27 - 04 - 2024

ترنيمة عشق| أَقصَانا.. بَوَارِقُ الأَملِ أَم أَضغَاثُ أَوهَام ؟

ترنيمة عشق| أَقصَانا.. بَوَارِقُ الأَملِ أَم أَضغَاثُ أَوهَام ؟

بكيتُ حتى انتهت الدموع 

صلّيتُ حتى ذابت الشّموع 

ركعتُ حتى مَلّني الركوع 

سألتُ عن محمّدٍ فيكِ وعن يسوع 

يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء 

يا أقصر الدُّروب بين الأرض والسّماء 

يا قدس يا منارة الشّرائع 

يا طفلة جميلة محروقة الأصابع 

حزينةٌ عيناكِ يا مدينة البتول 

يا واحة ظليلة مرّ بها الرّسول 

حزينةٌ حجارة الشّوارع 

حزينةٌ مآذن الجوامع 

يا قدس يا جميلة تلتف بالسّواد 

مَنْ يقرع الأجراس في كنيسة القيامة 

صَبيحة الآحاد؟ 

مَنْ يحمل الألعاب للأولاد 

في ليلة الميلاد؟ 

يا قدس يا مدينة الأحزان 

يا دمعة كبيرة تَجول في الأجفان 

مَنْ يُوقف العُدوان. 

عليك يا لؤلؤة الأديان؟ 

مَنْ يَغسل الدّماء عن حجارة الجدران؟ 

مَنْ ينقذ الإنجيل؟ 

مَنْ ينقذ القرآن؟ 

مَنْ ينقذ المسيحَ ممن قتلوا المسيح؟ 

مَنْ يُنقذ الإنسان؟ 

يا قدس يا مدينتي 

يا قدس يا حبيبتي 

غدًا..غدًا سيُزهِر الليمون 

وتفرح السّنابل الخضراء والزيتون 

وتضحك العيون 

وترجع الحمائم المهاجرة 

إلى السّقوف الطّاهرة 

ويرجع الأطفال يلعبون 

ويلتقي الآباء والبنون. 

على رُباك الزّاهرة 

يا بلدي 

يا بلد السّلام والزّيتون 

"حزينةٌ حروفك يا نزار"؛ ما علينا؛ فقد اعتدنا اجترار الأحزان ثم نواصل حياتنا نلهو ونتلهى! 

لكنّي في أيامنا المباركة هذه يا حبيبي يا رسول الله -عليك أفضل الصلوات وأتم التسليمات والتبريكات- يا نبيّ الرّحمة والإنسانية، سأعطيك تقريرًا صحفيًّا مختصرًا (فتلك مهنتي) عمّا حاق بأقصاكَ الذي أمرتنا أن "نَشدّ إليه الرِّحال"؛ ها قد استمعنا لِنُصْحِك؛ لكنَا غَيَّرْنا فقط "حرف الجر"! الأمرُ هينٌ بسيط أليس كذلك؟! فلطالما غَيّرنا وبَدّلنا وتنازلنا؛ حتى صار كل شيء علينا هَينًا؛ بما في ذلك شَرفُنا وعِرضُنا، أضحينا: نَشُد "عنه" الرِحال؛ فهل تغيرت معنى الجُملة بتغير حرف الجر، أم تغير حال الأُمّة؟! 

إليك إذن غَيضٌ من فَيضٍ؛ فطبقًا للإحصاءات "الرّسمية" لعدونا؛ يقبع في أَسْرِه أكثر من ثمانية ألف فلسطيني، منهم نحو سبعمائة طفل -يُحاكمون مُحاكمة عسكرية- وكذا مِئة فتاة وامرأة.. "تخيل مايُفعل بهن وبِعِفَّتِهِنّ"! 

تحت القدس والمسجد الأقصي؛ عشرات الحفريات والأنفاق والأساسات لزعزعة جذوره؛ حتى إذا ما جاء زلزالٌ بسيط (أوَ لم يجئ بعد؟!) تهدّمت المباني بشكلٍ يبدو طبيعيًّا، ليقيموا هَيكلهم المزعوم، بعد أن سقطت هَيبتنا نحن العرب وبَقِي هيكلنا!  

