28 - 03 - 2024

شاهد على العصر (35): هذا ماحدث في ليلة 25 يناير وما بعدها!

شاهد على العصر (35): هذا ماحدث في ليلة 25 يناير وما بعدها!

المتغيرات السياسية والتحولات المفصلية لاتأتى جزافا أو تحدث صدفة ولكنها تحدث نتيجة تراكمات عبر أزمنة حتى تحدث تلك التغيرات الكيفية التى تكون البداية للتغيير الحقيقى على أرض الواقع الذى يأتى بالنتائج المرجوة والمستهدفة من هذا التغيير .

أحداث 25 يناير لم تكن صدفة ولكن كانت تعبيرا عن واقع متأزم ونظام حكم شائخ العمر فاقد الشرعية الجماهيرية، مع العلم بأن أحداث يناير وما يماثلها من أحداث تاريخية أتت بمتغيرات سواء كانت سلبية أو إيجابية، ستظل موضع دراسة وأختلاف بل وخلاف بين القوى السياسية والجماهيرية والنخبوية، حيث أن كل هذه القوى ستناقش وتدرس وتحلل من زاوية رؤية شخصية وذاتية ومن زاوية الاستفادة أو عدمها، وكذلك من توافق هذه الاحداث مع رؤية محللها السياسية وانتمائه الايدلوجي. وعلى ذلك فأحداث يناير ستظل موضع خلاف واتفاق حسب تلك الرؤية. 

حتى الآن تمثل أحداث يناير للبعض ثورة وللبعض الآخر هبة أو انتفاضة ومن وجهة نظر آخرين مؤامرة خارجية، ولذا فشهادتنا على هذه الأحداث وما أفرزته من نتائج هى من خلال ماشاهدناه وما شاركنا فيه بصورة أو بأخرى. وهذه الشهادة لاتصادر على رأى ولا هى بديل للرؤى الأخرى والتحليلات المختلفة. 

لاشك كانت هناك ممارسات سياسية معارضة لنظام مبارك سواء كانت هذه الممارسات من جانب بعض الأحزاب السياسية المتواجدة بعد عودة الحياة الحزبية المصنعة على مقاس نظام السادات بعد إلغاء الاتحاد الاشتراكى واستبداله بنظام المنابر ثم بنظام الاحزاب، مارست هذه الأحزاب دورا معارضا تمثل فى المقام الأول فى صدور الصحف الحزبية مثل صحيفة الأهالى (عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي) وصحيفة الشعب (حزب العمل الاشتراكى ) وصحيفة الوفد (حزب الوفد الجديد ) والأحرار (حزب الأحرار الاشتراكيين). 

قام كل حزب بدور معارض يتقدم فيه الأحزاب الأخرى حسب علاقة الحزب بالنظام من خلال معارضته أو موافقته للقرارات السياسية للنظام، كان حزب التجمع هو البادئ بتصعيد المعارضة ضد النظام فى كثير من المواقف، ثم أخذ لواء المعارضة حزب الوفد عن طريق صحيفته، ثم انتقل الدور لصحيفة الشعب لسان حال حزب العمل التى صعدت المعارضة إلى أقصى درجات التصعيد. وترافق مع دور صحيفة الشعب قيام الأحزاب بمظاهرات فى مواجهة بعض المواقف المرفوضة للنظام سواء كانت هذه المواقف داخلية أو خارجية. وفى اغلب الأحيان كانت هذه المواقف وتلك المظاهرات تخص المشكلة الفلسطينية والموقف من إسرائيل. 

كان المهندس إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل الاشتراكى هو رئيس الحزب الوحيد الذى يشارك فى جميع المظاهرات الجماهيرية، وذلك لتاريخه الشخصى منذ أحداث الطلبة عام 1935. نذكر هذه الأمثلة حيث أن أي تحركات سياسية خاصة التحركات والمظاهرات الجماهيرية هى بلاشك أحد عوامل التراكم الكمى. ثم تصاعدت المظاهرات بعد تكوين حركة كفاية فى عام 2004 التى كسرت حاجز الخوف وصعدت من نزول المظاهرات فى الشارع كسرا للالتفاف الأمنى الذى كان دائما يحاصر تلك المظاهرات فى مساحة مكانية محددة، وكانت فى الغالب فى ميدان التحرير أمام المجمع. ثم تشكلت حركة 6 ابريل بعد أحداث المحلة الكبرى عام 2008، بعدها جاءت الجبهة الوطنية للتغيير، وبعد حادثة خالد سعيد أنشأت حركة 6 ابريل صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى پاسم (كلنا خالد سعيد ). 

