30 - 04 - 2024

تنوير الظلاميين

تنوير الظلاميين

أصبحت كلمة التنوير رائجة بقوة هذه الأيام، شأن  كلمات كثيرة أصبحت تتردد على مسامع الناس، من المعروف أن العقل عندما يتم تكرار شيء معين عليه مرات ومرات، فإنه يصبح حقيقة لا يساورها شك لدى الشخص، وإن كانت غير ذلك، وهذا ما يفعله هؤلاء، بغرض محاولة توجيه الناس إلى حيث يراد لهم. 

فهل من أطلقوا هذه الدعوة في الأساس، ومن يقفون خلفها، يريدونمصلحة الدين حقيقة؟ أم طمسه ومسخه؟ ولا أستبعد هنا نظرية المؤامرة، والتي لا تروق لكثيرين، مع أنها حقيقة ومن ثوابت الحياة التي تعتمد على التنافس في الأساس.

ما أظنه يحدث الآن، وربما يتفق معي آخرون، أنه بعد فشل كل الحملات العسكرية على بلاد الإسلام، ومن بعدها الحملات النفسية التي مورست وتمارس إلى الآن على المسلمين، أدرك أعداؤنا أنه من الصعب القضاء على ذلك الدين، بصورة كاملة ونهائية، فقرروا الدخول من ناحية أخرى، هي الاستعانة بمن لا تشغلهم سوى مصالحهم، لزعزعة كل الشخصيات والرموز الدينية في نفوس المسلمين، من خلال تشويه كل من يعمل في مجال الدعوة الإسلامية، واستغلال بعض الأخطاء البشرية، وتضخيمها وتسليط الضوء عليها، حتى وصل الأمر إلى التطاول على الأزهر الشريف نفسه، وذلك حتى  يجد الناس أنفسهم حائرين، لا يعرفون أين الحقيقة، وممن يأخذون دينهم، فتكون الخطوة التالية لذلك ظهور رؤوس جهال، يقودون الناس، ويحاولون إقناعهم بأن النصوص الدينية لا بد من تنقيحها، وأنها لم تعد صالحة لهذا العصر. 

ومع مرور الوقت، يتم تفريغ الدين من مضمونه الحقيقي، ومسخه وتحويله إلى دين كوكتيل، من كل عقل خرّب فكرة، وخال من كل قيمة وفضيلة.. ومع مرور الزمن، يتعود الناس على ذلك الدين المحرّف، وهكذا يكون الجميع في الهواء سواء ومخطيء من يظن أن الفكرة دينية بحتة ولا علاقة لها بالسياسة.. بل على العكس تماما، الأمر كله عبارة عن صراع سياسي غرضه الهيمنة والسيطرة.

ومع الأسف، كل ذلك يدبر له أن يحدث تحت غطاء هذه الدعوة الخبيثة التي في ظاهرها الحق، ولكن في باطنها كل الباطل، وهي التنوير الذي لا يمكن أن يرفضه أحد ولكن بحق وليس بضلال.. وما يحدث لعدم فهم هؤلاء حقيقة الإسلام السمحة، والربط بينه وبين أشخاص يحملون أفكاراً معينة، لا تمثله ولا يمكن لها ذلك لمحدوديتها، وقلة عدد معتنقيها، ونبذهم من كل العاملين في مجال الدعوة الحقيقية بلا استثناء، وكما ذكرت آنفا هناك اعتبارات سياسية أخرى، ترى أن انتشار الإسلام وتمدده وقوته يهدد مصالح كثيرة، في مقدمتها مصالح الكيان الصهيوني، على سبيل المثال لا الحصر، وعوامل أخرى لا يتسع المجال لذكرها، إلا أن كل ذي بصيرة يمكنه إدراكها بمنتهى السهولة.
-----------------------
بقلم: السعيد حمدي

مقالات اخرى للكاتب

المصريون نسخة أصلية





اعلان