26 - 04 - 2024

كمال أبو عيطة فى حوار ساخن "للمشهد": بإمكانى التطبيل لكني أتذكر "تايتنك"

كمال أبو عيطة فى حوار ساخن

- لا مقعد واحدا للعمال أوالفلاحين في البرلمان والقانون لا يسمح بوجودهم وهذا الزمن ليس لنا  
- لا يوجد نقيب للفلاحين واتحاد الفلاحين الوحيد المعترف به يعتبر "ابنا غير شرعي" للدولة
- الإقتصاديون المصريون الحقيقيون تم استبعادهم من المشهد.. والخراب الذى يحدث بسبب صندوق النقد الدولى  
- لا يعقل فى ظل هذه الظروف وقف العمالة اليومية، هل الدولة تعطى 500 جنيه لـ 25 مليون شخص يعملون باليومية  
* أعتقد أن نسبة الفقر فى مصر قلَّت لأن الفقراء "ماتوا من الجوع"  
- أمنيتى الوحيدة أن أرى تشريعا واحدا لصالح الفقراء حتى أؤيده  
- فى عهد مبارك كانت هناك طبقة غنية وأخرى فقيرة.. الآن الأغنياء يتفنون فى كيفية نهش الفقراء
- قانون قطاع الأعمال الجديد ينضم أيضاً الى قائمة القوانين السيئة السمعة وكل التشريعات التى تصدر منحازة ضد الشعب
- العبرة ليست بتغيير وزارى بل بتغيير السياسات.. والضربة القادمة أشبه بالفوضي ومن سينزلها ليس نحن
- سد النهضة تخطيط صهيونى وهدفه ايصال المياه لإسرائيل ومصر ممنوعة من حق الدفاع عن نهر النيل
- رفضت الوزارة فى عهد شفيق لأنه كان من رجال مبارك ووافقت بعد 30 يونيو لأن الوضع كان مختلفا
- راض عن أدائي كوزير وانا من قمت بتحديد الحد الأدنى والأقصي للأجور والوزير الحالى أفضل من فى هذه الفترة
- البرلمان الحالى أسوأ برلمان فى العالم وليس فى مصر فقط  
- العاصمة الإدارية ليست من أولويات الشعب المصري وأخشي أن تصبح مثل مشروع توشكى  

مناضل عمالي ناصري، وقومي عربي قاد مجموعة نضالات وإضرابات عمالية ونقابية أشهرها اعتصام موظفي الضرائب العقارية أمام مجلس الوزراء أواخر عام 2007 ومطلع عام 2008 للمطالبة بمساواتهم بباقي موظفي الضرائب.  وهو مؤسس النقابة المستقلة للضرائب العقارية، ورئيس الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، وعضو مجلس نواب سابق عن حزب الكرامة الناصري.  

سجل أبوعيطة اسمه بحروف من نور بعد نجاح نضاله في معركة الضرائب العقارية بعد تأسيسه أول نقابة مستقلة "النقابة المستقلة للضرائب العقارية"، وتم وصفه بأنه "مؤذن الثورة" و"ضمير الناس".  

هو الثائر السياسي الموظف والنقابي، بصماته تسكن القلوب قبل العقول، شارك احتجاجات وقادها من أجل قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، له نظرة واضحة وموقف ثابت، يمتلك قلبا جريئا ولسانا حاداً رافضا للفساد بكل أشكاله، قضي حياته مدافعا عن مبادئ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

خلال ثوره 25 يناير رفض كمال أبوعيطة منصب وزير القوى العاملة الذي عرضه عليه الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء، وبموافقة من الدكتور أحمد شفيق، رئيس حكومة تسيير الأعمال، فاختلفت الآراء حول هذا الرفض، وظل يقود مظاهرات بعد خلع الرئيس محمد حسنى مبارك.  

شغل منصب الأمين العام للجنة الدفاع عن سجناء الرأي، ومؤسس اللجنة القومية للدفاع عن حقوق العمال والفلاحين، ووزير القوى العاملة والهجرة، ومدير عام مصلحة الضرائب العقارية بالجيزة وعضو مجلس نواب سابق.  وبعد غياب عن الظهور الإعلامي لسنوات فتح كمال أبو عيطة قلبه "للمشهد" وتحدث عن الوضع السياسي والعمالي فى الوقت الراهن.

