20 - 04 - 2024

د. زينب عبد العزيز: واجهتُ شيراك وماكرون وملك المغرب وبابا الفاتيكان ومستمرة في التحذير من "مكة ستايل"

د. زينب عبد العزيز: واجهتُ شيراك وماكرون وملك المغرب وبابا الفاتيكان ومستمرة في التحذير من

تعرّضت لثلاث محاولات اغتيال! ومازالت تحذّر من إسلام "مكة استايل"
- حوار مع أستاذ الحضارة والأدب الفرنسي،والباحثة في عٍلم الأديان، والفنّانة التّشكيليّة
 - أول مسلمة تترجم معاني القرآن الكريم للفرنسية، وأول تشكيلية حاصلة على الدّكتوراه عن العالمي "فان جوخ"
- رصدتُ أخطاء ترجمة مجمع الملك فهد؛ ورُشّحت مرتين لجائزة الملك فيصل 
- فنّدتُ أكاذيب المستشرقَين أمثال "جاك بيرك" و"شوراكيه" وكشفتُ تحريفهم لمعاني القرآن الكريم وإعادة ترتيب سوره والعَيب في الذّات الإلهية 
- الحوار بين الأديان والأصولية والحداثة والإرهاب.. مصطلحات تمّ تصديرها إلينا لهدم الإسلام
- الفاتيكان والصّهيونية وأمريكا تحالفوا ضد الإسلام بعد إسقاطهم الشيوعية
- أمريكا فجّرتْ برجَيّ التجارة لتتلفع بشرعية دولية أباحت لها قتل ملايين المسلمين والمخطط لم ينته بعد
- مؤتمر "كولورادو" 1978 ناقش 40 بحثًا لاختراق العالَم الإسلامي
- أراد رئيس هيئة الفنون الأسبق "ذبحي" فأقمتُ 52 معرضًا تشكيليًّا بمفردي
- مازلتُ أبكي زوجي الفنان الطنبولي -الراحل مذ 8 سنوات- بعد رحلة زواج دامت 64 عامًا وأحتفظ بتمثالٍ نَحته لي
- المُسلم يمتلك روحًا رباّنية شفافة تجعله أَوْلى بتقديم فنٍّ بنّاء

اخلَعْ نَعليكَ.. فما إن تدلف لحَرم بيتها حتى يملؤك فيضُ أحاسيس رائقة بأنّك في حضرة مُتحفٍ فنيّ ذي رَونقٍ أخّاذ، شعورٌ باذخٌ بالفرح وأنت تلِج جنّةً غنّاء تطل بدَورها من الطابق الحادي عشر على مساحاتٍ شاسعة من الشّجر الكثيف ويكأنك تسكن السّحاب! مكتبةٌ شديدة الأناقة عامرة بنفائس الكُتب والمخطوطات بلغات عدّة، سكينةٌ تغمر المعتمرين إلى رقيٍّ وعِلمٍ وفنٍ عُمره من البهاء والعطاء سِتّة وثمانون عامًا؛ تحملهم بهدوء سيدة كأنّها خرجت لتوها من زمن: الجَمال والأدب والنّبل والأناقة الأرستقراطية! بيْدَ أنّك ما إن تقعد في حضرتها حتى ينداح عطْر تواضعها؛ فيُهيأ لك أنك بِتُّ كبيرًا!.. فأهمسُ في أذنيك يا مسكين: كُفْ عن غرورك؛ فالصّغيرُ في حَضرة الكبير كبيرٌ!

رغم سنوات عمرها المديد - بإذن الله- إلا أنّها تتحرّك بخفّة فراشة! أَرجِئ دهشتك قليلًا - قارئي العزيز- فالقادم أشدّ دهشة، فضيفتنا شديدة الحفاوة بزائريها؛ تأبَى المساعدة رغم أنها تعيش بمفردها؛ ربما خوفًا من أن تضع – أنت - شيئًا في غير محله وهي المُرتّبة الدقيقة! تُغدق عليك بكرمٍ حاتميّ من ابتسامتها الراقية وهدوئها الآسِر اللذَين لا يفارقانها، فقط انتبه واخفض ناظريكَ قليلًا - خلسةً أو عن قصد- كيلا يفوتك أن تلمح أناملها العابرة للمواهب؛ فبها ترسم وهي الفنانة التشكيلية صاحبة أول دكتوراه عن "فان جوخ"، وبها تكتب الشّعر والرواية بمدادٍ مِن حبر رُوحها.

