25 - 04 - 2024

شاهد على العصر (36) أزمة غياب التنظيم الثوري والتشتت الذي سهل مهمة الإخوان

شاهد على العصر (36) أزمة غياب التنظيم الثوري والتشتت الذي سهل مهمة الإخوان

فى مساء ١١ فبراير٢٠١١ أعلن عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية تخلى حسنى مبارك عن الحكم وترك القيادة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. فهل هذا التخلي يعنى نجاح الثورة ؟ والأهم هل الأحداث حتى هذه اللحظة تعنى أن ماتم ثورة أم ماذا؟ هنا سنترك التعريف مؤقتا للعلوم والنظريات السياسية. 

من المعروف أنه لا يوجد مايسمى بالنظرية  السياسية التى يمكن أن تطبق على واقع سياسى فى بلد ما لانه قد تم تطبيقها فى بلد آخر ونجحت، ولكن مايتم فى أغلب الأحيان هو أن يقع الحدث السياسى فى هذا البلد او ذاك حسب الظروف الذاتية والموضوعية التى أحاطت وساعدت على حدوثه، ثم يتم قراءة تلك الوقائع وتكون بعد ذلك حالة التنظير، أي توصيف الأحداث والنتائج إذا كانت ثورة أم إسقاطا لنظام الحكم أو ثورة مضادة أم انتفاضة شعبية. 

فالثورة هي تغيير النظام فى كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى الأحسن ولصالح الأغلبية الغالبة من جماهير الشعب، أما الانقلاب فهو أن تكون هناك قوة فعلية قادرة على تنحية وإسقاط نظام الحكم واستبداله بنظام آخر بدون تغيير للأحسن فى كل المجالات، أى تغيير حاكم بحاكم آخر.

أما الثورة المضادة فهى إسقاط النظام الحاكم وتغيير المجالات كل المجالات إلى الأسوأ وفى غير صالح أغلبية الشعب. 

والانتفاضة الشعبية هى حركة الجماهير التلقائية نتيجة لسوء ودمار الظروف الموضوعية للجماهير للمطالبة بإصلاح هذه الظروف للأفضل دون تغيير النظام حتى لو تم استبدال الشخصيات الحاكمة، أي هي محاولة الحصول على حالة إصلاحية وليست ثورية. 

وفى كل تلك التنويعات لا يتم شئ منها بغير إنضاج الظرف الموضوعي، فهل كانت الظروف الموضوعية لنظام مبارك قد نضجت للقيام بالتغيير المطلوب، حتى يكون هناك تغيير من أي نوع؟ نعم لقد كان نظام مبارك ومنذ العشرية الأخيرة له قد فقد شرعيته الجماهيرية ،نتيجة لكثير من المتغيرات والأحداث السلبية المتراكمة من ارتفاع الأسعار وضعف المرتبات والأجور فزادت الوقفات الاحتجاجية والمطالبة بزيادة الأجور لمواجهة المتطلبات الضرورية للحياة حتى وصلت الأمور لحرق بعض المواطنين أنفسهم وأمام مجلس الشعب. كذلك سوء توزيع الناتج القومي، انتشار الفساد الاقتصادى والسياسى والإدارى حتى أصبحت الدولة دولة فساد وليس فساد دولة، أيضا بيع القطاع العام وما صاحبه من إهدار للمال العام، البطالة التى زادت مع تزايد عدد السكان.. ضعف التعليم وانخفاض أعداد العمالة المهنية.. قانون الطوارئ.. ضعف الأحزاب السياسية الحقيقية، والورقية التى أصبحت تقوم بدور المحلل السياسى والديمقراطي للنظام.. عملية التوريث.. إهدار واسقاط القانون وعدم تطبيقه بلا استثناء حتى تم انتشار تعبير (انت موش عارف أنا ابن مين؟).. تزوير الانتخابات.. سقوط القيم الاجتماعية والأخلاقية نتيجة لكل هذه السلبيات. 

كل هذه الأمور والسياسات والقرارات الخاطئة والخطيرة أنضجت تماما مايسمى بالظرف الموضوعى ، مما يجعل أي تحرك جماهيرى جاهز للظهور. ولأنه كانت قبل ٢٥ىيناير وتهيؤ الظروف الموضوعية للحركة الجماهيرية ، كان هناك شباب وطنى حتى ولو كانت هذه الوطنية تلقائية بدون درجات عالية من الثقافة والوعى السياسى. 