بعد انتخابات مجلس شعب 2010 وماترافق معها من تزوير واسقاط لكل القوى السياسية المعارضة، كان الشارع السياسى جاهزا تماما لدعوة جماعة 6 ابريل من خلال صفحة (كلنا خالد سعيد) لمظاهرات يوم 25 يناير 2011. وكان اختيار 25 يناير وهو عيد الشرطة المصرية كيدا فى الشرطة وردا على ممارساتها القمعية حينذاك، وكانت حادثة خالد سعيد هى الرمز الذى تم الاتكاء عليه خاصة من جماعة 6 ابريل، حينها كنت عضوا فى مجلس الشعب أتابع الأحداث وما يدور فى الشارع، حتى أننى عندما قال حسنى مبارك فى الجلسة الافتتاحية للمجلس تعبير (خليهم يتسلوا) أدركت أن النظام قد أصبح مغيبا عن الشارع، وأن الانفصال بين الشارع والسلطة قد أصبح واقعا. 

مساء 24 يناير تقابلت مع الصديق المرحوم عزازى على عزازى الصحفى (الذى أصبح محافظا الشرقية بعد 25 يناير)، ذهبنا الى مسرح ميامى لمقابلة الفنانة رغدة أثناء بروفة لمسرحية تشارك فيها من تأليف الأستاذ محفوظ عبد الرحمن وإخراج الأستاذ احمد عبد الحليم، بعد البروفة اجتمعنا أنا وعزازى ورغدة وأحمد عبد الحليم وكان الحديث منصبا على الأحداث التى يمكن أن تتم صباح 25 يناير، حتى أن رغدة قالت لي: هل ستشارك فى مظاهرات الغد والتى هى ضد مبارك الذى قام بتعيينك فى البرلمان؟ هنا قال عزازي: لاعلاقة بتعيين جمال أسعد وموقفه السياسي كمعارض للنظام، قلت بالطبع سأشارك فى هذه المظاهرات. 

ذهبت أنا وعزازى إلى نقابة الصحفيين لكي أقابل الصديق د. يحيى القزاز، حيث كنا على موعد لمتابعة أحداث الغد، التقيت د. عبد الحليم قنديل حيث دار حوار حول قبولى التعيين فى المجلس، بعد هذا الحوار قال لى قنديل: هل ستشاركنا غدا فى المظاهرات؟ تعصبت على قنديل، ودار حوار انتهى بأعتذاره لى لعدم إدراكه علاقة التعيين بموقفى المعارض. علمت من د. القزاز أنه سيتوجه إلى ميدان روكسى بمصر الجديدة كنوع من التنويع بدلا من ميدان التحرير. الساعة 12 ظهرا تظاهر القزاز فى روكسى مع عدد لايتجاوز عشرة أشخاص كان منهم القزاز وكريمة الحفناوى ونور الهدى زكي وشاهندة مقلد وممدوح حمزة، ولكن الشرطة فرقتهم فذهبوا إلى مصطفى محمود للانضمام إلى مظاهرة التحرير، كان مقررا للمظاهرة التى تمت الدعوة لها أن تبدأ فى الساعة الثانية ظهرا من ميدان مصطفى محمود. بدأت المظاهرة مرورا بشارع أحمد عبد العزيز وصولا إلى التحرير، كانت الجماهير تطل من البلكونات وتلقى على المتظاهرين زجاجات المياه والورود، مما جعل الانضمام إلى المظاهرة يأخذ شكلا لم يكن متوقعا بالفعل، في اليوم السابق ونحن فى نقابة الصحفيين كنا نتمنى أن يخرج إلى المظاهرة خمسة آلاف متظاهر حتى تنتقل المظاهرات إلى مستوى أعلى مما كان يحدث، ولكن تجاوزت المظاهرة فى التحرير أكثر من عشرين ألف متظاهر. 