 لكنك لن تصدق أن الأنامل الرقيقة -عينها- تزأركأسدٍ هصور لا يخاف في الحق لومة لائم.. لتهدي المكتبة الإسلامية عشرات من الكتب والأبحاث والمقالات والرسائل تذود بها عن القرآن، وتجابه كل من يريد النّيل من عقيدتنا، وتنافح عن حياض الأُمّة، وفي سبيل ذلك تقف بشموخٍ أمام الملوك؛ والرؤساء؛ وبابا الفاتيكان؛ تفضح الخطط تارة؛ وتزيح الغبشة عن أعينهم تارة أخرى!

الدكتورة زينب عبد العزيز أستاذ الحضارة والأدب الفرنسي؛ الباحثة ؛الفنانة التشكيلية؛ الشاعرة؛ الروائية التي اعتادت المعارك الفكرية، تعرّضتْ لثلاث محاولات اغتيال لإصرارها على فضح مؤامرات الفاتيكان وحملات التبشير الغربية، أغضبت ملك المغرب السابق، وبابا الفاتيكان، واكتشفت 1350 خطأ في ترجمة مجمع الملك فهد لمعاني القرآن، ورُشّحت مرتين - من قبل جامعة الزقازيق والمنوفية- لجائزة الملك فيصل في مجال خدمة العلوم.

تصدّت للرئيس الفرنسي "جاك شيراك" ومن بعده "ماكرون" وهي العليمة بلسانهما وحضارتهما وما يضمران للنَّيل من الإسلام، فنّدَتْ ترجمات المستشرقين - أذرع الصليبية على حد تعبيرها - وخاضت معارك ضد ترجمة: "جاك بيرك" و"أندريه شوراكيه" وغيرهما، ولم لا؟ وهي أول مسلمة في التاريخ تترجم معاني القرآن الكريم للغة الفرنسية! وقد حفظت القرآن الكريم مذ الصغر، ودفعها والدها لتعلم الفرنسية سيّما وأنه كان متقنًا للفرنسية والإنجليزية والإيطالية.

عنها كتب ثروت عكاشة - وزير الثقافة ونائب رئيس الوزراء الأسبق - مقالا: بعنوان خمسون عامًا من العطاء، بينما أراد رئيس هيئة الفنون الأسبق ذبحها - على حد قولها بسبب معاركها الفكرية- فمنع مشاركتها في المعارض الفنية وهي التشكيلية الحاصلة على أول دكتوراه عن "فان جوخ"! فأقامت على نفقتها الخاصة 52 معرضًا تشكيليًّا.

ساندها الشيخ "جاد الحق علي جاد الحق" شيخ الأزهر الأسبق وثمّنَ عطاءها ورؤاها، واختيرت عضوًا بالأمانة العامّة للاتحاد العالمي لعلماء الإسلام، لكنها رفضت العمل بالجامعات خارج مصر، ولمّا تقبّل ربها جهدها وإخلاصها بقبولٍ حسن؛ أسرَى بحرفها إلى الملأ.. فكانت الأستاذة بجامعة الأزهر والزقازيق والمنوفية، والباحثة التي أنفقت جل عمرها في الفحص والتمحيص، تذبّ عن كتاب الله؛ فدخلت الموسوعات العالمية كباحثة وفنانة، حباها ربي بذاكرة فولاذية تنحني أمامها أعناق المدّعين الكارهين لتصبح فريتهم نْسيًا منْسِيًّا.

بعُمْر الأربعة عشر تزوّجت الفنان والمَثّال "لطفي الطّنبولي"؛ الذي نحت لها تمثالًا أخضر بلون عمرها اليانع، تحتفظ به كأيقونة شاهدة على أروع "ستين عامًا" هي عمر رحلة جمعتهما ملؤها الحُب والفنّ والبحث والمنافحة عن الوطن والعقيدة؛ فكان حقيقًا على دمعها أن ينسال في صمتٍ كلما طاف الحبيب ببالها طيلة ثماني سنوات غادر دنياها ولم يغادر قلبها وعقلها.. قد كان الزوج الصّديق والحبيب والأب والمُعلّم والقدوة.

في الإسكندرية كان المَولد والمَنشأ- من جذورٍ تركية بعيدة- تعلّمتْ في مدارس "الإرساليات" وكانوا على وشْك تنصيرها - كما فعلوا مع صديقتها- لولا جَدتها التي لاحظتْ أن الطّفلة تُصلي صلاة المسلمين والمسيحيين معًا ببراءة شديدة!