كان هناك شباب مجهز ومدرب فى الداخل (والخارج) وقد جرب الفكرة عام ٢٠٠٨ فى مدينة المحلة الكبرى، ثم جاءت حادثة خالد سعيد لتمنح الشباب زخما تم استغلاله من مواقع السوشيال ميديا (وقد شاركت جماعة الإخوان فى هذا الزخم فى إطار مشاركتها المحسوسة فى الحركات الاحتجاجية) طوال شهور، فتحول خالد سعيد إلى أيقونة ساعدت على دغدغة أحلام عشرات الآلاف من الشباب النقى والبرئ والمؤمن بوطنه والمتمرد بطبعه، والذى يريد تغيير الواقع بعد أن أصبحت مشاكله غير قابلة للتحمل أو السكوت، تلك المشاكل التى شملت كل مناحى الحياة من صحة وتعليم وعمل...الخ. 

ولذا كان من الطبيعى نزول الشعب التلقائي الذى وجد في مظاهرات يناير حالة من حالات التعبير عن المكبوت والمتراكم خلال ثلاثة عقود، ولكن إذا كان الأمر كذلك لماذا لم تنجح الثورة؟ 

الثورة، أي ثورة لابد لها أن يتوافر لها الظرف الذاتى مع الظرف الموضوعى، والذي يتمثل في وجود تنظيم ثوري يمتلك الكوادر والمنهج والفكر والبرنامج الذى يتم تطبيقه بعد مساندة الجماهير لإسقاط نظام الحكم، حتى يتحول إسقاط النظام واستبداله بنظام حكم ثورى يطبق البرنامج الثورى الذى يحدث التغيير إلى الاحسن فى كل مناحي الحياة ولصالح الجماهير. هنا هل هذا يعنى غياب ذلك التنظيم الثورى؟ نعم لم يكن هناك تنظيم بالمعنى الذى يعنى وجود برنامج متفق عليه من كل القوى الثورية أو قل السياسية التى نزلت الميدان باعتبارها نخبة سياسية وليست قوى ثورية، والأهم أنه فى غياب التنظيم الثورى والبرنامج الثورى الذى كان يجب التفاف حوله نزل أصحاب المؤامرة مختلفين بقوى تمارس العمل السياسى على أرضية ذاتية وشللية فى إطار حياة حزبية خاوية المضمون فاقدة الطريق. فكان الطريق ممهدا لجماعة الإخوان التى رفضت النزول فى البداية حسب الاتفاق مع النظام والأمن، وحينما حانت اللحظة كانت جمعة الغضب فى ٢٨ يناير لنشر الفوضى. 

ولذلك كانت الاحداث تتسارع واستغلال الظروف يتصاعد فى غفلة من الشباب النقى وفى وجود نخبة سياسية يغيب عنها الموضوعى ويتعمق لديها الذاتي، ومن ظواهر هذا وبعدما أصبح المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو صاحب السلطة الحقيقية، وبعد ما قام اللواء محسن الفنجرى بأداء التحية العسكرية لشباب الثورة الذين هم فى الميدان، تحولت الأمور وترسخت الأوضاع، فكانت المغازلات والصراعات والتوجهات والمؤامرات والتطلعات وإدارة الدولة واتخاذ القرارات تتم كلها فى الميدان وباسم الميدان. 

وجدنا وفى رسالة عالية الصوت وإشارة فاقعة اللون وصول الشيخ يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين وعضو جماعة الإخوان السابق) إلى ميدان التحرير فى ما سمى بجمعة النصر فى ١٨ فبراير ٢٠١١، وكان لهذا دلالة مابعدها دلالة خاصة أن حرس القرضاوى ويتقدمهم محمد البلتاجى كانوا قد منعوا صعود وائل غنيم إلى المنصة فى ميدان التحرير. ودلالة هذا (وبعد أسبوع من إسقاط مبارك) هو إعلان الجماعة سيطرتها على المشهد ونسبة هذا النصر إليها، خاصة أن وائل غنيم حينها كان يشار إليه فى الإعلام بأنه رمز الشباب وأيقونة الثورة. 