* فى البداية كيف ترى وضع العمال فى الفترة الراهنة؟  

- لم أر وضعاً مشابها لما نحن فيه طوال حياتى، حتى على مستوى التشريعات التى تصدر، إذا عدنا للخلف سنعلم انه كان من أسباب إشتراك العمال منذ 40 عاماً فى الثورة، التى كانت بدايتها 18و19 يناير، تشريعات وأوضاع بعينها، ومن يدير المشهد هذه الأيام تسبب فى ان يكون الوضع كارثيا بسبب التشريعات الجديدة التى تم وضعها مؤخراً. كافة التشريعات أصبحت تصدر بليل، وبدون أى حوار إجتماعى، مع العلم انه معروف فى العالم بأكمله ان التشريعات الإجتماعية بالأخص يجب أن تصدر بعد حوار اجتماعي يشارك فيه أطراف العمل الثلاثة: العمال أو ممثلوهم، وأصحاب العمل، وممثلو الحكومة. من المفترض أن أي تشريعات إجتماعية تركز على هذه الأطراف الثلاثة، وفي أوقات كثيرة تكون الدولة طرفا ضامنا أو محايدا أو راعيا، مثلما تعلمت فى مدرسة العمل النقابي أن الدولة طرف ضامن لحقوق الأطراف الضعيفة، ودائماً الدولة بتشريعاتها تنحاز للطرف الضعيف، وجميع التشريعات تصدر بهذه الثلاثية، والحكومة تدخل كطرف ضامن لحماية الضعيف، وأحياناً تقوم مقام صاحب العمل بالنسبة للعاملين فى القطاع الحكومي، والقطاع العام، وقطاع الأعمال، حيث انها تدخل هنا باعتبارها أكبر صاحب عمل فى مصر بسبب العاملين الموجودين لديها فى الشركات والمصانع الحكومية.  

لكن أصبحت هناك نظرة دونية فى هذه الفترة للعمال والفلاحين، لأن من المفترض أن يشغل 50% من مقاعد البرلمان عمال وفلاحون وبالطبع هذا لا يحدث نهائياً، حتى أيام مبارك كان يشغل تلك المقاعد لواءات ورجال أعمال، كان معظمهم يحرر شهادة حيازة زراعية من بنك الإئتمان الزراعى، ويدخل فى قائمة الفلاحين ، وانتفت نسبة الـ 50% أيام مبارك بجلوس أصحاب العمل أنفسهم، أو اللواءات مكان العمال، وفي هذه الأيام لايوجد من الأساس عمال فى البرلمان السابق أو الحالى، وأنا أشهد ان القائمة المغلقة المطلقة لايوجد بها عمال والقانون من الأساس لايسمح بوجود عمال، والرسوم الباهظة اللتى وضعت للترشح، والتى تم وضعها للإعلانات، لا يستطيع عامل مصري، أو أمريكي دفعها لدخول البرلمان.  

لذلك أتحدى إذا دخل هذا البرلمان عامل واحد، وأرى أن هناك انحسار للمنحازين لمصالح العمال، فأصحاب الأموال هم فقط من يستطيعوا الترشح لمقعد البرلمان، وليس كل صاحب عمل لأن هناك رجال أعمال أصبح مغضوبا عليهم، وأصبح من يستطيع الترشح هو المنتمى لجهات بعينها. وتشريعات مجلس النواب من المفترض انها انعكاس لطبيعة النظام السياسي، وحينما أشاهد ان جميع التشريعات أصبحت ضد العمال أتأكد ان هذا الزمن ليس " للعمال أو الفلاحين".  

* نقيب الفلاحين قال مؤخراً فى تصريحات صحفية أن الفلاح يعيش أزهى عصوره؟  

- بكل أسف لا يوجد فى مصر نقيب للفلاحين، هناك نقباء فلاحين وعمال لكنهم نقباء أجهزة. النقابي يعنى جمعية عمومية، والموجودون منهم تم منعهم من تأسيس إتحادهم، ونقابة الفلاحين الوحيدة المعترف بيها هو " اتحاد الفلاحين المصريين" الذى كان يرأسه عبد المجيد الخولى، الفلاح الفصيح، رحمة الله عليه، وتولى رئاسته حالياً الحاج محمد فرج، وهو ممنوع من كل شيء لذلك حينما نقول نقيب فلاحين يجب ان يكون قلبه على الفلاح اللذي يقوم بتمثيله، لا أنكر ان هناك اتحاد فلاحين يعمل منذ سنوات فى مصر لكن الدولة لا تعترف به فهو "ابن غير شرعي" بالنسبة لها.  