في بداية حوارها مع "المشهد"استأذنتْ لتضع رِجلًا على رِجل لأسباب صحيّة قائلة بحياءٍ شديد: "بس ده في الإتيكيت عيب وما يصحش"! فأحرجتني لأنّي كدت أقوم بنفس الفَعلة! يمتد الحوار بيننا لساعاتٍ حتى أُرهِقتْ ضيفتي، فقمتُ لمطبخها مسرعة أعد الشّاي؛ فإذ بها تغُذّ الخطو نحوي وتنبهني بأنها وحدها تعرف ترتيب أدواتها، ولا تحب يدًا تُخلّ به؛ وأصرّت على إعداده بنفسها!

*بيتها.. ويكأنه معرض للوحات تشكيلية تحلق بجناحين: جناح الاقتباس من الآيات القرآنية، والأخرى الاستغراق التام في البيئة المصرية - كأمٍّ رؤوم- تسجل معالمها قبل أن تندثر كما اندثرت أشياء جميلة من قبل.

-على استحياءٍ تبتسم د.زينب عبد العزيز وتضيف: أحبُ أن أَسبر أغوار النّفس البشرية لأستخلص جوهرها وتأثرها برُوح المكان، لذا أقمتُ 5 معارض توّضح الفروق الجوهرية لبدو سيناء بمناطقها الخمس، وللنّوبة وأسوان نِلتُ منحتيّ تفرغ لتدوين الأصالة بريشتي؛ تلك الرّيشة التي أهدانيها الله مذ كنت في الثّانية من عمري! والأمر لم يقتصر على مِصر وحدها؛ فقد رسمتُ معالم أوغندا والسعودية، أما عن القرآن الكريم فقد اقتبستُ العديد من آياته القرآنية ورسمتُ عنها مثل: البحر المسجور، غرابيب سُود، جنّات وأعناب، وفاكهة ولحم طير ممّا يشتهون، والبحر اللجّي، ومساجد الله وغيرها.

* ترفضين الاصطفاف في طابور الصمت (عن الباطل)، وغيرُك اصطّف في طابور السّكوت (عن الحق والباطل)!

- كيف أصمتُ أمام ما يُحاك من الغرب ضد الإسلام بهدف محاصرته ثم إبادته؟!  كيف أصمتُ تجاه مؤامرات الفاتيكان بالتعاون مع الصهيونية العالمية وأمريكا لإسقاط الإسلام بعد إسقاطهم الشيوعية؟! كيف أصمتُ وكل تحركات بابا الفاتيكان لأجل مكاسب سياسية؟! كيف أصمتُ مقابل الحملات التّبشيرية التي لم تعد تكتفي بإفريقيا بل توغلتْ في أعز بقاع وطننا العربيّ؟! كيف أصمتُ حيال جهود المستشرقين - أذرع الصليبية - وتحريفاتهم المتعمدة لمعاني القرآن الكريم، والعيب في الذات الإلهية، وإعادة ترتيب سور القرآن حسب هواهم؟! كيف أصمتُ وأنا أرى مصطلحات الأصولية؛ والحداثة؛ والحوار بين الأديان؛ وتجديد الخطاب الدينيّ قد تم تصديرها إلينا لهدم الإسلام؟!

* تتخذين موقفًا حادًّا من الفاتيكان وحركات التبشير والإلحاد والحروب الصليبية حتى خصصتِ دراساتك وكُتبك وأبحاثك لها.. فهل تلقين الضوء على الأخطار التي تتربّص بنا؟

- مُسُوح الجِدّية تكسو ملامحها فتقول: دعيني أسرد لك فقط عام 1961 حين اجتمع المؤتمر الثالث لمجلس الكنائس العالمي في "نيودلهي"؛ ضم 349 كنيسة مختلفة عقائديًّا! بمعاونة بابا الفاتيكان؛ نتج عنه: تبرئة اليهود من دم المسيح! بعد ألفي عام من ترديد عبارة: "قتلة الرّب"، استنادًا لما هو في أناجيلهم والدعاء عليهم في الصلوات! وتحذير الكنائس من التعليم المعادي لليهود! وتم وصف المسيحية ذاتها بالعنصرية وتحميلها تبعة معاداة السّامية، وأعقب ذلك مؤتمرًا آخر في 1964.

كل هذا أدّى إلى النزيف "الصّامت للكنيسة"؛ بمعنى ترك العديد من المسيحيين لديانتهم وتحول الكثيرين للإلحاد، وحين سُئل البابا أجاب أنه لا يهتم، خاصة وأن أضعاف هذه الأعداد تدخل المسيحية من خلال حملات التبشير والتنصير في إفريقيا! وكل ما يهمه توحيد الكنائس تحت راية "كاثوليكية روما"، وفرض التّنصير كذلك على كل المسيحيين الكنسيين والعلمانيين، رغم المذابح التي وقعت بين المذاهب كالمارونية والكاثوليكية والبروتستانت.