فى ٣ مارس ٢٠١١ كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة عصام شرف بتشكيل الحكومة خلفا لأحمد شفيق، وكان عصام شرف وزيرا للنقل والمواصلات فى وزارة أحمد نظيف من ٢٠٠٤ وحتى استقالته من الوزارة بعد حادثة قطار قليوب، وأدى عصام شرف اليمين فى ميدان التحرير. 

هنا يقول شادى الغزالى أحد قيادات (ائتلاف شباب الثورة): (طرحنا اسم عصام شرف لخلافة أحمد شفيق خلال لقاء الأحد الماضى مع المجلس العسكرى وكان اختيارنا له على أساس أنه رجل تكنوقراطي وفى منتهى النزاهة!!) وهذا يعنى أن الميدان قد أصبح صاحب القرار الفعلى حتى شاهدنا مئات الائتلافات التى تطلق على نفسها (الثورية ) لمجرد وجود هؤلاء الشباب فى الميدان. حتى أن هذه الائتلافات الثورية كانت تسيطر على فضاء وسائل الإعلام بكل قنواته الخاصة والعامة وكذلك الصحافة حتى أصبح كل شاب لايعنيه غير الظهور الإعلامى، لدرجة أن أعلن أحد الشباب فى هذه الائتلافات فى مؤتمر عام يحضره الآلاف فى قاعة المؤتمرات قائلا: (على كل من وصل سنه فوق الخمسين أن يعتزل الحياة السياسية والعامة!). شاهدنا كثير من التجمعات فى الميدان تطرح قائمة بما يسمى (مجلس الرئاسة) أي من يقومون بديلا عن موقع رئيس الجمهورية، وكان من نصيبى أن طرح اسمى فى إحدى هذه القوائم، الأهم أن المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان السابق كان قد طرح عشرة اسماء منتقاة حسب وجهة نظره لمجلس الرئاسة فى حديث له بصحيفة المصرى اليوم، وكان اسمى ضمن هؤلاء العشرة. 

هذه الأرضية مهدت الأمر لجماعة الإخوان، حيث أنها جماعة منظمة فى ظل أحزاب ورقية، جماعة تستغل العمل الاجتماعى طوال الوقت لتحويل الخريطة الاجتماعية إلى خريطة انتخابية وقت الانتخابات للحصول على أكبر قدر من المواقع والأهم أن هذا يتم باسم الدين فى أكبر عملية تستغل الدينى لصالح السياسي، لذا رأينا تكوين اللجنة الدستورية بهدف إجراء بعض التعديلات الدستورية مسيطرا عليها من كوادر الإخوان وأنتجت ما تم الاستفتاء عليه فى ١٩ مارس ٢٠١١ والتى سميت بموقعة الصناديق. من يوافق على التعديلات الدستورية فهو مسلم ومن لا يوافق فهو غير مسلم حتى أننا شاهدنا بوادر تقسيم طائفى خطير يظهر خلال الاستفتاء. 

فى ظل هذه الظروف لم يكن أمام المجلس الأعلى غير الاجتماع مع الشباب والقوى السياسية وجماعة الإخوان لكى يستمد منها القرارات السياسية فى هذه الظروف الحساسة، فماذا تكون النتيجة في ضوء نخبة لاتملك القرار ولا المنهج وشباب لايملك الخبرة وأخذه الإعلام إلى النداهة وأحزاب لاتملك الشارع ولا علاقة لها بالجماهير؟ هنا كانت الممارسات تؤكد وتمنح الفرصة الذهبية لجماعة الإخوان. وجدنا عصام شرف الذى جاء من الميدان يرد الجميل للشباب وينشيء مايسمى بمكتب الشباب فى مجلس الوزراء! وهدفه أخذ رأى الشباب المعين بهذا المكتب في اتخاذ القرار! 