يتم تَهويد القدس؛ بتغيير أسماء الشّوارع بلغة عِبرية غير شريفة، وتُرفع الشعارات اليهودية على أسوار القدس، ويُمنع الفلسطينيون من العمل كمرشدين سياحيين؛ حتى لا يقصّون حكاية مدينتهم وتاريخها المقدّس في سِجل السّماء. 

يستولون على ممتلكات الفلسطيني، ثم يجبرونه على هدم بيته وإعادة بنائه وطلائه بيده؛ ليسكن فيه مستوطن يهوديّ يستقوي بسلاحه! ولله در الفلسطيني فمَن علّمه هذا الجَلَد؟! 

تُبَدَّل المناهج التّعليمية والرّسائل الإعلامية الفلسطينية جبرًا وقسرًا؛ وتختفي خرائط حملت يومًا اسمًا أو عَلمًا أو تاريخًا عربيًّا إسلاميًّا، ليُدَرّس مكانه كُتب تَسِمُ العربي بـ "الإرهابي النَّجِس الذي لا يستحم مدة ستة أشهر"!! وأنّ اليهوديّ إذا أراد التقرب للرّب؛ فعليه أن يقتل عربيًّا.. تلك عقيدتهم الفاسدة! 

يُطرَد المقدسيون من منازلهم وكنائسهم ومعابدهم؛ وتُسلم للمغتصبين، وتُسَن قوانين تَستبعد نحو أربع وعشرين ألف مَقدسي إذا تزوج من خارج المدينة، أو سافر للدّراسة أو العمل بالخارج، أو كان لديه مسكن في مدينة أخرى! 

تُبقَر بُطون الأمهات في الشوارع، وتُكسر عِظام الصّبية والفتيان، ويُصْطادون -على سبيل التّرفيه والمزاح وتزجية الوقت- ببنادق الغاصب الغاشم كما العصافير على الأشجار.

تُهدم المقدّسات، وُتتلف مئات الآلاف من الكتب والمجلّدات التّاريخية القَيّمة، ويُحول الحرم القُدسي إلى مراحيض ومخازن أسلحة ومحلات خمور وبيوتٍ للدّعارة.

يُتَحرَّش بالفتيات والأمهات؛ فيُشَد الحجاب، وتُنزع الثّياب؛ وحَال اعتراضهن.. فالمُعتقل هو المأوى والمصير! 

أمّا عن أحدث أدوات الحروب التكنولوجية التي يُجابِهون بها أطفالًا يتسلحون بحجارة من طين؛ فالأمر شرحه يطول لا سيما وأنّ الضمير العربي مشغولٌ مشغول! 

حتمًا يا سيدي وحبيبي؛ يا رسول الله حين تقرأ "تقريري الصحفي" هذا المُوجَز جدًا والمُختزِل للوجع بشدّة؛ لن تكون متباهيًا بأُمّتِك، بل سَتُلقي به -حَسْبَ أفضل تقديراتي- في غَياهب جُبِّ النِسيان حَزَنًا وأَسَفًا؛ بعد أن تَبْيض عيناك من الحُزن وأنت الحليم الكظيم؟ 

.. تُراني سآتيك ذات يومٍ؛ ذات فَخْر؛ ذات عزٍ؛ أُلقي على عينيك ووجهك يا حبيبي قميص العِزّة؛ أُبَشِّرُك بأقصانا؛ فيرتد إليك فَرحُك ومباهاتك بنا أمام الأمم الأخرى قبل يوم القيامة؟! أم أبقى أسيرة أضغاث أوهام؟ أقول وأنا أستغيث ربّي: لا تحزن؛ فَبَوارق الأمل في الأجيالٍ القادمة أَتَسَمّعُها تهتف فِي: سنرجع يومًا إلى أقصانا حتى يغدو أدنانا.
---------------------------
بقلم: حورية عبيدة

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | جامعات الغرب تُلبي نداء غزّة





اعلان