هذا المجمع نفسه قرّر اقتلاع اليسار في عقد الثمانينيات، وكان انهيار الشيوعية بالتعاون بين الكنيسة وأمريكا، حيث شوهوا الشيوعية؛ وادّعوا أن المراحيض وغرف الاستحمام جماعية حتى صدّق الناس! لقد كان جورباتشوف عميلًا للكنيسة، وعلى يديه انهار الاتحاد السوفيتيّ، بعده وفي عقد التسعينيات قرّروا اقتلاع الإسلام كي تبدأ الألفية الثالثة وقد تم تنصير العالَم! وأعلنوا أنّ قرار التّنصير لا رجعة فيه، لذا ياتي "البابا" تلو الآخر مُتبنيًّا نفس القرارات.

1978 في مؤتمر "كولورادو" بأمريكا؛ اجتمع 150 أستاذًا لاهوتيًّا متخصّصًا في التّنصير لدراسة ومناقشة 40 بحثًا في كيفية اختراق العالَم الإسلاميّ لتنصيره، ولن ننسى أن مؤتمر"جنيف"سبقه لنفس السبب، ونُشرت المقترحات في كتاب ضخم مكون من ألف صفحة، يتضمن مداخل الاختراق من خلال: المرأة؛ الصّحة؛ العِمالة المنزلية الأجنبية المسيحية؛ التّدخل في المناهج التعليمية؛ استخدام العلمانية ودُعاتها في التّبشير.

وصلتْ بهم الوقاحة تدبير أحداث 11 سبتمبر 2011؛ وتدمير برجيّ التجارة العالميين؛ وقَتْل الآلاف لإلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين، ورغم أن هناك مئات المواقع العلمية والبحثية والصّحفية تفضح ذلك؛ إلا أنّ البعض منّا مايزال يردّد أنّا فاعلوها! 

انظري إلى البرج الثالث الذي تم تدميره في نفْس اليوم بعد سبع ساعات بطريقة "الهدم تحت السيطرة"؛ دون أن تمسسه طائرة أو صاروخ! كان مكونًا من 47 طابقًا، ويضم قرابة ألفيّ مواطن! كل هذا الدمار ليتلفعوا بـ "شرعية دولية" لاقتلاع الإسلام والمسلمين، فكم مليون مسلم تم قتلهم وإبادتهم مذ ذاك التاريخ في أفغانستان والعراق وسوريا، وستكون بعدها إيران والسعودية ومصر، بخلاف البوسنة وكوسوفا والشيشان؟ تلك استرتيجية معلنة.

تذكُري إعلان رئيس وزراء بريطانيا - إبّان إبادة مسلمي البوسنة وكوسوفا- أنهم لن يسمحوا بقيام دولة إسلامية في أوروبا، انظري لجهود الفاتيكان في مهاجمة الدولة العثمانية، وحين أتوا بـ "كمال أتاتورك" الذي أبدل الحرف اللاتيني بالحرف العربي، وحوّل مسجد "آية صوفيا" إلى متحف بعد نزع الآيات القرآنية واللافتات  التي تحمل اسم الرسول والخلفاء الراشدين، وأسماه "القدّيس صُوفي"، وتوسّع في حقوق الأقليات –بدعم الفاتيكان- حتى انهارت الإمبراطورية.

مسؤولو المنظمات التنصيرية في المؤتمر: المعمداني الجنوبي البروتستانتي وجمعيات "فرانكلين جراهام" الأمريكي التي أوردت وكالات الأنباء أن أعضاءها متواجدون على الحدود العراقية الأردنية مع فرق المارينز (إبّان احتلال العراق 2003) لمباشرة مهام التّبشير - منشور بـ "التايم" الأمريكية - فضلًا عن أسلحة دمار جعلت أراضي العراق غير صالحة للزراعة لآلاف السنيين!.. لقد أوكل مجلس الكنائس العالمي مهمة اقتلاع الإسلام لأمريكا باعتبارها: عسكريا عربيدا يقود العالَم بجنونٍ وغطرسةٍ!

