28 - 03 - 2024

فليذهب قطار الزواج للجحيم

فليذهب قطار الزواج للجحيم

مع اقترابي من عامي الثلاثين أوجعني حديث البعض بأن الوحيدات قد دهسهن قطار الزواج، حين لم يلحقن به، ولم يتبق منهن إلا عظيمات قررن أن يتركن بصمة فى هذا العالم ليصبحن مختلفات عن غيرهن، وهؤلاء يقمن بتحقيق أحلامهن، وطموحاتهن التى باتت غريبة فى مجتمع، أصبح أقصى طموحاته أن يزوج فتياته لسترهن، وشبابه للمحافظة عليهم من الإنحراف، إضافة إلى إنجاب الأطفال لمساندة أهاليهم عندما يشيبون كما يزعمون.

منذ يومين سألتنى صديقتى الثلاثينية الوحيدة مثلي: "هل بالفعل سيفوتني قطار الزواج مع اقتراب سن الثلاثين؟ وسأصبح وحيدة ولا أجد من يرعانى عند الكبر، أو الزوج المناسب وأكون مضطرة للموافقة على أى شخص لمجرد ان عمرى أصبح فوق الثلاثين؟"

أجبتها أن الوحدة خير من رفيق السوء، فالرجل اذا لم يضف الى حياتنا البهجة والسرور فإنه يعتبر رفيق سوء، وفكرة الزواج لمجرد الحصول على لقب "مدام" وكذلك المقولة المنتشرة "لقب مطلقة أفضل من لقب عانس" غير صحيحتان، فالحياة مع رجل كل مايريده الإنجاب وجعلك خادمة له دون أن يكتفى بك، ويشعرك بالأمان والحب وأنك كل ما له فى هذه الحياة، يعتبر قتلا بدم بارد.

ما أجمل وحدتنا يا عزيزتى التى تجعلنا لا نعتمد على أحد، ولا نرضى بأى شخص لمجرد أن نحصل على لقب "مدام"، نصبح بعدها فى أحضان رجل غريب عنا لمجرد الهروب ممن يطلقون علينا "عوانس".

ما أجمل وحدتنا يا عزيزتى ونحن أصبحنا نخوض معارك لا يستطيع خوضها رجال.

نعم.. ما أجمل وحدتى التى حولتنى من طفلة مدللة، الى أمرأة ناضجة تجلس فى شرفتها وتنظر للسماء لا لتعد النجوم وترسم صورة لفتى الأحلام، بل لتسأل الله أن يوفقها في أيامها القادمة وان يجعلها سببا فى مساندة كل من يحتاجها.

يا عزيزتى علمتنى وحدتى أيضاً أن اضحك على ما كان يبكينى، وان أرد على من يقول لى "سيفوتك قطار الزواج"، بأن هذا القطار لا يناسبنى ومن الممكن أن أستقل قطاراً أخر يناسبنى، وان الزمان اذا عاد بكم من جديد ستفعلون ما أفعله انا الأن، فكم من حياة تعيشونها غير راضين لمجرد إكمال الشكل الإجتماعى فقط، وخوفاً من نظرة المجتمع لكن.

لن أقول لك يا عزيزتى لا تتأثري بأحاديثهم التى كادت أن تقتلك من البكاء خوفاً من المستقبل، لأنك تشعرين لكنهم لايشعرون بالرصاص الذي ينطلق من أفواههم ويكاد أن يقتلك، ولكن سأقول لك بأن ترتيبات الله جميعها خير لك، وأن تعيشي وحيدة أفضل من أن تعيشي نصف حياة مع رجل يحولك إلى مريضة نفسية، فاقده للأمان، وكارهة للعالم والرجال من بعده، خائفة من الدخول فى علاقة، أوالوثوق فى أحد، لذلك يا عزيزتى لا تقبلي بأقل مما تستحقين فالوحدة أفضل بكثير من العيش فى حياة لا تمثلنا، علمتنى وحدتي أن يكون رفيقى كتاب أقف على كلماته فيزيدنى طولاً، وليس رفيقاً يقف على كتفى فينحنى ظهرى قبل أن أصل الخمسين.

 عفواً يا من يطلقون عليه "قطار الزواج"، فلن أطلب منك الرفق بي، فليس لندباتك مكان، ولن أسمح لأحدهم أن يطرق وجهى بمعوله ليجعل جبينى مملوءا بالندبات.

إن كنت وحيدة فكونى سعيدة، للوحدة وجوه كثيرة، لونى أحدها بألوان البهجة، ولا تنتظرى رتوش الآخرين، وليذهب قطار زواجهم للجحيم.
------------------------
بقلم: بسمة رمضان

مقالات اخرى للكاتب

انقطع طوق النجاة وانشقت المعارضة .. والسر الحوار الوطني





اعلان