وجدنا المجلس العسكرى يجتمع مع الشباب وما يسمى بالقوى السياسية للاسترشاد برأيها فى اتخاذ القرار، وأمام الأمر الواقع كان المجلس والقوى السياسية يخضعون لجماعة الإخوان، خاصة بعد ظهورها فى الجمع المتعددة والتى أظهرت فيها موقفها ومطالبها وإرادتها معتمدة على جماهيريتها وسط الحشود المغيبة باسم الدين، حتى أن الأمر وصل بعد ذلك الى تهديد الجماعة للجميع وبلا مواربة. وجدنا الإعلام بكل وسائله ينافق الشباب المسمى بالثوري حتى أن بعض هؤلاء أصبح يقدم البرامج التلفزيونية، شاهدنا مجاملة بعض القوى السياسية وكأن الأمر هو مبدأ القسمة، فكان هناك تعيين بعض الوزراء من بعض الأحزاب، مثل منير فخري عبد النور من الوفد وزياد بهاء الدين من الاجتماعى الديمقراطى ومن حزب الكرامة كمال ابو عيطة ومن حزب التجمع دكتور جودة عبد الخالق، كما كان  تعيين المرحوم عزازى على عزازى من حزب الكرامة محافظا للشرقية، ناهيك عن بعض التعيينات فى المجلس القومى لحقوق الإنسان مثل جورج اسحق وكمال الهلباوى القيادي السابق بجماعة الإخوان. 

كل هذه القرارات كانت قد مهدت الطريق لوصول جماعة الإخوان، فهل بهذا يمكن أن نقول إن ٢٥ يناير ثورة أم هي انتفاضة حقيقية غير مسبوقة فى ذلك الوقت قام بها شباب نقى وشعب مخلص كان يعانى ويريد التغيير؟ ولكن لغياب التنظيم والقوى الثورية الحقيقية والأهم الدور الخارجى الممثل فى أمريكا والتى طبقت نظرية (الفوضى الخلاقة) التى ابتدعتها بعد سحق العراق تحت زعم امتلاكه للاسلحة الذرية وتطبيق الديمقراطية. 

والفوضى الخلاقة هذه تعنى (الهدم وإعادة البناء على الطريقة الأمريكية)، هنا يمكن الهدم بصورة أو بأخرى ولكن هيهات أن يتم البناء كما يتصورون، وكانت الأداة المهمة فى تطبيق الفوضى الخلاقة مساندة امريكا للإخوان. 

ظل ميدان التحرير يموج بمجموعات تسمى نفسها بالائتلافات  الثورية الشبابية، الشيء الذى خلق مايسمى بتعددية متكررة الاسماء ولا تحمل فارقا فى الشعارات المطروحة غير أنها ثورية. وجدنا صراعات محتدة ظهرت على كل الساحات الاعلامية، فكل ائتلاف يسفه الآخرين بكل الصور والأساليب التى لاعلاقة لها بالثورية ولا بالموضوعية، مما أضعف وشتت القوى الثورية المدنية منذ البداية.

تأكد هذا بعد نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى ١٩ مارس ٢٠١١ والتى سميت بغزوة الصناديق، التى أظهرت دون مواربة وبعيدا عن أي توافق ثورى حقيقي، انقساما بين التنظيمات التى تسمى نفسها بالاسلامية (إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية) وبين القوى المدنية ومن ضمنها الموقف تجاه الاقباط. 

تواكب مع هذا عدة مواقف كانت حاكمة للأحداث: - مظاهرات الجمعة، فكل يوم جمعة مظاهرة تحمل مسمى من المسميات، وكانت هذه المظاهرات فى شكلها الخارجى مظاهرات لحماية الثورة من اى قوى ضد الثورة وماسمى ببقايا نظام مبارك، ولكن فى واقع الأمر كانت القوى المتناقضة فى الأهداف تؤكد من خلالها تحقيق أهدافها فى مواجهة القوى الأخرى. وظهر هذا عندما رأينا تنظيمات التيار المسمى بالإسلامى تتوافق وتتحد بالرغم من الخلافات الداخلية بينهما. فى المقابل كانت كل القوى الدينية والمدنية تحاول التوافق وعدم التصادم بالقوى الحاكمة حينها وهى المجلس العسكرى حتى أننا رأينا فى أحد الجمع شعار القوى الدينية (يامشير انت الأمير)، وكان هذا نوعا من الغزل للمجلس العسكري مع اظهار مايسمى (بالعين الحمرا). 