استمرت المظاهرة فى التحرير فى زخم جماهيرى غير مسبوق منذ فترة السبعينات التى كان فيها التظاهر ضد السادات وفى ماسمى بعام الحسم، أنذرت الشرطة المتظاهرين للانفضاض بعد الساعة العاشرة ولكن لم تنفض المظاهرة، تجدد الأنذار وتم توجيه خراطيم المياه. وفى الساعة الثانية عشر تقريبا تم فض المظاهرة بشكل عنيف مما جعل المتظاهرين يجرون يمينا وشمالا هروبا من القنابل المسيلة للدموع، كنت قد شاركت فى مظاهرة ميدان التحرير مباشرة عصر يوم 25 ولم أذهب إلى مصطفى محمود. 

ظللت فى التحرير وكان معى ابنى شادى ود. احمد عواض (المخرج والأستاذ فى معهد السينما والآن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة) وبعض زملاء شادى، كنا ننتقل بين المظاهرة فى التحرير وقهوة فيينا فى شارع القصر العينى أمام مسرح السلام، مرورا بالتجمعات الشرطية المكثفة التى لم تقم بأى فعل ضد المتظاهرين، بل حدثت مشادة بين الشرطة وبين بعض المتظاهرين القادمين من القصر العينى الى التحرير أمام مجلس الشعب فقام المتظاهرون بالاعتداء على عسكرى شرطة، ناهيك عن إنهاك القوة الشرطية طوال اليوم أمام مجلس الشورى حتى أنه تم الاحتكاك بى أثناء مرورى بهم إلى التحرير، ثم قام ضابط بالاعتذار لى بعد معرفته أننى عضو بمجلس الشعب، ثم دار حوار بيننا أدركت من خلاله أن الشرطة مرغمة ومرهقة، وأنها فى حالة تنبئ بما ليس متوقعا. 

فى هذه الأثناء تقابلت مع الصديق أسامة سلامة الصحفى فى روزاليوسف (رئيس تحرير روزاليوسف فيما بعد) مع مجموعة من الصحفيين، تناقشنا فى الحدث وقمت بخلع بادج عضوية المجلس من الجاكت، قال أسامة لماذا هذا؟ قلت انى أدرك أن نظام مبارك قد سقط اليوم، حتى ولو ظل يحكم فترة من الزمن، فالجماهير قد أعلنت اليوم سحب الشرعية الجماهيرية من نظام مبارك. بالفعل أحسست أن هذه العضوية قد فقدت صلاحيتها وأسقطت هيبتها. 

بعد فض المظاهرة تسربنا من الميدان مرورا أمام السفارة الأمريكية، مما جعلنا نحتك بالشرطة والحرس الخاص بالسفارة، انتهى الامر أيضا بعد اعلانى عضوية المجلس (حيث كنت أشعر بإحساس غريب وهو عدم الاعتداد بهده العضوية من جانب الشرطة!)، فى اليوم التالى لم تكن هناك مظاهرات ولكن كان الشارع فى القاهرة خاصة فى نطاق التحرير فى حالة طوارئ حقيقية. 

بعد لقاء كان مرتبا مع وزير الزراعة (أمين أباظة)، كنت بين أمرين هل أظل فى القاهرة أم أعود إلى القوصية؟ حسمت الامر بالعودة إلى القوصية فى رحلة شاقة وغير عادية حيث لم أجد مواصلات فى الموقف، غير أن أحد الميكروباصات وافق سائقه بعد دفع ثلاثة أضعاف الأجرة وعدنا من الطريق الصحراوى الشرقى الذى لم يكن قد انتهى العمل به. 

وسط الطريق نفد البنزين، ولا توجد محطات بنزين حينها، غير محطة تابعة للقوات المسلحة، نزلت ورجوت الضابط المسؤول تموين السيارة، لم يكن كوبرى ملوى قد تم الانتهاء منه. وصلنا الى النيل فى ملوى وتساومنا مع صاحب عبارة أن ينقلنا نحن والسيارة إلى البر الغربي، وفى فجر اليوم التالى وصلنا القوصية بمعجزة بعد توقيفنا طوال الطريق من الشباب الذى يقوم بتفتيشنا والسيارة تحت زعم حماية الأمن! عدت إلى القوصية على أن أمارس واشارك فيما يحدث من بلدنا القوصية، وذلك لعدم ارتياحى للمشهد العام الذى ارى فيه النخبة السياسية التى تقوم بهذه المظاهرات.

