20 - 04 - 2024

مؤشرات | يا أستاذة "التعليم باظ"

مؤشرات | يا أستاذة

وأنا أتابع حالتي الصحية من تداعيات الفيروس الملعون "كورونا"، في المستشفيات والمراكز الطبية والتحاليل ورغم الآلام المبرحة في كل أجزاء جسدي، جذب إنتباهي كلام بعض رواد هذه الأماكن حول التعليم، وما أصابه من مرض في ظل كورونا، والقرارات المنقوصة والسريعة التي تسببت في حالة ارتباك داخل الأسر.

قد يكون قرار إنهاء العام الدراسي على عجل في أبريل، له ما يبرره من مخاوف على أبنائنا وأحفادنا من هذا الفيروس الذي دخل مرحلة خطيرة، وتهدد الأرواح ليس بين الكبار فقط، بل الصغار أيضا، وأصبحت العدوى منتشرة، إنتشار النار في الهشيم.

هذا صحيح والخوف والحرص مطلوبان، وإن كان البعض، بمن فيهم كبار المسؤولين لا يرغبون الإعتراف بهذا، إلا أن قضية التعليم، ما زالت في مهب الريح، وتخضع لقرارات عشوائية، ومعالجات منقوصة.

ولفت مسامعي كلمات تقولها إحدى السيدات وواضح أنها تعمل في مجال التعليم عندما ردت على من تتحدث معها "يا أستاذة .. التعليم باظ"، ومر عامان دون تحصيل أي شئ، والعيال "تقصد التلاميذ" لا يعرفون كتابة أسمائهم، وعليه العوض، ومنه العوض.

أدركت عند سماعي هذا الكلام وغيره، أن وزارة التعليم ومن عليها يعيشون في وهم، وفي تقارير مختومة بشعار "كلهم تمام يا فندم"، وان الحقيقة على أرض الواقع شئ آخر، وهؤلاء المسؤولين ليس لهم علاقة بهذه الحقائق، وشعرت بحجم الجُرم الذي نرتكبه ضد أولادنا.

أعرف أن الخطر كبير والخوف من المسؤولين وأولياء الأمور على أبنائهم من الطلاب كبير، ولكن من الواضح أن المبدأ هو الأخذ بالحلول السريعة، وتكبير "الجمجمة"، والقرار المفاجئ بإنهاء العام الدرسي في 30 أبريل، أو قل في 28 أبريل جاء في إطار شعار "ريح نفسك"، واتضح أن فكرة التعليم عن بعد في سنوات النقل تجربة فاشلة بالثلث، وكل ما قيل عن الدراسة "أونلاين" مجرد طنطنة حكومية.

الغريب في الأمر أن أولياء أمور الطلاب في المدارس الدولية في مصر وأحفادي منهم، غاضبون من أن القرار بوقف الدراسة وإنهاء العام الدراسي لم يشمل أبنائهم، وكأننا في "زفة" لم تمر في شوارعهم، ولم يدركو الخطر، على النقص والتدهور التعليمي الذي سيعاني منه الطلاب لسنوات.

وكان علىّ أن أسال من هم أهل الإختصاص في التعليم، بشأن ما درسه الطلاب على مدى عام دراسي وليس عامين دراسين هما عمر ابتلائنا بفيروس "كوفيد -19"، وكانت الإجابات مفزعة جدا، فمتوسط التحصيل لا يتجاوز الـ30% في أحسن الأحوال، وأن كان الوضع أفضل في بعض المناطق الريفية التي اعتمدت على مجموعات التقوية، والدروس الخاصة، كبديل للمدارس، والإبتعاد عن التجمعات الكبيرة من الطلاب، ولا يمكن القياس على نتائج ودرجات الطلاب، والتي هي مشكوك فيها أصلا، لأسباب تتعلق بقضية مساعدة الطلاب "التغشيش، وليس الغش" خلال الإمتحانات، وهو واقع، واقرار مبدأ "من حضر الإمتحانات ناجح".

ويضاف إلى ذلك وهو الأخطر أن حجم ما تم دراسته من مناهج يكاد يكون معدوما في بعض المواد، بل هناك مواد لم يحضرها أحد، وبالتالي فإن معيار الإمتحانات المُجمعة هي مجرد شكل لإستكمال "الصورة" التعليمية في زمن كورونا، بينما الأمر الأساسي وهو التحصيل العلمي ذهب مع كورونا، وليس الريح.

لب المشكلة با سادة هي في الجهات التعليمية والتي لم تنظر بجدية إلى قضية التعليم "أونلاين"، والتي اتبعهتا دول ليس في العالم الغربي بل في عالمنا العربي، ولكن من خلال فريق متخصص، وهيئات تدريس مؤهلة، وتمتلك المعرفة بأنظمة هذا التعليم المستجد، ووجود فصول  دراسىية "إفتراضية" بالصوت والصورة، وليس حالة الوهم "الوزاري" التي نسمعها.

القضية تتطلب من الآن صورة أكثر وضوحا للتعليم "أونلاين" في السنوات المقبلة، فالمؤشرات تؤكد أن فيروس كورونا، أصبح مرضا مستوطنا، والتعايش معه تفرضه الحاجة، ولابد من اتخاذ الأمر بجدية ونختار من هيئات التدريس من لديهم القدرة والإستعداد لهذا النوع من التعليم، أما فكرة التدريب الوهمية الحالية، لا معنى.

إدرسوا يا سادة تجارب دول الجوار وتعلموا بدلا من التجريب في أبنائنا وأحفادنا.
------------------------------
بقلم: محمود الحضري
(من المشهد الأسبوعي)

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أمريكا وتاريخ سيء مع القضية الفلسطينية





اعلان