2004 صدر تقرير من مؤسسة "راند" البحثية الأمريكية للتصدي للإسلام الأصولي، واستقطاب حلفاء مسلمين، وقسّموا المجتمع إلى أصوليين؛ وتقليديين؛ وحداثيين؛ وعلمانيين، ونصّ التقرير على تشجيع اصحاب الحداثة، وإدخال مفاهيمهم في الإعلام والتّعليم، ومَنْع أي تحالف بين التقليديين والأصوليين، وإضعاف سُلطة القيادة الدّينية، وتشْجيع الإسلام الصّوفي.

(الحوار بين الأديان مقدّمة للمسيحية الصّهيونية)

تواصل د.زينب حديثها: في 2005 التقى وفد أمريكي "سفراء السّلام" بشيخ الأزهر د.سيد طنطاوي آنئذ، وتم التوقيع على وثيقة بعنوان: "الحقوق المدنية للمسيحيين فقط"! تنص على السّماح لأية جماعات دينية بحرية الدعوة لمذهبهم وعدم التّصدي لهم، وذلك تحت ستار: التآخي والتسامح بين الإسلام والمسيحية، وضمّت الوثيقة 17 بندًا تحوي تنازلات تحت شعار: الحوار بين الأديان، وبناء عليه لا يحق لأي مؤسسة إسلامية التدخل لوقف عمليات التنصير أو التبشير بمذهب مسيحيّ غربيّ! وذلك لأن الإدارة الأمريكية تحاول نشر المسيحية الصّهيونية.

2007 البابا "بندكت السادس عشر" يسُبّ الإسلام والرّسول، في وقاحةٍ وجرأةٍ لم يسبق لها مثيل في تاريخ الباباوات (على الأقل في العلن)، وحدثت الواقعة في مدينة "راتسبون" بألمانيا في محاضرة علنية، فهاج وماج المسلمون وطالبوه بالاعتذار فلم يعتذر! ومايزال حتى الآن مختبئًا في مكان ما هربًا من أحكام قضائية.. بل وأعلن أسفه لموقف المسلمين "الهمجيّ"!

2008 لجنةالحوار بين الأديان التابعة للفاتيكان أصرّت على أن تنعقد في الأزهر الشريف تحت عنوان: "الإيمان بالله وحُب الآخر" في رسالة مفاداها: "ليس لكم الحق في مطالبتنا بالاعتذار عن إساءاتنا لرسول الإسلام"! وعمومًا فمعنى الحوار بين الأديان في كافة النصوص الفاتيكانية: "الحوار إلى أن يتم التنصير"..والوثيقة مبنية على الخداع حين كتبوا عبارة:"أننا نعبد نفس الإله"! فهل "الله" عندنا الذي:"لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفوًا أحد"، هو نفس إلههم في عقيدة التثليث؟! حاجة أخرى تثبت وقاحتهم؛ حين اختاروا تاريخ 11 سبتمبر لإنشاء اللجنة المسؤولة عن تنفيذ قرارات وثيقة الأخوة؛ لمواصلة الرّبط بين الإسلام والإرهاب!

بعد هدم العراق يقومون بتنصيره، ففي ديسمبر 2020 أعلنت مجلة "لاكروا" (الصّليب) أن عيد الميلاد إجازة قومية للعراق، رغم أن تعداد المسيحيين لا يتعدى 2% من عدد السكان ويتركزون في كركوك بالشّمال، كذلك العمل على إطلاق مصطلح "مسيحيو الشرق" بدلا من كلمة أقلية، ولن ننسى كيف اصطحبت قوات المارينز الأمريكية آلاف المبشرين وأدخلتهم العراق.. الفاتيكان أذرعه قوية، يمتلك ثروات هائلة وبنوك بلندن لا تستطيع مَلكة بريطانيا نفْسها أن تدخلها.

* لفرنسا نصيبٌ كبير من اهتمامك؛ هل يعود ذلك لدراستك للغة والحضارة والأدب الفرنسي؟ وما المقصود بالإسلام الفرنسي والأمريكي والتقدمي و"مكة استايل".. وغيرها من مصطلحات دخيلة علينا؟

- لا شك ان دراستي جعلت الأمور أمامي واضحة تمامًا لا لَبس فيها، بل يجعلني أخاطبهم بلغتهم وأكشف مؤمراتهم، وفعلًا فرنسا لها دور كبير في المؤامرات التي تُحاك ضد الإسلام، انظري مثلًا: "الإسلام التقدّمي" الذي ترعاه، ففي سابقة هي الأولى من نوعها تُشجّع سيدتين مسلمتين لتكونا "إمامتين" للمصلين! يرددان ويعبّران عن سعادتيهما بأن الإسلام سيُحمل على كتف المرأة! وحاليًا يتم استكمال مسجدهما ليُطلق عليه اسم "فاطمة"!

فرنسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تضم 8 مليون مسلم طبقًا لإحصاء الفاتيكان، تعمل دومًا على التّحرش بهم، تساند بشدة عمليات التّبشير، تحاول جمع الاتحاد الأوروبي ضد تركيا المسلمة، يمارسون التنصير بكل ما أوتوا من قوة؛ حتى الأطفال يرسلونهم ليبشّروا على الشواطئ!

والأمر يتكرر بشكل أو بآخر في ألمانيا؛ لإيجاد مساجد مشتركة حيث.. الرِّجال جوار النِّساء، مثال ذلك مسجد "ابن رشد-جوتة" في برلين، وكذا أمريكا؛ حيث يُطلق على تلك المساجد "مكة ستايل" أو نموذج مكة، فالإمام مرّة رجل ومرّة امرأة! وهذه المشاريع ترعاها حركة تُدعى: "صَوْت إسلام مستنير"، تضم مائتيّ عضو وعضوة.. وهكذا سنجد قريبًا:الإسلام الفرنسي، والإسلام الأمريكي، والإسلام الغربي.

* تخلصّت أوروبا من سلطة رجال الدين بالكنيسة على اعتبار أنّهم مَن أوردوها عصورها المُظلمة؛ فما الذي يحدث حاليًا سيّما مع التدخل السافر لبابا الفاتيكان في الأمور السّياسية؟

- الإجابة تستوجب العودة ثانيةً لفرنسا؛ حيث قانون 1905 وهو إعلان مبدأ العلمانية بها، والذي ينصّ على أن يكون الرئيس الفرنسي رئيس: بازيليكا سان جان دي لا تران، أي: (كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني)، وهذا يعني أنه يتوجب على كل رئيس فرنسي أن ينحني للفاتيكان، لذلك يطلق على فرنسا رسميًّا: الابنة الكبرى للكنيسة.

وهو ما يوضح أن كل شىء يُدار بالتشاور مع "الفاتيكان"، فساعة تولّي "ماكرون" -ومن قبله "ساركوزي"- والعنف القاتل يصّاعد ضد المسلمين، و"ماكرون" في عداء سافر مع مسلمي فرنسا، فقد أغلق 400 مسجد، ووضع الباقي تحت رقابة الشرطة، وفرض الخُطبة باللغة الفرنسية لا العربية، ومنع الآيات القرآنية التي تتحدث عن التّحريف في النّصوص المسيحية، وحذف سورة الإخلاص سيّما قوله تعالى: (.. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفوًا أحد)، واستبعد المسلمات من العمل بسبب الحجاب، وأنشا معهدًا خاصّا لتخريج الدّعاة على نمط : "الإسلام الفرنسي" الذي يبغونه.

بسبب كورونا تم إغلاق العديد من المساجد، بل وتحديد عدد معين من المصلين في المساجد المتبقية والكنائس، إلا أنّ الكنيسة رفعت دعوى ضد الحكومة، وأصبح الحضور مفتوحًا - للكنائس فقط - بلا حد أقصى! نضيف إلى ذلك حادث "شارلي إبدو" والرسومات المُسيئة للرّسول، وخمس سنوات حتى الآن لم يصدر حكم قضائي، وأخيرًا الرّسوم الأخيرة المسيئة مذ عدة أشهر، وما أدرانا أن القاتل المتهم ليس عميلًا فرنسيًّا أو مجرمًا تم الاتفاق معه على قتل المدرّس لوصم الإسلام بالإرهاب، واستكمال مؤمراتهم ضد المسلمين؟! لقد اعتدنا على حوادثهم المُفتعلة.

"ماكرون" كان مطمئنًا تمامًا من رد الفعل المحلي "الفرنسي"؛ والعالمي "الكنسيّ"، فالعملية جزء من لعبة كبيرة، انظري لأفعال "البابا فرانسيس" لتولي الزعامة العالمية من الناحية الدينية، وما كان قد رتّبه لتوحيد التعليم في العالًم، وتوحيد الإجازة الأسبوعية لتصبح الأحد وإلغاء الجمعة وبالتالي صلاة وخطبة الجمعة، بل واستحداث قدّاسا وخدمات كنسية يوم الجمعة! وقد اتخذ البابا اسم القديس"فرانسيس الأسيزي" تيمنًا بأشهر مبشّر في التاريخ الكنسي.