الحكومة خدعت الجميع، حيث قالت إنها ستقوم بعمل اتحاد ونقابة مهنية تصدر بقرار من البرلمان، وانا أقول دائماً ان النقابات لا تنشأ بقرار من البرلمان ولا من حكومة ولا من صاحب عمل، وإنما تنشأ بقرار من أصحابها وأعضائها ولا تحتاج إذنا من أحد، فهى تنشأ بقرار من "أصحاب العمل الواحد" الذين يقومون بإختيار قيادة لهم دون تدخل من سلطة أو حكومة أو صاحب عمل، أو جهاز.     

نقيب الفلاحين الحالى الذي يقول إن الفلاح يعيش أزهى عصوره، إنما يتحدث عن نفسه كشخص وليس عن الفلاحين، لأن حالهم من سيء الى أسوأ. ومن الممكن أن أقوم بالتطبيل، مثلما يفعل الكثيرون، لكن هذا التطبيل يذكرنى بفيلم "تيتانك" حينما كانت الفرقة الموسيقية تعزف والمركب تغرق، هذا بالفعل ما يحدث حينما نتحدث عن وضع العمال والفلاحين حالياً. الناس أصبحت بعيدة عن إنتمائها الفلاحي والدليل على ذلك أسعار الخضروات والفاكهة، هذا أكبر دليل على مدى إنهيار الفلاحة فى مصر، فإذا كانت الدولة داعمة مثل باقى الدول الأخرى، كانت ستقوم بدعم الفلاح ومده بالأسمدة الخ... وكان سيترتب على ذلك إيصال المنتج سليما، وبأسعار قليلة فهذا هو الدعم الحقيقي، وكنا سنصبح دولة منتجة تصدر للخارج بدلاً من كوننا دولة مستوردة لمنتجات كنا مشهورين بها مثل "القطن والأرز" وخلافه، فكل ذلك تم لصالح أشخاص بعينهم، حتى أزمة السكر تم إفتعالها مع العلم ان مصانعنا تستطيع تخطى كل ذلك بسهولة، لكن هناك إرادة تهدف إلى أن نظل نقوم بمد أيدينا للخارج، سواء بالمعونة أو القروض الخ...  

* هل مايحدث يعتبر من سياسات وشروط صندوق النقد الدولى؟  

- بالطبع هذه من سياساته، فهو مسؤول عن خراب العديد من الدول على مستوى العالم، وأستعجب كيف لايعلم بذلك القائمون على الاقتصاد المصري، فلو نظروا للدول التى طبقت شروط صندوق النقد الدولى لعلموا أن هذا الصندوق للخراب فقط وليس للتعمير. منذ وقت طويل كنا نهتف فى المظاهرات أن " البنك الدولى" "مذلة وغلاء أسعار.. و"لن يحكمنا البنك الدولى.. لن يحكمنا الإستعمار" كان هذا هتاف شهير، وبالرغم ان مصر بها اقتصاديين حقيقيين لكن تم الإستغناء عنهم واستبعادهم من المشهد، وحالياً ربطنا أنفسنا بالغرب الإستعمارى، وبمؤسسات التمويل الأجنبية التى تخطط لتركيع بلادنا، والحفاظ علي تفوق العدو الصهيونى علينا فى كل شيء سياسياً وإقتصادياً.  

* كيف رأيت إغلاق الشركات وتسريح العمال وعلى رأسهم عمال شركة الحديد والصلب، ووقف العمالة اليومية؟

- بداية، لا يعقل فى ظل الظروف الحالية أن يتم وقف العمالة اليومية، هل يعقل أن تعطي الدولة500 جنيه شهريا لـ 25 مليون عامل يومية. نحن نفعل شيئا هامشيا ضئيلا، فى ظل قفل منافذ الرزق على الجميع، على سبيل المثال قرار وقف تراخيص البناء يعتبر قرارا كارثيا، ترتب عليه إنهيار مهنة المعمار، التي كان يعمل بها أصحاب أكثر من 90 مهنة، وجاء ذلك فى توقيت كارثي وهو جائحة كورونا، مما دفع عامل اليومية صاحب "الأجنة والمطرقة " أن يسرع خلف السيارات للشحاذة حتى يستطيع أن يحصل على قوت يومه بعدما كان يسرع للعمل. هل يعقل أن بلدا بحجم مصر برجال اقتصادها المحترمين، فى ظل جائحة كورونا تغلق منفذ الرزق الوحيد للعمال، وإذا لم يشعر المسئولون بحجم الكارثة التى تسببوا فيها، أدعوهم لترك مكاتبهم ونزول الشارع حتى يشاهدوا عدد الشحاذين الموجودين فى الشارع، وأنماط السرقة والاحتيال التى ارتفعت مؤخراَ بسبب الحالة الاقتصادية السيئة التى تمر بها البلاد.  

