04 - 06 - 2025

"الكروان الممنوع".. قارئ منعه الأزهر فاشتهر في العالم الإسلامي

صدر عن وكالة الصحافة العربية للنشر كتاب الكروان الممنوع عن قصة القارئ عنتر مُسلم، للكتاب الصحفي المصري طايع الديب، وجاء الكتاب في 150 صفحة من الحجم المتوسط، ليحكي قصة حياة القارئ الذي لُقب بالكروان الممنوع.

حكاية قارئ

ولد عنتر مسلم في محافظة الغربية في عام 1936، لأسرة فقيرة مكونة من الأب والأم و6 أطفال، وكان الشيخ عند ولادته مُبصراً إلى أن أصيب وعمره عام واحد بعرص مرضي في عينه، فداوته جدته لأبيه بمادة من الطب الشعبي أدت لفقده البصر، وظل حتى سن 5 سنوات في المنزل وسط ضيق من أسرته البسيطة إذ لم يكن يصلُح لأعمال الحقل، إلى أن ألحقه والده بالكُتاب، حتى أتم حفظ القرآن كاملاً في سن الثامنة.

ويقول طايع الديب "لم تكن تتوافر معلومات كافية عن الشيخ عنتر، واستدعى ذلك سفري لأكثر من مُحافظة مصرية لجمع معلومات من أولئك الذين عاصروه أو ربطتهم به علاقة، كما تلقيت بعض المعلومات من عرب وأجانب منهم الدكتور أندرو سايمون وهو باحث في برنامج دراسات الشرق الأوسط بكلية "دارتموث" الأمريكية، والذي يعمل على كتاب يُسجل تاريخ مصر الثقافي خلال الخمسين سنة الأخيرة، ويحوي فصلاً كاملاً عن الشيخ عنتر، واستمرت رحلتي في جمع المعلومات أكثر من عام".

ويُضيف "ترك الشيخ الدراسة في المرحلة الإعدادية وراهن على التعلم الذاتي، وأدرك أن عليه قبل النزول لبحر التلاوة التمكن من أدواته الفنية، لذا اتخذ طريقه للموالد الشعبية التي كانت تُقام على مدار العام في قرى ومدن الوجه البحري، كما ارتاد أوساط صغار الموسيقيين المُحترفين الذين كانوا يرتحلون مع الموالد الشعبية، ومعهم درس المقامات الموسيقية حسب تعبيره، وفي الموالد بدأ حياته كمنشد ديني بفرق موسيقية كونها بنفسه من صغار الموسيقيين الذين التقاهم، وفي مطلع الخمسينيات تفرغ بشكل كامل لقراءة القرآن". قصة المنع ذاع صيت الشيخ في الوجه البحري في الثمانينيات، ولم يكن من عادة الفلاحون حينذاك الاستماع لمُقرئي السرادقات، ولكن مع ظهور الشيخ عنتر اختلف الوضع تماماً، فكان السُرادق لا يكفي الحضور الذين جاءوا من كل حدب وصوب للاستماع للشيخ".

"شيخ طريقة" في التلاوة

يرى المؤلف أن "مسلم كان شيخ طريقة جديدة من نوعها في دولة التلاوة في مصر، فكان يقرأ القرآن بأكثر من 4 قراءات مُختلفة في الربع الواحد، فاعتبر قراء الإذاعة قراءاته نوعاً من الهرطقة، فهاجموه، ولكن السبب الرئيسي من وجهة نظري هو جماهيرية الشيخ الكبيرة، والتي سحبت البُساط من تحت أرجلهم، حتى أنهم كانوا يوعزون لصغار القراء لكتابة شكاوى ضد الشيخ عنتر لمنعه من التلاوة".

ويُتابع: "شنوا عليه حرباً من أسوان للإسكندرية، حتى أن شيخ السلفية الشيخ كشك طالبه بالتوبة، واتهمه بالخروج عن الملة، وهدده في خطبه شهيرة بإعدامه شنقاً، وكانت نتيجة الحرب ضده حظره من الأزهر ومنع توزيع أشرطته، وأمام الحرب التي تعرض لها لم يكن أمام الشيخ سوى نشر إعلان توبة عن مدرسته في القراءة نشره في 3 صحف رسمية، على نفقته الخاصة، تبرأ من مدرسته في التلاوة". لقد اختفي مُسلم ومنعت أشرطته في مصر لكنها عرفت طريقها لكل بقاع العالم، خصوصاً دول آسيا المُسلمة. واختلف الجمهور على الشيخ عنتر في زمانه، فمنهم من اعتبره نبتة إلهية في حدائق القرآن، بينما اعتبره فصيل آخر أنه مُبتدع لا يصلح حتى كقارئ مقابر، إلا أن الشيخ مازال حتى اليوم صاحب مدرسة للتلاوة في العراق وإيران ومصر وإندونيسيا وغيرها".