وهناك معاهد "الفرنسيسكان" و"الدومنكان" وغيرها بها قساوسة تُوَجه الكنائس لتخريب النصوص والمخطوطات الإسلامية، وكذلك جمعية "عمل الشرق" أصدرت كتابها عام 2016 بعنوان: "مسيحيو الشرق لنتقدم على أرضنا"! كما كرّس أكثر من ثلاثين عالٍمًا أنفسهم مدة 5 سنوات في اجتهاد غير مسبوق لإثبات عدم وجود الغيب والوحي في القرآن الكريم!

* عقِب موقف ماكرون الأخير قام المسلمون بمقاطعة المنتوجات الفرنسية انتصارًا لرسول الله؛ فهل أنت راضية عن رد الفعل هذا؟

- بل حزينة جدًا، فقد كان ضعيفًا وركيكًا، ولوأنّ مثل ما قيل كان ضد المسيحيين والمسيح لأقاموا حربًا عالمية ثالثة، كان الرد لابد أن يكون في قوة موقف "ماكرون"، وخطابات تُلقى بالعربية والفرنسية يُذكر فيها تحريف المسيحيين لرسالة عيسى عليه السلام (ولعِلمك هم يعرفون أن رسالتهم محرّفة؛ ومثبت ذلك عندهم في الوثائق والمجامع المسيحية، بل إنّ كتابهم المقدّس يقومون بتغيير صياغته من طبعة لأخرى! ويعلمون أن 82% مما هو بالأناجيل لم يقلها المسيح، وأن 8% من الأفعال المنسوبة له لم يقم بها! وكان لديهم 50 إنجيلًا قبل أن يعتمدوا على أربعة منها فقط!)، كان لابد من إلغاء اتفاقات تجارية وتعاقدات مع فرنسا، نحن متواطئون معهم بالصمت! والكنيسة الغربية تقوَى كلما وجدتنا لا نفعل شيئًا دفاعًا عن إسلامنا، خاصّة وأنّ مصالحها تلتقي مع أطماع الغرب فينا.

* أنتِ أول مسلمة تقوم بترجمة القرآن الكريم للفرنسية، بعد أن نال المستشرقون اهتمامًا وفيرًا منك بصورة أبانتهم بعكس ما كنّا نتصور، إذ ان الفكرة العامّة أن كثيرًا منهم ينتصرون للإسلام، وكم استشهدنا بكلامهم على اعتبار: وشهِد شاهدٌ من أهلها!

- علينا أن نعي أن التنصير والاستشراق وجهان لنفس العُملة، كل منهما يحارب الإسلام إمّا بالتحريف أو بوصمِه بالإرهاب تمهيدًا لاقتلاعه، المستشرق "جاك بيرك" الذي بات عضوًا بمجمع اللغة العربية (وهو الجاهل بها، وقد ثبت ذلك من خلال لجنة شكلها شيخ الأزهر الأسبق: جاد الحق علي جاد الحق)، تم دعمه من الإعلام الغربي لعمل ترجمة موجّهة للمسلمين في فرنسا لطمس هويتهم، يترجم مثلًا: النّبي الأمّي بأنها أمومة! و"إن الله لا يخلف الميعاد" بمعنى أنه لا يتخلف عن المواعيد التي ارتبط بها! وخاتم النبيين ترجمها بمعنى الختم الذي نختم به الأوامر! وترجم: "فتلقّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه" بمعنى أن الله يتوب عن خطئه! المستشرق"شوراكيه" كذلك وضع قوله تعالى: "لكل أجل كتاب" على لسان أبي بكر الصديق! وترجم حروف "ر ح م" ومنها الرحمة والرحيم والرحمن: بأن الله عنده رحم امرأة يعطيه لمن يشاء! والمستشرق "رجيس بلاشير" غيّر ترتيب سور القرآن! إنهم يعبثون بنصوصنا الدينية.

من هنا عكفتُ 8 سنوات بواقع 15 ساعة كل يوم على وضع أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم بتشجيع من الشيخ جاد الحق وزوجي الذي كان يدفعني دومًا لقراءة الكتب الفرنسية وما تحويه من أحقاد ضد الإسلام، وكان د.علي جمعة أستاذا لأصول الفقه بجامعة الأزهر -آنذاك- يساعدني على فهم معاني النصوص.