هناك ضرورة لوجود حرية إقتصادية، ومؤسسات الدولة مسؤولة عن تسيير العمل، بدلاً من وقفه، وأن تعمل أيضاً على ضخ الأموال فى جيوب البسطاء سواء برفع الأجور أو بتوفير إحتياجاتهم، لأن ذلك سيقوي القدرة الإقتصادية لدى المصريين.  

لم تعد توجد طبقة متوسطة فى مصر، حيث أنها تحولت بالكامل الى طبقة فقيرة، والطبقة العليا أصبحت متوسطة، والفقيرة أصبحت كادحة. هناك تصريح لرئيس الوزراء يقول فيه ان نسب الفقر فى مصر قلت جداً، فأنا لا أعلم من أين أتى بهذه المعلومات قلت في نفسي: هل يقصد انه نسب الفقراء أصبحت قليلة لأنهم "ماتوا من الجوع" أم ماذا؟ أمنيتى الوحيدة أن أرى تشريعا واحدا تم وضعه لصالح الفقراء حتى أقوم بتأييده.  

* هل العمال فى عهد مبارك كانوا أفضل حالا مما هم عليه الآن؟  

- هو ليس عهد مبارك فقط الأفضل، أى شيء آخر أفضل مما نحن عليه الآن، وهناك ملاحظة وحيدة فى عهد مبارك وهي وجود مجموعة غنية ومجموعه فقيرة، الآن أصبحت المجموعه الغنية تتفنن كيف تنهش من جيب المجموعة الفقيرة.  

هناك مجموعة تشريعات قيصرية غريبة، تتم بليل بدون حوار إجتماعى وفى غياب الناس ولا تنفذ، وتتم إعادتها من جديد لفقد المحاورة فيها، فعلي سبيل المثال قانون النقابات الذي صدر، كنا نقول انه خطأ ولا أحد يلتفت، مع العلم انى قمت بعمل قانون متوافق مع الدستور والتشريعات المحلية والإتفاقات الدولية، وحتى أكون صادقا قام البرلمان بالتلاعب فيه وليس الحكومة، وتغييره ليتحول من قانون "حق التنظيم النقابي" إلى قانون "تجريم العمل النقابي"، حيث يمنع التكوين النقابي فى مصر، فى ذلك التوقيت قمت بشرح الأسباب، ولم يستجب أحد لى أو لغيري من المعنيين بالأمر، إلى أن أعترضت منظمة العمل الدولية، وقامت بوضع مصرعلى القائمة السوداء، ووقتها أعادوا القانون لحالته الأولى قبل التلاعب فيه، والسؤال الآن لماذا لم يخضع  البرلمان لشعبه ويخضع للمنظمات الدولية؟!.  

قانون التأمينات الذي تم وضعه، عند أول عرض له على أى محكمة سيصدر حكم بعدم دستوريته، لأنه من الطبيعي أن نسأل: ماذا قدم هذا القانون للمجتمع حتى يحصل على التوازن ويقدم الإستقرار. قانون المعاشات تسبب في خلل، فبعدما كان العاملون يدفعون جزءا فى التأمينات الإجتماعية، وأصحاب العمل جزءا ، أصبح الآن العامل من يدفع كل شيء وتم إعفاء صاحب العمل، فهذا لا يعتبر توازنا نهائياً هذا يعتبر خللا، وقانون قطاع الأعمال يتم ضمه أيضاً من ضمن القوانين "سيئة السمعة" وسيئة الذكر.  

كل التشريعات التى تصدر تعبر عن إنحيازات واضحة ضد الشعب المصري بأغلبيته العظمى، وإنحياز لفئة قليلة جداً، وهذا الوضع لا يمكن ان تستقيم به بلد، أو تستقر حتى لو تم تحويلها  لسجن كبير.  

 إذا لم تتغير السياسات لن تستقيم هذه البلد، وكانت هناك شائعات الأسابيع الماضية حول تغيير وزارى، لكن أقول لهم ان العبرة ليست بتغيير الجثث، لكن بتغيير السياسات، لذلك احترسوا السيارة تعود للخلف "وهنتخبط خبطة مثل المرتين اللى فاتوا" والمؤشرات بتقول ان الخبطة القادمة ستكون شيئا أقرب إلى الفوضي.  

* هل تتوقع حدوث ثورة فى الفترة المقبلة؟  

- بهذا الشكل ستكون فوضي وليست ثورة، وليس نحن من سيقوم بها. أنا احد الذين هتفوا ذات يوم وكنت أقول "أنور بيه.. يا أنور بيه.. كيلو اللحمه بـ 6 جنيه" ماذا أقول فى هذه الأيام؟!.