والعين الحمرا هذه تمثلت فى عدة مواقف أهمها ظهور احداث طائفية ضد الأقباط لاتتوافق مع الثورة الشعبية التى أسقطت نظام الحكم، خاصة أن التوافق بين أبناء الوطن هو الورقة الحاكمة لسلامته طوال تاريخه، والتى دائما ما يلعب عليها وبها من لايريد خيرا لمصر سواء كانت قوى خارجية استعمارية أو قوى داخلية طائفية. 

ففى شهر غزوة الصناديق - مارس ٢٠١١-  وقعت أحداث أطفيح بمحافظة الجيزة، نتيجة لما أعلن وقتها عن علاقة بين رجل مسيحى وسيدة مسلمة (والغريب الذى كان يتصدى لهذه الأحداث الطائفية بحجة إنهائها هم رموز التيار السلفي) عبر  محمد حسان الذي تدخل فى اطفيح، ومشكلة رفض محافظ مسيحى لمحافظة قنا. فى ٢٠١١ أيضا كانت أحداث إمبابة التى راح ضحيتها ١٣ قتيلا بعد حصار الإسلاميين المتشددين لكنيسة إمبابة مطالبين بأستعادة فتاة زعموا أنها كانت مسيحية وأسلمت وأنها مسجونة داخل الكنيسة فتم حرق الكنيسة!!.

فى ٢٠١١ أيضا كانت حادثة ماسبيرو، وهى من اشهر الأزمات بعد ثورة يناير، والتى راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى. وقد وقعت أحداث ماسبيرو بعد تظاهرة للأقباط احتجاجا على هدم كنيسة فى أسوان وقد اتجه المحتجون إلى ماسبيرو واندلعت اشتباكات تدخلت فيها قوات الجيش والشرطة، كانت هذه المظاهرة الاحتجاجية يقودها أحد رجال الدين المسيحى وتجاوز فى الشعارات الطائفية المعلنة، مما شحن الجو الطائفى منذ بداية المظاهرة من شبرا وصولا إلى ماسبيرو حيث كانت الأمور قد نضجت لحدوث اشتباكات تورط فيها بعض جنود القوات المسلحة المرابطين أمام ماسبيرو، حتى أن إحدى المذيعات أعلنت أن هناك مظاهرة من الأقباط تقتل جنود القوات المسلحة!. 

هذه نماذج من الأحداث الطائفية التى بدأت منذ أوائل ٢٠١١ ومابعدها، وكانت هذه الأحداث في تلك الفترة ذات تأثير مباشر ومقصود للقوى الإسلامية فى محاولة حسم الأمور لصالحها! والأهم هو النتائج التى ترتبت على تلك الأحداث. 

فقد ظهرت بعد أحداث ماسبيرو حالة من حالات الفعل ورد الفعل الطائفى، ففى ماسبيرو كانت القيادة لرجل دين مسيحى متشدد اسمه فلوباتير (هاجر إلى أمريكا بعد إسقاط نظام الإخوان)، وشاهدنا معه مطالب قبطية (بمباركة من بعض أقباط المهجر) بالتدخل الخارجى بحجة حماية الاقباط . حينها شاهدنا شبابا مسيحيا يركب الموجة وعلى أرضية طائفية أيضا. ورغم أني طالبا على مدى ثلاثة عقود بعودة الأقباط إلى الوطن من هجرتهم إلى الكنيسة ، إلا أن هؤلاء خرجوا من الكنيسة إلى خارج مصر بنفس شعاراتهم الطائفية، حتى أن الشباب القبطى بعد أحداث ماسبيرو وعلى ضوئها أقاموا اعتصاما أمام مبنى التلفزيون المصرى فى مشهد يوحى بالتشتت لا بالتوحد، وتصادف وجودى فى التلفزيون للمشاركة فى أحد البرامج وأثناء دخولى مخترقا الاعتصام وجدت الجموع تنقض علي فى محاولة للاعتداء، على أساس أننى ضد المسيحيين وضد الكنيسة حسب زعمهم!! لولا أن الله أنقدنى بمعجزة انتهت إلى خلع كتفى الأيمن الذى أعانى من اثاره حتى الآن. 

وبالطبع بعد البرنامج وأثناء الخروج كان لابد من التسرب بعيدا عن أعين هذه الجموع ومن الأبواب الخلفية، وكان معى الصديق دكتور عمار على حسن.
------------------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك *
* سياسي وبرلماني سابق

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (٩)





اعلان