19 - 04 - 2024

رسالة لن تصل إلى الرئيس

رسالة لن تصل إلى الرئيس

السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي ...

اسعدني تصريحك أمس عندما قلت أن الدولة يجب أن تتحمل المسؤولية تجاه التعدي على أراضي الدولة بأن توفر للسكان في تلك المناطق وحدات سكنية، وأوضحت أن أجهزة الدولة كانت شريكا في المخالفة بالصمت، وعدم اتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب ليكون رادعا عن الاستمرار في المخالفات.

نعم سيدي الرئيس من العدل أن تتحمل الدولة مسؤوليتها وقد تهاونت أجهزتها وأهملت وفرطت في تطبيق القانون، حتى صارت مخالفة القانون عرفا. وأنا مع ما ألمسه منك من رفق وسعي لتحقيق العدل وتحري الحق أوجه حديث أخت لأخيها إليك..

سيدي الرئبس ...الشعب يعاني معاناة شديدة المرارة، وقد تخطت مرارتها القدرة على التحمل.. معاناة مادية ومعنوية .. الغلاء يطحن الجميع و يجعل الكل يقسو على الكل . 

رجاءً يا سيادة الرئيس ترفق بشعبك، فليس كل ما يقوله الخبراء مناسبا للشعب.

فالخبراء والوزراء لا يعيشون حياة المواطن، يركبون سيارات فارهة على نفقة الدولة، و لك أن تلقي نظرة على فناء مقر الحكم عند أي اجتماع لترى كم السيارات ونوعياتها و كمية الطاقة التى تستهلكها.

هؤلاء الذين يعيشون حياة مرفهة ويجلسون في مكاتب مكيفة تدفع الدولة فواتير الكهرباء لها، ويتقاضون مرتبات كبيرة، لا يمكن أن يدركوا مدى معاناة الشعب الذي تتراوح مرتباته بين أقل من ألفي جنيه لصاحب المعاش إلى خمسة آلاف جنيه كحد اقصى لمعظم أصحاب الوظائف العادية التى لا تنتمي الى الفئات المحظوظة او المميزة في المجتمع.

لجنة شعبية 

أرجوك الاستعانة بلجنة من الخبراء من أصحاب المعاشات والموظفين الصغار والعمال "كمتبرعين بلا أجر"، فهؤلاء هم جسد هذه الأمة الذي يعاني . ووحدهم القادرون على إعطائك صورة حقيقية عن حياة المواطن.

سيدي الرئيس الشعب يقدر جهودك لبناء الدولة، لكن لا يمكن أن يكون بناء الدولة أهم من حياة شعبها.

هناك تقارير تصل إليك ربما لا تعكس الصورة الحقيقية، ولا يغرنك دفاع بعض الناس المستميت عبر الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي عن القرارات الحكومية القاسية على الشعب، تستطيع أن تعرف إن أردت أن هؤلاء الذين يقسون على أبناء وطنهم بتأييدهم للقرارات الحكومية، دائما يبدون وكأنهم مبرمجين على المدح والتأييد لأنهم لا يعانون، نعم بينهم أصحاب مصالح وأصحاب ثروات ...

 المعاناة مرة

المواطن العادي يعاني معاناة مرة ولا يجد من يرفع معاناته إليك، فمن تصل أصواتهم إليك لا يعانون وراجع مرتباتهم و امتيازاتهم وما يحصلون عليه وكم عدد السكرتارية والمعاونين حولهم.

سيدي الرئيس الناس عايشة بالعافية حرفيا، تأكل و تشرب بالعافية، ولا هتقدر تدفع أقساط عربية جديدة ولا تكييف جديد. 

و بدلا من أن نطالب الشعب بتغيير سياراته القديمة، نستطيع ببساطة أن نطالب الحكومة بتنظيم النقل الجماعي بشكل أكثر آدمية، على أن يتم تفعيل نظام الاشتراكات المخفضة بمدد مختلفة تتناسب وظروف كل شخص.

المواصلات العامة المحترمة سوف تقلل من استخدام السيارات الخاصة وهو ما سوف يوفر الطاقة ويوفر ايضا استهلاك الشوارع و تكدسها وأزمة المواقف، على أن تكون أسعار المواصلات العامة أقل من تكلفة استخدام السيارة الخاصة لأسرة من أربعة افراد في المشوار الواحد، لكي نغري الأسرة أن تترك سيارتها وتستقل تلك المواصلات العامة هذا اولا .

قانون تنظيم البناء

سيادة الرئيس قانون تنظيم البناء هام جدا وكنت أرجوه ان يصدر قبل سنوات طويلة، قبل أن ينتشر القبح وتقتل الحياة النباتية في الأراضي الزراعية الخصبة وتتحول إلى أعمدة خرسانية. لكنه لم يصدر في الوقت المناسب، و قد صدر مؤخرا، فكيف يعاقب بأثر رجعي؟ 

أنا مع إصدار قرار عسكري بمنع البناء الجديد بدون ترخيص، لكن أن يطبق القانون بأثر رجعي.. هذا ظلم.

نعم تطبيق القانون بأثر رجعي ظلم بين، لماذا؟ لأن أجهزة الدولة كانت شاهدة على تلك المباني وسكتت عن المخالفات وأدخلت المرافق إلى المناطق المخالفة، فجعلت المخالفة عرفا، و صار مسؤولو الأحياء يقولون "ابني واعمل مصالحة بقضية ودخل مرافق". و لو أن الدولة نفذت الهدم من بداية الأزمة، لما صار البناء بهذا الاسلوب عرفا متبعا، و لو لم تدخل الدولة المرافق إلى تلك المباني لما جرؤ آخرون على البناء و لما اقبل الناس على شراء الشقق فيها، لهذا فالدولة شريك في المخالفات ولا يجوز أن يعاقب المواطن وحده.

 المدن الجديدة ..

أما عن ما تبنيه الحكومة فى المدن الجديدة فهو لا يصلح لسكن جميع المواطنين، حيث لا مواصلات ولا خدمات كافية، فكيف ينتقل شاب لا يملك سيارة من المدن الجديدة إلى عمله في المناطق القديمة، مع عدم توافر وسائل المواصلات فور استلامه شقته؟ لهذا كان السكن في الامتدادات العمرانية المخالفة مناسبا حيث تتوافر المواصلات والأسواق الرخيصة والخدمات. ثم سيادتك تتحدث عن شقق مناسبة لمتوسطى الدخل وتقول ان ثمنها ٤٠٠ ألف جنيه، و الحقيقة أن شقق متوسطي الدخل التى بنتها الحكومة تخطى سعرها المليون جنيه احيانا وأحيانا كان أقل قليلا. 

عفوا سيادة الرئيس الشعب يقدر جهدك، ويرجوك أن تقدر معاناته وتترفق به وتذكر أن الله قال لنبيه: "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك "

ترفق بشعبك يرحمك الله .
-------------------------
بقلم: الهام عبدالعال
كاتبة صحفية والمقال نقلا عن صفحتها الشخصية على "فيس بوك"

مقالات اخرى للكاتب

خدمة العملاء و تعذيب المواطن





اعلان