*هناك مشروعات قومية كبيرة تمت فى الفترة الأخيرة ولا شك أن العامل المصري أنجز فيها ما رايك؟  

- كنت أتمنى ان أرى شيئاً يستحق أن أصفق له، لأننى لم أخلق لأعارض فقط، فنحن نؤيد أيضاً، لكن حتى الآن لم أر أي شيء يدعونى للتصفيق، من ناحية ما أفكر فيه، وبحكم كوني واحدا من جموع الشعب المصري، أتمنى ان تقف بلدنا علي قدميها من جديد، حيث أن مصر من غير شعبها لاشيء، وتقدم الدولة وتأخرها يتم حسابه بالشعب، الذي أصبحت أغلبيته مقيمة على المقاهي بعد إرتفاع نسبة البطالة، فالأرقام التى يتم الإعلان عنها غير حقيقية، ويكفي كورونا وقرار وقف البناء، ولن أتحدث عن إغلاق القومية للأسمنت، وبيسكو مصر، والحديد والصلب، ومصر الألبان، وغيرها من المصانع التى تم اغلاقها، وهذا يعتبر مصيبة سوداء.  

* لمصلحة من إغلاق تلك الشركات؟

- لصالح مافيا الإستيراد التي تدير الملف الإقتصادى فى البلد، فالقومية للأسمنت هي التى أسهمت في بناء السد العالى، وقاعده الصواريخ التى كانت أحد عوامل النصر فى 6 اكتوبر، وقامت ببناء المساكن الشعبية التى كان يحصل عليها المواطن المصري بجنيهين إلا ربعا ويمتلكها بعد ذلك، فلماذا نضحى بهذه الشركة، والعمالة الماهرة الموجودة فيها، وبقية ثرواتنا واقتصادنا، إقتصاد القطاع العام.  

أى مشروع يكون العمل فيه بنسبة 20% يخسر، لذلك من الممكن أن نعمل على تشغيل القطاع الخاص بجانب القطاع العام أو القطاع الأخر الجديد الذي أصبح مسيطرا على كل شيء داخل الدولة حتى نحدث توازنا ونسير عجلة الإنتاج.  فهي سلسلة يكمل بعضها بعضا، واذا كنا سنتحدث عن خفض البطالة، لابد أن نتحدث عن فرص العمل أيضاً ولابد أن نتحدث أيضاً عن الصناعه كثيفة العمالة.  

فقد عرض على المناضل عبد الناصر "ميكنة" الفلاحة فى مصر، ووقتها قال لهم ما الذى سيفعله الفلاح، وكان الفلاح وقتها نسميه "بطالة مقنعة" لأن الفلاح كان يذهب وقتها ليحرث الأرض ويضع البذرة ويرويها، وبعد ذلك يذهب ليرتاح فى النصف، ثم يذهب ليتابع الأرض، فهذا النمط المتوارث والملائم للتعداد السكانى، وأي مسؤول وهو يفكر للبلد لابد أن يضع ذلك في اعتباره.  

النقابات الألمانية وقفت ضد تسيير القطارات والمترو بدون سائق، وقالوا ان هذا سيقضي علي فرص عمل، ورفضوها وعبد الناصر رفض ميكنة الزراعة بالكامل فى مصر، وقتها من أجل الطاقة البشرية الخاصة بنا العاملة فى مجال الزراعة.  

من المفترض ان نقوم بعمل أنماط إقتصادية ملائمة لعدد سكان مصر، فمن يحكم مصر لابد ان يديرها على حسب سكانها، ونتوجه للصناعة كثيفة العمالة "ياصانع السياسات اشتغل علي قدنا".

* ما الذي سيفعله بنا سد النهضة؟  

- كنت متعجبا كثيراً حينما صرح مسئول أثيوبي أن النيل أصبح الآن بحيره أثيوبية، لم أستغرب من المسؤول الأثيوبي  ذاته لأنى أعلم جيداً توجهاته ودوافعه، لأن هذا المشروع تخطيطه صهيوني ومدير المشروع الذى توفى كان صهيونيا، ومنذ زمن وهم يعملون فى أفريقيا، ونحن انسحبنا وانكمشنا على الذات، فتم بناؤه، بكل أسف كان انكماشنا تدمير للذات.  

لقد تركنا أفريقيا "براحا" تنطلق فيه إسرائيل، كان انسحابنا من دورنا الأفريقي والعربي، وانسحبنا أيضاً من دورنا المصري، ولدى دلائل على ذلك.

