19 - 04 - 2024

من أمن العقاب أساء الأدب في وادي النيل

من أمن العقاب أساء الأدب في وادي النيل

من أمن العقاب أساء الأدب. رئيس وزراء إثيوبيا جزار إقليم تيجراي الذي لم يتم ردعه حتى الآن يتنطع بوعيد جديد أنه سيبني 100 سد. لقد بُني سد النهضة لتوليد الكهرباء أساساً وتكمن المشكلة في حجم خزانه الضخم، وعدد سنوات الملء، ومستوى أمانه وضرورة التأكد من إدارته بصورة لا تضر مصر والسودان، فضلا عن خطورة التحكم الإثيوبي الفردي فيه الذي يضع مصر والسودان تحت رحمة إثيوبيا وبخاصة في سنوات الجفاف. أما السدود الجديدة فهي أصلا لحجز المياه التي تعتمد عليها مصر والسودان وهي مياههما بحق الحياة المعتمدة عليها وبحق التدفق والاستخدام التاريخيين. وهذا الحجز ليس بغرض توليد الكهرباء بل لاغتصاب تلك المياه واستخدامها محليا على حساب الحقوق التاريخية للدولتين.

والنيل الأزرق يتلقى إيراده من المئات من مخرات السيول وليس من روافد كبيرة، فمن بين 50 مليار متر مكعب يخرج بها من الحدود الإثيوبية سنويا هناك 3,8 مليار متر مكعب فقط من بحيرة تانا ورافدها الرئيسي (الآباي الصغير)، والباقي من مخرات السيول، وحتى رافدي الرهد والدندر اللذان يصبان نحو 4 مليارات متر مكعب إضافية في النيل الأزرق داخل حدود السودان فإن منابعهما تتمثل في عدد من مخرات السيول التي تبدأ من إثيوبيا وتستمر في تلقي إيرادات مائية من داخل السودان.

وبصفة عامة فإنه لو أقيمت سدود على مخرات السيول المغذية للنيل الأزرق فإن إثيوبيا ستتحكم فيما يصل إليه من مياه ليصبح لديها تحكم مزدوج البوابات (السدود الصغيرة وسد النهضة) في مياه مصر والسودان التي شاء القدر أنها تنبع من الهضبة الإثيوبية. 

ولم تنزع الحضارات القديمة والأكثر قوة وتقدما في مصر والسودان لمد سيطرتها لتلك المنابع لأنها لم تتعرض لأي عوائق في التدفق آنذاك حيث لم يسمح مستوى التطور التقني ببناء سدود لحجز مياه الأنهار الكبيرة إلا بداية من القرن الماضي. أما الآن وقد بدأ العدوان الإثيوبي على شريان حياة ووجود مصر بصورة خارجة على القوانين والأعراف الدولية، فإن الدولة والشعب في مصر أمام اختبار تاريخي، ووحدها الأمم والدول الحية هي التي تستطيع مواجهة التحديات التاريخية ومعالجتها سلميا إن أمكن، والعصف بها بالقوة إن تعثرت الحلول السلمية العادلة وسادت نبرة التهديد والوعيد والتنطع كما يفعل جزار تيجراي وعصابته الحاكمة في أديس أبابا وهم بحاجة حقيقة لمن يلقنهم درسا لإدراك أن من يسئ الأدب ويعتدي على حقوق من هم أكبر وأكثر قوة وتطورا لن يأمن العقاب.
-----------------------
بقلم: د. أحمد السيد النجار

مقالات اخرى للكاتب

من المقالة للاستقالة





اعلان