23 - 04 - 2024

عجاجيات | مصر الرمضانية

عجاجيات | مصر الرمضانية

عشت رمضان بكل تفاصيله منذ أن وعيت على الدنيا فى ستينيات القرن الماضى.. عشت رمضان فى عز الشتاء، وعشت رمضان فى عز الصيف.. عشت رمضان فى حارة السقايين التى كانت تستقبل رمضان بالزينات والتعاليق والكهارب.. وعشت رمضان فى القاهرة والرياض والجزائر العاصمة وأبو ظبى.. عشت رمضان فى زمن الكنافة المطهية على وابور الجاز وعشت زمن الكنافة بالمانجة والنوتيلا... عشت رمضان فى زمن صدارة الراديو وعشت رمضان في أيام التليفزيون الأبيض والأسود والقناة الاولى والثانية وفقط، وعشت رمضان فى زمن الفضائيات والقنوات التى يصعب حصرها..

استمعت فى سنوات الطفولة والشباب الأولى بفوازير آمال فهمى الإذاعية، وفوازير سمير غانم ونيللى وشريهان التليفزيونية.. عشت أمتع اللحظات وأنا أتابع ألف ليلة وليلة عبر الاثير وصوت الفنانة القديرة زوزو نبيل.. وتابعت بشغف مسلسل ليالى الحلمية بأجزائه للراحلين الكبيرين أسامة انور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ

تداعت هذه الذكريات وأنا اتابع ما تيسر من مسلسلات ودراما رمضان هذا العام... أعترف أننى مشاهد بالصدفة انصياعا للريموت كنترول.. بعض الأعمال شدتنى لسبب أو لآخر، فأصبحت أتابعها مع سبق الاصرار والترصد... كم هائل من الأعمال الدرامية ولا بأس فى ذلك، فصناعة الدراما من عناصر قوة مصر الناعمة ومن جسور التواصل مع أشقائنا العرب فى المشرق والمغرب العربى.

السؤال الذى شغلنى هل ما يقدم على شاشات الفضائيات يعبر حقا عن مصر وعن الإنسان المصري والشعب المصري.. لعل سبب السؤال كم العنف فى دراما هذا العام وتدنى لغة الحوار فى بعض الأعمال، مما فرض سؤال هل وظيفة الدراما إبراز أسوأ ما فينا (يستثنى من ذلك مسلسل الاختيار ٢ الذى يمكن توصيفه بأنه دراما تسجيلية لصفحات من تاريخنا المعاصر)

أما الإعلانات فى رمضان، فجزء كبير منها يقول أن مصر ليست واحدة .. هناك مصر المنتجعات والكومبوندات والأندية الفاخرة والملابس المتحررة والكلاب التى تركب السيارات الفارهة... وهناك مصر عموم الشعب المصري أو مصر الشعبية، مصر السقايين والسيدة زينب والطالبية وفيصل ومنشية البكاري، التى تختلف كثيرا عن مصر زد التجمع وزد زايد وماونتن فيو والقطامية هايتس وأبراج العلمين... هذا بخلاف كم هائل من الإعلانات التى تحث على التبرع وخاصة لمنشأت طبية... الشاشات تقدم لنا مصر شديدة الثراء، وتقدم لنا مصر التى تلح فى طلب المساعدة أو بالأحرى مصر المرفهة ومصر المرهقة...

المقارنة بين رمضانيات الماضى فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ورمضان الحاضر بالنسبة لى تؤكد أنني من صنف البشر الذى يعانى من النوستالجيا او بالأحري الحنين للماضى، مع إدراكى التام أن ما مضى لن يعود، وأنه من الصعب أن نقول للزمان: ارجع يا زمان.
-----------------------
بقلم: عبدالغني عجاج
(من المشهد الأسبوعي)

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | ورحل الفتى علوان





اعلان