة هذه الكلمات -  فهي مستشفي الدمرداش  بقسم طب المسنين ، وقد فكرت أن مستشفي الدمرداش لديها تقاليد ونظام وأن قسم طب المسنين سيكون فيه رعاية للمسنين أوسع من مجرد العلاج كأن يكون هناك مثلا متنزهات للمشي أو أماكن للعلاج الطبيعي لتنشيط ما ذبل من الجسم أو مراعاة الجانب النفسي للمريض المسن ، وتواصلت مع الأطباء هناك رئيسة القسم د. هاله سويد والأستاذ بالقسم د. محمد مرتضي ورحبوا بالحضور إلي هناك وكنت أرسلت ابني من قبلها ليري الوضع حتي لا نفاجأ بما ليس في الحسبان ، فذكر لي ابني أن الاستقبال هناك مأساوي بمعني الكلمة، الناس ملقاه علي الأرض والحال أشبه بمستشفيات الحروب والمآسي الكبري ، فكدنا نتخذ قرارا بالذهاب لمستشفي آخر واتصلت بالدكتور مرتضي الذي كان متواصلا معي فقال إننا  لن نذهب للاستقبال  وسيكشف علي الحاله طبيب في قسم المسنين . 

وهو ما جعلني أتراجع عن الذهاب لمستشفي آخر ، ودخلنا بزوجتي الصحفية إلي القسم وكشف عليها طبيب ليعرف حالتها ثم قال اذهبوا إلي الاستقبال لعمل الأشعة وستعودون فورا 

وهنا كانت المأساه الكبري ذهبنا لاستقبال الباطنه بمستشفي الدمرداش ولم نخرج من المستنقع الذي تردينا  فيه، وكان أشبه بفخ وقعنا فيه، وحالة زوجتي في منتهي الخطر ،  والمكان مزدحم جدا والناس متقاربة  والفوضي تدب في كل أرجاء  المكان ، وظلت زوجتي ذات  الرئتين المصابتين من الساعة الثانية عشرة ظهرا  وحتي  الثانية عشره ليلا  في هذه المأساة تحت ظن أن دكتور الأشعة "شايف إن فيه ميه علي الرئتين ولا بد أولا من بزلها "، حاولت التفاهم علي إدخالها للحجز والراحة ثم عمل الاجراءات  التالية بلا جدوي، ولا أحد يتخذ قرارا سوي أطباء يدورون في ساقية أكبر من قدراتهم علي التأمل والفهم واتخاذ قرار صواب. 

إنني أعتبر ما جري لزوجتي بتركها في حالتها الصحية الخطيرة في استقبال الباطنة بمستشفي الدمرداش يوم السبت الماضي 3 يوليو لأكثر من 12 ساعة، جريمة تتحمل مسئوليتها الدكتورة التي أحالنا عليها قسم المسنين في مستشفي الدمرداش واسمها الدكتوره " ياسمين " وهي تعمل في القسم ، والدكتور محمد مرتضي الأستاذ بالقسم والدكتوره هالة سويد رئيسة القسم .

وفي الساعه الثانية عشره ليلا ، دخلوا للقيام بعملية البزل للمياه علي الرئه بقسم المسنين لكنهم فوجئوا أن ذلك ورم وليست مياه ، فلا نحن حافظنا علي حماية المريضة بنقلها للحجز أولا، ولا نحن كان تشخيصنا صحيحا ، خاصة وأن التاريخ المرضي يشير إلي أن ذلك ورم وليست مياه، كما كان شخص قسم الصدر بمستشفي عين شمس التخصصي  من قبل يوم 5 من شهر يونيه .

كل ذلك بسبب الخوف من المسئولية كما زعمت الدكتوره المعالجة في الاستقبال ، والخوف علي نفسها ومن المسئولية يجعلها تضحي بالمريضة حتي تموت في ظل وضع مأساوي بمعني الكلمة وعلي كافة المستويات .

دخلنا مستشفي الدمرداش قسم المسنين أخيرا  لنفاجأ بأن أمن فالكون وقرارات الزيارة لا تسمح سوي بمرافق واحد كل 12 ساعه ، وأن المسئولين عن الأمن هم العضله الحية التي تعمل للمنع والملاحقة وتعقب أقارب المرضي ، أما بقية العاملين من الأطباء والممرضين وعاملي وعاملات النظافة، فإنهم لا يعملون إطلاقا .

حجزنا غرفة 401 ودخلتها المريضو والغرفة غير نظيفة والحمامات كارثة والسراير لم يتغير فرشها ، ولا يوجد كرسي للمرافق وأن التكلفه للغرفة الخاصة هي ( ألف جنيه ) في الليلة، متخيل المبلغ في مستشفي جامعي ، ومع ملاحقة رجال الأمن الحرس من شركة فالكون وتعبنا طول اليوم ومحاولة دخول الحجرة غير النظيفة والعمال غير المبالين والبيروقراطية المتواطئه المغشوشة والغاشة والمترهلة تم النقل لحجره أخري رقم  402 ولازلنا نواجه المأساة حتي اليوم. 

لا يمكننا مقابلة الأطباء ، ولا يمكننا أن نزور المريضة ، ولا يمكننا معرفة خطة العلاج ولا يمكننا معرفة أي شئ، لأن ذلك صعب بسبب القيود البيروقراطية التي كبلت روح هذه المؤسسة التي تخدم المسنين ، هي لا تخدمهم ولكنها تعاقبهم و ذويهم ولا تقدم لهم أي خدمة ، حتي خدمة الإسعاف لا تقدمها مستشفي الدمرداش لمرضاها ، يدوخ أهل المريض للتواصل مع الإسعاف حتي يمكنه الوصول إليه ، ولا أعرف سببا أن يكون الإسعاف في الدمرداش داخل المستشفي فقط  . 

كمواطن حين تشعر في لحظة الحاجة الصحية الصعبة لوجود مؤسسة صحية تساعدك، فإنك لا تجد إلا مؤسسات مترهلة وأطباء فاقدي القدرة علي الإبداع والإدارة والفهم واتخاذ القرار، ولا أعرف لماذا مستشفي الدمرداش بهذه الصورة رغم أني كنت أظنها مستشفي تعكس روحا للنظام والدقة والكفاءة، فإذا بها تعبير عن روح عقابية وتعقبية من قبل شركة فالكون التي تطارد الزوار وأقارب المرضي وإذا بها تعبر عن كسل إداري مريع ومؤلم وإذا بها تعبر عن أطباء بلا قلب ولا حساسية ولا شعور بالمرضي 

حين يشعر المواطن بأن مؤسسات وطنه الصحية لا تسعفه، فإنه لا يملك إلا أن يفوض أمره إلي الله وينظر إلى السماء طالبا الشفاء من رب العباد، بعد أن ضاق ذرعا وصدرا من أن تكون تلك المؤسسات الصحية سبيلا لتحقيق غايته أو لتحقيق هدفها ووظيفتها 

ولله الأمر من قبل ومن بعد 
-----------------------------------
بقلم: د. كمال حبيب * 
كاتب صحفي وأكاديمي متخصص في العلوم السياسية وعلم الاجتماع الديني 

مقالات اخرى للكاتب

عن الحجاب والنقاب والإسدال والخمار في مصر





اعلان