على سبيل المثال حينما أستورد جزءا كبيرا من رغيف خبزي من الخارج، هذا يدل على انسحابي من دوري المصري، حين ينقرض القطن المصري ويتم إستيراده أيضاً من الخارج وتنعدم الرعاية الكاملة للزراعة، ويتم إهمال العمال والصناعة المصرية، فهذا يؤكد انسحابنا من دورنا المصري، وكل ذلك تترتب عليه الأوضاع المهينة التى نحن فيها الآن.  

انتابنى القلق كثيراً لأننى لم أسمع صوت أسد أو نمر أو ثعلب، أو أى كائن يرد على هذا الأثيوبي أو يعلق حتى على ما يقول، مع العلم انه كان بأيدينا القيام بحملة لوقف بناء السد، وكانت ستصبح شاملة لا تقتصر على إجراء إتصال لوزير، والإثيوبيون منذ البداية حولوا السد لمعركة شعبية، وتم منعنا كشعب من الدفاع عن شريان حياة المصريين وهو نهر النيل.  حق التعبير فى مصر أصبح جريمة بدون سبب، المصريون ممنوعون من حق التعبير والحرية الوحيدة الموجودة فى مصر الآن هي حرية تجارة المخدرات، وبإمكان أى مسؤول النزول الى أى حى شعبي وسيرى ذلك بعينيه لأن المخدرات يتم بيعها على مرأى ومسمع الجميع.  

* لو كان الرئيس عبد الناصر حيا، هل كان سد النهضة سيقام؟  

- لو كان عبد الناصر حيا بعلاقاته الإفريقية، كانت أثيوبيا لم تجرؤ من الأساس على التفكير في بناء سد النهضة ، وأنا أعتقد أن هذا المشروع ليس مشروعا أثيوبيا كما يعتقد البعض، فهو مشروع كونى وأخشي أن تنتهى الأزمة ليس بوقف السد، ولا بهدمه، أخشي ان تنتهي "بسيب وانا أسيب" بمعنى أترك المياه تذهب لإسرائيل ونحن نترك مياه النيل، وأخشي أيضاً ان يكون هذا محل إتفاق.  

 لقد تم سجنى مع الراحل عبد العظيم أبو العطا، وزير الزراعة والري الأسبق، وكان أحد أسباب وجوده معنا داخل السجن ووفاته بين أيدينا، أنه أعترض على توصيل المياه لإسرائيل، وهذا هو هدف سد النهضة. وكان أبو العطا فى ذلك التوقيت أمين عام حزب الحكومة، ونائب رئيس الوزراء.

* هل ترى حلا للخروج من هذه الأزمة؟  

- أزمة سد النهضة ليست أزمة أسد الخارجية ولا فأر الداخلية، هي أزمة شعب ممنوع من التعبيرعن رأيه فى هذا الأمر، والحكومة الأثيوبية تعمل جاهدة وتستخدم الحراك الشعبي فى مواجهة من يعترض علي بناء سد النهضة، وقامت بتحصين شعبها وجيشها جيداً لمواجهة أى مساس بالسد، والفريق الآخر "مصر" شعبها ممنوع من الأساس فى المشاركة فى هذا الأمر، مع العلم انها بهذا الجانب كانت تستطيع الضغط، لكن نحن ممنوعون من ممارسة حقوقنا الأساسية "هنا على أنفسنا فهنا على الأعداء" وتم انقلاب أسودنا ليتم إطعامنا لكلاب الدنيا.

* لماذا رفضت أن تكون وزيراً للقوى العاملة في أول حكومة بعد الثورة، ثم بعد ذلك وافقت؟  

- وقتها كان رئيس الحكومة الفريق أحمد شفيق، والذى تواصل معي هو الدكتور يحيي الجمل رحمة الله عليه، وأعلن  ذلك فى أكثر من برنامج، وقال: طلبت من كمال أبو عيطة أن يأتي وزيرا،ً وكان رده إذا أصبحت وزيراً وظلت هناك ثورة فى الميدان، سأترك الوزارة وأنزل لأهتف مع الثوار.  

كان مبدئي فى ذلك التوقيت أنى أتيت من الميدان، الذي كان يريد رحيل مبارك ونظامه فلا يعقل أن أطالب بذلك وأتعاون أنا مع نظامه بعد ذلك، فنحن لم تكن لدينا مشكلة شخصية أو موقف شخصي مع مبارك، كانت مشكلتنا الأساسية مع نظامه لذلك رفضت.  

