19 - 04 - 2024

الوزير الحائر

الوزير الحائر

 يحكى أن سلطانا اشيع عنه انه لايزال عبدا ولم يعتق ويصبح من الأحرار، وبالتالي لاتجوز ولايته.

غضب كثيرا وثار وهاج وماج و عندما هدأت ثورته أدرك أنه يجب أن يواجه رأي الشعب إما بالقوة او القانون، وفي النهاية اختار القانون وهو ان يعرض للبيع ثم يُعتق فيصير حرا وأهلا للولاية.

اشترته امرأة قيل عنها غانية ورفضت أن تعتقه قبل ان يقضي في بيتها ليلته على أن تعتقه مع آذان الفجر .

كأنه موعد مع البصيرة ضربة القدر لتزول غشاوة صنعها الآخرون ليضلوا بها السلطان ، ويكتشف أنها عاشقة أدب وثقافة لا عهر وفجور، وتكتشف هي أنه يحمل في جنباته سلطانا عادلا ولكنهم الرفقاء و الخلان.

أعتق السلطان وصار أهلا للولاية شرعا مع دروس تعلمها من المحنة، منها أن القوة غاشمة لاتفيد و القضاء الفاسد قد يخرجك من مأزق اليوم و لكنه عار على الجبين إلى يوم الدين، ولكن بالحكمة و العدل والحق نري الطريق القويم الذي ليس له بديل.

كان في ضيافتنا احد وزراء اليمن السابقين لتكريمه واستاء لأبعد مدي حين لم يلقب بمعالي الوزير عند دعوته للمنصة لاستلام هديته الرمزية، مأساته أنه فقد لقبه العزيز معالي الوزير و كثيرون يتالمون لفقد اللقب الغالي صاحب الفخامة، صاحب المعالي …. إلى أخر القائمة الطويلة من ألقاب العبودية الفاخرة .

صاحب المعالي رئيس الوزراء أهين علي مرأي ومسمع معالي الوزير، وعندما تنحنح أهين معه في سابقة هي الاولي علي مرأي و مسمع من الجميع و ليتهما اهينا من عظيم و لكنه من عبد مثلهما له كل أماني العبيد .

عندما سألوا وحشيا بعدما أسلم: لماذا قتلت حمزة اسد الله، قال بكل وضوح كنت عبدا ولي آمال عبد وقد وعدت بالعتق إن قتلت حمزة، وقد اعتقدت أني ملكت حريتي ولكن قتل حمزة أسرني وصرت عبد فعلتي وجميع بحار الخمر لم تسكرني لأهرب من كابوسي هذا.

معالي الوزير حائر بين عبوديته القديمة وواقعه، و نحن لا نعرف هل تحرر من ماضيه أم أن من أهانهما لازال يحمل صك الملكية وهم لا يملكون صك العتق .

حكي لي أستاذنا الفاضل أنه عندما حصل علي شهادة  الثانوية رغب في الالتحاق بكلية البوليس وأثناء ذهابه مع والده و كان رجل قضاء ذا خلق رفيع، صدمت الوالد عربة كارو أثناء سيرها فاستشاط الابن غضبا ورفع السائق بكلتا ذراعيه لرزع  رأسه في  الأرض رزعا.

نهره الأب غاضبا وجذبه من ذراعيه وصاح فيه قائلاً إن احتذينا بأخلاق الشارع، فماذا نترك لرجل الشارع يحتذي به إلا مزيدا من سوء الخلق.

نعم إن اتسمت النخب بأخلاق الشوارع، ماذا نتوقع بعد ذلك إلا الضياع و المزيد من الرداءة.

الآن و بعد ثلاثين عاما علي هذه الواقعة اسأل نفسي كثيرا لمن نشير بأصابع الاتهام في ضياع الأخلاق بين النخب، وبالتالي في الشارع المصري.

المربي الفاضل تفرغ لجمع المزيد و المزيد من الأموال ولتذهب المبادئ و الأخلاق الي الجحيم.

التوجه إلى تمكين الاستثمار الرياضي بدون دستور قوي يحمي حق الشباب في بيئة أخلاقية يتنفس هواء نقيا منها يدعم بناء جميع حواسه و تذوقه للرقي الخلقي لن تؤدي إلا لمزيد من الفساد الخلقي و الفكري، وبالتالي المادي باستباحة كل شئ لبلوغ الهدف الأهم، وهو المزيد و المزيد من الأموال.

فصل الشباب عن الرياضة و اعادة بناء استراتيجية للنقاء الفكري و الأخلاقي للشباب صارت هي الأمل في غد افضل ان كنا حقا نرغب في بلوغ ما سبقنا إليه السابقون.

------------------------

بقلم: محمد عبادة 


مقالات اخرى للكاتب

أحلام ضائعة





اعلان