17 - 05 - 2025

وجهة نظري| بدل الحرية

وجهة نظري| بدل الحرية

انتخابات الصحفيين على الأبواب، تقرع مع وقعها دوما سؤال يبحث الغالبية عن إجابة عليه يتعلق بزيادة "البدل الصحفي" والذى جرت العادة على أن يحمل المرشح لمنصب النقيب وعدا بزيادته ليداعب به الأصوات ويستميلها ويضمن ولاءها لاعبا على الظروف الصعبة التى بات عليها جموع الصحفيين.. ورغم وجاهة المبررات التى يسوقها هؤلاء الباحثون عن أى زيادة تساعدهم فى مواجهة تلك الظروف.. ورغم يقينهم أن مرشح الحكومة دوما هو الأجدر بأصواتهم لأنه الاقدر على تنفيذ وعوده بزيادة البدل الذى تحول لطوق نجاة ينتظره الكثيرون على أمل أن يخفف عنهم ولو قدرا بسيطا من ضيق حال بدا عصيا على الإنفراج.

وجاهة تلك المبررات من وجهة نظر من يوقن بها ورغم تعاطفى مع تلك المحنة التى تمر بها الجماعة الصحفية، إلا أن قناعتى كانت ومازالت تنحاز لقيم وقيمة الصحفى أكبر من إنحيازها لظروفه والمصاعب التى يواجهها فى حياته.

أو بمعنى أوضح يقينى أن إعلاء قيمة الصحفى وإعادة الهيبة لمهنته كسلطة رابعة ولدوره كصوت للشعب لا بوقا للنظام هو السبيل الوحيد ليس فقط لرد إعتباره مهنيا وإنما أيضا ماديا.

من غير المقبول أن يتحول الصحفى لمتسول ينتظر العطف والإحسان ويحلم بما تجود به الحكومة لتحسين حاله، بينما يمكنه تحقيق مستوى لائق إذا ماتوفرت إرادة مخلصة تتبنى مشروعا واضحا يكفل حل كل أزمات الصحفيين صحيا وماديا والأهم مهنيا.

خسر الصحفيون كثيرا عندما أهدروا قيمة مهنتهم، عندما ضربوا عرض الحائط بقدسية تلك المهنة، عندما حولوا اقلامهم لأبواق لاهدف لها سوى الإشادة والنفاق والتطبيل لكل مسئول.. لم يعد يهم الكثير منهم هموم الشعب ولامشاكله ولاقضاياه وانصب هدفهم فقط في نيل رضا النظام.

عزف الشعب عن الصحف عندما تخلى أصحاب الأقلام عنها وانشغلوا بالبحث عن أى "سبوبة" تعينهم على حياة كريمة. سارت الأغلبية فى معية كل مسئول، تهادن وتنافق وتشيد وتبجل ففقدت مصداقيتها وتقزم حجمها ومكانتها ليس فقط فى عيون الشعب وإنما وهو الأخطر فى عيون المسئولين، لم يعد للصحفى دور فى مواجهة الفساد وكشفه، فقد قدرته على دق ناقوس الخطر أمام أى مشكلة أو قضية يعانى منها الناس.. لم يعد لكلماته صدى ولا لناقوسه صوت، استسلمت الغالبية لعملية تكميم الأفواه الممنهجة، ليس فقط درءا للسلامة ولضمان مكسب الخنوع وإنما تأييدا ومشاركة ودعما لتلك الايادى المكبلة، ساهمت الأغلبية بالصمت والتواطؤ فيما وصل إليه حال الصحافة من تردي، الغريب أن أحدا لايعترف بذلك بل ويمتلك هؤلاء من الجرأة أو التبجح إن شئنا الحقيقة على تبرير مواقفهم التى دفعت المهنة ثمنها تدهورا وإنحدارا وتقزما.

كنت ومازلت على يقين أن حال الصحفيين لن ينصلح إلا إذا إنصلحت المهنة، لن يحظى الصحفيون بمستوى لائق بالهبة أو المنحة أو التسول وإنما هو حق مكتسب بالترفع وإعلاء قيمة المهنة ودور الصحفى ومكانته.

هنا عندما هانت علينا مهنتنا وتناسينا دورنا وتغافلنا عن مسئوليتنا، ولن نستعيد تلك المكانة ولا ذلك الدور إلا بإستعادة قدسية الصحافة.

قوة الصحفى فى قلمه وليس فى دعم مسئول، ومكانته يستمدها من الشعب لا من نفاق حاكم، وهيبته تكمن فى ترفعه عن العطايا المغموسة بالمهانة والإحتقار.

حرية الصحفى قبل الخبز ليس مجرد شعار لكنه حقيقة، فالحرية فقط هى من تكفل حياة كريمة، ومادونها مجرد فتات يتلقاه الغافلون فى صمت لكنها أبدا لن يبقى هامتهم مرفوعة.
------------------------
بقلم: هالة فؤاد
المقال منشور في العدد الأسبوعي




مقالات اخرى للكاتب

قادة الندامة