وأغلب من انتقدونى وأنا وزير، عتبوا عليّ أننى رفضت أن أضع يدي فى يد الفريق أحمد شفيق، وقالوا لى إن وجودى كان يمكن أن يتسبب فى إعادة حقوق العمال الضائعة. في 30 يونيو كان الوضع مختلفا تماماً، لأن الثورة على الاخوان كانت منذ أول يوم، وانا كنت رافضا الإخوان قلباً وقالباً، وبالأخص حينما قال مرسي أعطونى مهلة 100 يوم وسترون مصر، ولم يحدث أى شيء نهائياً، لذلك نزلنا الى الميدان ولم أذهب إلى منزلى حتى تم عزل مرسي وحاشيته. الإخوان قفزوا على الثورة وخطفوها مثلما فعل الكثير، والجميع يعلم جيداً مدى كرهي للإخوان، ويعلمون أننى لست شخصا يميل للحكومة بل يميل للشارع المصري. وحينما أبلغني الدكتور حازم الببلاوى باختياري وزيراً للقوى العاملة، طلبت أن أرشح له أشخاصا يصلحون للمنصب، فقال لي نصاً وهو يستطيع أن يرد على هذا الكلام جيداً: "جميعكم ترفعون شعارات، ووقت الجد تقومون بالتخلى عن البلد" فأشعرنى الرجل بأننى – حين أرفض – أكون هاربا من الميدان. وقتها كتبت خمسة مطالب، أو أن يعين أى وزير بدلاً منى واستشرت الجميع سواء قيادات عمالية أو سياسية، وكان رأيهم أن أوافق على أن أصبح وزيراً. بالفعل وافقت لكن بخمسة شروط، ووقتها رفض السيد وزير الدفاع هذه الشروط واعترض عليها وعلى تصريحي للصحف، اننى أريد عمل حد أدنى للأجور، وحينما شرحت له مطالبي الخمس وافق.  

وكانت المطالب هي: حد أدنى للأجور – صياغة قانون عمل لائق وعادل - إنشاء إتحاد نقابات يجعل في  مصر نقابات حقيقية - عودة العمال المفصولين - تشغيل المصانع المعطلة.  

وبالفعل وافق د. حازم الببلاوى على هذه الشروط، مع العلم أن وزير الدفاع وقتها قال: من أخبركم أن الشعب المصري يحتاج وضع حد أدنى للأجور؟ ومن قال ان الشعب المصري يريد أموالا، هذا الشعب من الممكن أن يضحى، وأضاف: نفترض اننا لم نستطع تحقيق ذلك، فهذا سيكون ضدنا، من أين نقوم بتدبير ذلك؟.  

 وقتها شرحت له كل شيء، وهو مشكوراً استمع لرأيي واستجاب لمطالبي، وخرجت لجموع الشعب المصري وقلت لهم: ان هذا الرجل عظيم وبالفعل تم تحديد الحد الأدنى والأقصي للأجور وقمنا بتنفيذه، كون ان هناك جهة تلاعبت وتراخت فى التنفيذ هذا لم يكن بسببي. وفرحت كثيراً حينما تركت منصب الوزير. 

بالنسبة لقانون النقابات، تم إعداد قانون فوق الرائع، وبالمناسبة أشكر الوزير الموجود حالياً محمد سعفان وزير القوى العاملة، فهو أفضل شخص كان يصلح ان يكون وزيراً للفترة الراهنة، لكن البرلمان وهو الأسوأ على مستوى العالم، تلاعب فى مشروع القانون وحوله من منح حق التنظيم النقابي الى منع التنظيم النقابي، ولم يستجب لملاحظتنا نهائياً، وحينما اعترضت منظمة العدل الدولية تم تعديل القانون وعودته لما كان عليه.  

فيما يتعلق بتشغيل المصانع، فعلت أقصي مافى وسعى، وأخذت نماذج امامى كانت "طنطا للكتان و وبريات سمنود وغزل المحلة"، لكن الكارثة أنه كان مسموحا بالصرف من ميزانية الدولة على مشاريع أعتبرها وهمية أو ترفيهية، وغير مسموح بصرف مليم واحد على مشاريع أساسية مثل تشغيل المصانع.  

وهناك أحد الأصدقاء تبرع بمبلغ ضخم جداً لتشغيل مصنعي "وبريات سمنود وطنطا للكتان"، وحتى الآن هذا المبلغ موجود فى ميزانية الوزارة لم يمسه بشر، لأن هناك قرار يمنع تشغيل المصانع وهذا القرار أعتبره لصالح المستوردين، اما عودة العمال المفصولين، فحتى الآن لم يتم حله. (لأن كعب أصحاب العمل أعلي من كعوبنا جميعاً، وأعلى حتى من كعب الحكومة). 