مرت أيام الاربعاء والخميس 26 و27 يناير مع بعض المناوشات بين الشباب والشرطة فى بعض المحافظات، خاصة محافظة السويس التى قتل فيها شابان، كانت الدعوة للتظاهر يوم الجمعة 28 يناير عقب صلاة الجمعة فى ميدان التحرير، وان كانت الدعوة لميدان التحرير بعد الحشد غير المتوقع يوم 25، شملت كل ميادين مصر بمحافظاتها ومراكزها. وإذا كانت الشعارات المطروحة يوم 25 شعارات إصلاحية وليست ثورية شملت شعارات تعنى العيش والحرية والكرامة، تبلورت فى اخر اليوم إلى عدة مطالب إصلاحية مثل تعديل الدستور وتعيين نائب للرئيس وحل مجلس الشعب واسقاط قانون الطوارئ...الخ. 

ولكن مظاهرات الجمعة 28 يناير حملت شعارا ثوريا وهو (الشعب يريد اسقاط النظام)، كنت بالقوصية تواجدت أمام سينما النصر فى شارع الجلاء الشارع الرئيسى ماقبل صلاة الجمعة انتظارا لخروج المصلين، كنت أقود المظاهرة من ميدان السينما متوجهين إلى عمق شارع الجلاء وكان ابننا المهندس وليد نصر يردد شعار (الشعب يريد اسقاط النظام) وعند مسجد سعد مكارم (مسجد كان الإخوان يسيطرون عليه ويعتبر منصتهم الرئيسية) تقابلنا مع مظاهرة للإخوان، وتوقفت المظاهرة أمام المسجد لمغزى كان مقصودا أي أن تكون المظاهرة إخوانية، (ولكن الشباب النقى والوطنى لم يفرق بين المتظاهرين) مع العلم أن شباب الإخوان لم يكن فى مقدمة المظاهرة وكان يردد الهتافات فقط!!!. 

بدأت فى هتافاتى المطالبة بإسقاط مجلس الشعب، هنا اندفع أحد الشباب يتهمنى بالنفاق لأني معين بمجلس الشعب الذي أطالب بإسقاطه!. (تجاهلت الرد لأن الوعى العام لا يفرق بين الموقف السياسى المعارض وقبولى القرار الجمهورى بالتعيين)، ظللنا حتى قبل العصر وانفضت المظاهرة، فكانت متابعة الأحداث فى التحرير من خلال وسائل الإعلام. 

كانت خطة الشرطة فى التحرير بعد تجربة 25 يناير هى محاصرة المتظاهرين فى الشوارع المفتوحة على التحرير حتى لا يحدث التجمع المراد، بعد صلاة العصر كان هناك من (حرك الوتد) أي بدأ فى خطة التخريب فى ظل هذا الحشد الذى يجمع كل النوعيات من الوطنيين الواعين للهدف ومن يشارك بلا وعى وبلا هدف، كما أن الأمر فى مثل هذه التجمعات لا يخلو من البلطجية بكل تصنيفاتهم، وتسير الامور بنظرية (سياسة القطيع). 

تم حرق الاقسام ومبنى الحزب الوطنى ومحكمة الجلاء والسيارات ونهب المحلات وفتح السجون، والأهم أنه فى ظل هذا الوضع الخطير شاهد الشعب انسحاب الشرطة من الموقف برمته؟!، وكان البديل بالطبع نزول القوات المسلحة لحماية الوطن. 

كانت أول العلامات المربكة حينها ظهور الدبابات يركبها جنود القوات المسلحة ويكتب عليها (يسقط حسنى مبارك)، كانت هذه إشارة جعلت المتظاهرين يستمدون الاحساس بالقوة فى مواجهة اى ظروف قادمة، أضف إلى ذلك فتح السجون والهجوم عليها فى توقيت شبه موحد، مثل سجون: وادى النطرون - طرة - ابو زعبل - المرج - سجن القطا الجديد. وقيل وقتها إن هناك عربات الدفع الرباعي جاءت من سيناء (حزب الله اللبنانى والارهابيين فى سيناء)، أو أن الشرطة قامت بالعملية!!. حتى أن تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلت برئاسة المستشار عادل قورة لتقصى أحداث 25 يناير والذى جاء فى 400 صفحة ونشر بجريدة المصرى اليوم، لم يتطرق إلى الفاعل الحقيقي. ولكن تصاعد الأحداث والنتائج التى ترتبت عليها والتى بدأت بعدم موافقة جماعة الاخوان على المشاركة فى 25 يناير - ولم تنزل الجماعة إلا بعد مشاهدة الآلاف تحتشد فى كل الميادين يوم 28 يناير.- ثم نزلت الجماعة - التى كان قلبها مع النظام وكانت هناك تفاهمات بين الجماعة وبين عمر سليمان لانسحاب المظاهرات مقابل الموافقة على إنشاء حزب للإخوان- ...الخ. 