* أرسلتِ لجاك شيراك وماكرون خطابات؛ فما فحواها؟

- لجاك شيراك أرسلت خطابًا على السّفارة الفرنسية إبّان أزمة الحجاب في بلاده، عقدتُ له مقارنة بين الأديان الثلاثة، وأثبتُ له كيف أن اليهودية تعطي الزوج الحق في تطليق زوجته لو خرجت بدون حجاب (ولذلك تحايلوا ولبسوا الباروكة والبرنيطة أو البيريه)، وفي المسيحية يُجزّ شَعر المراة لو خلعت حجابها! وتحدَيته أن يجد صورة لـ "مريم العذراء" دون حجاب.. بعدها جاءني منه رد يفيد بوصول خطابي له، وأنه مهتم بالأمر وسيتخذ اللازم.

كما أرسلتُ لماكرون في أزمة الرّسوم المسيئة، وأوضحت له أنّ الإسلام ليس دين إرهاب بل المسيحية هي التي انتشرت بحد السيف، ولها تاريخ طويل في المجازر والحرائق، واوضحتُ له التّحريف الذي أصاب كتبهم المقدسة، والرّسالة شهيرة؛ وقد نشرتُها كذلك بالفرنسية والعربية على مُتصفحي بـ "الفيسبوك"، لكنه لم يرد.

* أحصيتِ 1350 خطأ في ترجمة معاني القرآن بمجمع الملك فهد،وأغضبتِ الملك الحسن  خلال زيارتك للمغرب.

- نعم؛ فقد راجعت ترجمة مجمع الملك فهد واستخرجت منها 1350 خطأ، أمّا عن المغرب فقد سافرت إليها لحضور أحد المؤتمرات، وكان معي كتابٌ لي أردتُ عرضه على الملك الحسن ولم يتبق على سفري – ساعتئذ - غيرَ يومٍ واحد، فرفض المسؤولون؛ لأنهم لا يعرضون الكتب على المَلك بدون طباعة فاخرة مجلّدة ومغلّفة بالذّهب! ولمّا أصررتُ، أخذوا كتابي؛ وخلال ساعات تم طبعه بالشّكل الذي أرادوه، والتقيتُ بالمَلك؛ وأوضحتُ له أمورًا تتعلّق بالتّنصير والمستشرقين واليهود، غير أنه لم يصدقني! فخرجتُ من قصره دون استئذان.. وهذا طبعًا مخالف للبروتوكول!

* مُقلّةٌ أنتِ في الحديث عن حياتك الأسرية.

- في سن الرابعة عشر تزوجت من الفنان والمثّال "لطفي الطنبولي"، كان رسامًا ونحاتًا، وجّهني بالطبع فنيًّا؛ فقد كان زوجي ومُعلمي بذات الوقت، تعلمتُ منه أن المسلم يمتلك روحًا ربانية شفّافة؛ وهو أَوْلى النّاس بالتعبير عما بداخله بأي لونٍ من ألوان الفنّ البنّاء، كما دفعني لدراسة كل ما كُتب عن الإسلام بالفرنسية، وشجّعني على ترجمة معاني القرآن الكريم، وكان رئيسًا للقسم العلمي بمركز تسجيل الآثار، وكشف عن سرقات أثرية كثيرة، وكيف يتم تهريبها للخارج بالعديد من الطرق؛ ومنها الحقائب الدبلوماسية التي امتلأ عن طريقها متحف "اللوفر" بالآثار المصرية، وكشفَ كيف هُرّبَ رأس "نفرتيتي"؛ حيث تم كْسرُها وطلاؤها لتغيير معالمها...ولأجلي نحتَ زوجي تمثالا وأنا شابّة أعتز به وأضعه بالبهو الرئيسي لشقتي، كتِف التمثال أصابه كسْرٌ يحتاج للترميم.. لكنّي لا أتصور أن يضع أحدٌ يده على تمثال نحته زوجي بيده (وهنا تنسال دموع ضيفتي في صمت شوقًا للحبيب).

ابني الوحيد يعيش مع أسرته مستقرًا بالخارج ولا ينوي العودة، وهذا كل ما في الأمر..أما أنا قد وهبتُ عُمْري وجهدي لكتاب الله بحثًا وفنّا، والحقيقة كنتُ أحمل سؤالًا كبيرًا أعياني: لمن أترك مكتبتي بثروتها الفكرية والعلمية التي لا تُقدّر بثمن؟! استبشرتُ خيرًا بإحدى الجمعيات الخيرية لأهبها شقتي - بعد الممات - فزوّروا عقد بيعٍ باسمي! وحين كشف الله ما دُبّرَ لي كففتُ عن السؤال اللاهب لروحي: مَن وكيف ومتى سيُعثر على جثتي حين أموت وحيدة بالبيت؟ قد علمتُ أنّ معي ربَّا يدبّر الأمر.
------------------------
حاورتها: حورية عبيدة






اعلان