كان أغلب العمال المفصولين بعد الثورة من شركات البترول، ووقتها تعاونت مع وزير البترول وأصحاب الشركات لإعادة هؤلاء العمال، وحين أكتشفت ان العمال المقصودين خارج الكشوف الموجودة أمامى والمسجلة فيها أسماء العمال المفصولين قمت برفضها وطالبت برجوع العمال الحقيقيين الذين تم فصلهم. 

بخصوص قانون العمل، تركت الوزارة وكان هناك لجنة مشكلة من العمال (من ممثلي العمال الحقيقيين) وممثلى النقابة، وقضاة فى المحاكم العمالية، ومحامين عماليين، وممثلى الحكومة من الوزارة، قامت اللجنة بإعداد "قانون عمل" وحين قرأته أعدته إليهم مرة أخري وأبلغتهم أنه لا يتناسب مع مطالب الشعب المصري، ووقتها قدمت الحكومة استقالتها قبل خروج القانون للنور، هذا ماحدث فى الـ 7 شهور، وأنا كنت أريد أن أضعها بجانب عشر سنوات لغيري، لأن هناك أشخاصا جلسوا على مقاعد مختلفة لم يفعلوا ما قمت به، وأنا أعتبر أني قمت بواجبي خلال تلك السبعة شهور.  

* لماذا تم انتقادك وانت وزير؟  

الانتقادات كانت بسبب تصور البعض أننى سأعمل لصالح الحكومة وتحت أمرها، والبعض الآخر كان بسبب نوازع لديهم فهناك من كان يريد أن يكون وزيراً وهذا ليس من صلاحياتى، وانا لم أطلب منصبا فى حياتى أو  أسع اليه، وإذا كان أحد يريد أن يسأل فليذهب لمن فرض عليّ هذا العمل، فأنا لست مسئولاً، وفى كل وقت تراني الناس نقيباً للعمال.. وليس الوزير، وهذا أفضل لي من أى شيء آخر، وبالمناسبة لم يتغير مبدئي حتى وأنا وزير، قلت انى أرفض المعونة الأمريكية أمام مجلس الوزراء، وذلك لأن الشعب المصري لم يستفد منها وكانت هذه التصريحات فى مؤتمر، وقلت أيضاً "المعونة الأمريكية على الجزمة".  

* كيف تري العاصمة الإدارية الجديدة؟  

لا تدخل فى فقه أولويات الشعب المصري، وإذا ذهبت إلى هناك سيتم أخذى تحري، فهل كان من مطالب الشعب المصري فى ثورتين عاصمة إدارية جديدة، وهل لكى ننهي العشوائية نعمل على دفع تلك المبالغ، هناك أولويات للشعب المصري بدلاً من تلك العاصمة، بينها أن يتم فتح المصانع وتشغيل العمال بدلاً من تسريحهم واستصلاح الأراضي الزراعية وتشغيل الفلاحين، لو حدث ذلك كان الأمر سيكون أفضل مئة مرة مما يتم عمله الآن .. تقديري أن العاصمة الإدارية الجديدة ستأخذ نفس نهج مشروع " توشكى"، فأين توشكى الأن.  

* العمال الذين أصبحوا بدون عمل، يسألون من عن حالهم؟  

- يسألون من يدير، من الواضح ان الإدارة تبدو وكأنها تدير فى سويسرا، أن يجتمع مجلس النواب فى أول نوفمبر الماضي لتمرير قانون يتيح فصل العاملين، أقول لهم "اتقوا الله" لأن الفصل من العمل الحكومى أصبح بقرار مسؤول وليس بقرار قضائي، أنا أطمئن أن ينظر القضاء فى أمر الفصل، إنما أن يكون فى يد مسؤول - فى ظل وجود قيادات فاسدة -  من الممكن ان يتسبب في فصل شرفاء.رأوا الموالى للحكومة هو من ينجح، والمعارض هو من يسقط فقاموا بعمل كل شيء لصالح الحكومة ضد المصريين.  

فى نهاية حديثي أريد أن أقول شيئا: "كان هناك رجل لديه خمس بنات وكان ظروفه سيئة جداً، بناته اجتمعن ونصحنه نصيحة، قلن له: حينما تدخل محل ملابس قم بشراء مالا يعجبك وما يعجبك لا تقم بشرائه. هذه الرساله  للحكومة حيث أطلب أن أي قرار أو فكرة تتوصل اليها  أن تقوم بعمل عكسها، وقتها ستنجح جداً فى ذلك".  

---------------------------
أجرت الحوار -  بسمة رمضان  






اعلان