28 يناير كانت الأحداث متعددة ولا يمكن رؤيتها من زاوية واحدة أو من مكان واحد، ففى اللحظة التى بدأ فيها التخريب (الذى يهدف إلى إجهاض الثورة قبل أن تبدأ). كانت هناك حالات دهس من بعض سيارات الشرطة عمدا لبعض المتظاهرين (فى الإعلام وعلى الهواء مباشرة)، كانت هناك سيارات مصفحة تحمل أرقاما دبلوماسية (السفارة الأمريكية) قامت بسحق ودهس المواطنين فى شارع القصر العينى. كل هذه الاحداث وظلت الجماهير قابعة فى الميدان، وكان هناك مناورات من جانب النظام لمحاولة احتواء الموقف. 

المناورة الاولى: تعيين احمد شفيق رئيسا للوزراء حيث كان يتمتع بسمعة طيبة من خلال مسئولياته السابقة، ولم تتجاوب الجماهير مع هذه الخطوة وهى جماهير ميدان التحرير التى كانت لها الكلمة العليا فى مسار الثورة فى ذلك الوقت. 

المناورة الثانية: تعيين حسام بدراوى أمينا عاما للحزب الوطنى للايحاء بأن التغيير الذى تطالب به الجماهير قد تم، ولكن الجماهير لم تقتنع بهذه الخطوة. 

المناورة الثالثة : كانت خطاب مبارك العاطفى يوم الثلاثاء 1 فيراير 2011 والذى احدث بالفعل تعاطفا مع مبارك على المستوى الإنساني، حتى أن البعض طالب باعطاء فرصة لمبارك، ولكن فى اليوم التالى حدثت ما سمى بموقعة الجمل فضاع تأثير الخطاب. 

واخيرا كان تعيين عمر سليمان نائبا للرئيس، إضافة إلى اجتماع مجلس الشعب يوم الاحد 30 يناير فى جلسة خاصة بأحد قاعات اللجان لحضور عدد قليل من الاعضاء نظرا للاحداث، حيث كانت الجلسة (التى اذيعت على الهواء مباشرة) تهدف إلى إرسال رسالة تقول إن المجلس متعاطف مع مطالب الجماهير، وأنه سيتم إسقاط عضوية من تحكم المحكمة بعدم صحة عضويتهم، إضافة إلى تعديل بعض مواد الدستور. 

لم تنجح هذه المناورات، إضافة إلى اجتماع عمر سليمان يوم الأحد 30 يناير بمجلس الوزراء مع مجموعة من النخبة السياسية كان منهم محمد مرسى وعبد المنعم أبو الفتوح (ونجيب ساويرس) وغيرهم، ممن قبل الجلوس مع سليمان. 

وتصاعدت الامور داخليا وخارجيا خاصة من الجانب الأمريكى بقيادة أوباما وتخطيط هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية حينذاك، وعندما قال أوباما لمبارك: اترك الحكم الان..الان. أعلن عمر سليمان تركه الحكم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذى كان قد اجتمع فى بداية الأحداث بدون رئاسة مبارك باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة! 

ارتاح المتظاهرون وانسحب أغلبيتهم من الميدان، وفى اليوم الثانى تم تنظيف الميدان مع احساس كاذب بأن الثورة قد نجحت، وتعددت الجمع تحت مسميات مختلفة يجمعها الميدان وتفرقها الأهداف المضمرة والتى ظهرت بعد ذلك علانية. 

كيف سارت الاحداث؟ هل كانت فى اتجاه تحقيق مطالب الثورة بالفعل أم راحت فى اتجاه آخر؟ سنرى.
----------------------------
بقلم جمال أسعد عبدالملاك *
* سياسي وبرلماني مصري سابق

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب (٧)





اعلان