منذ يومين أعلنت الوزيرة د. هالة السعيد اعتماد الحكومة 164 مليار جنيه لتنفيذ 25 مشروعا قوميا خلال العام المالي 20-21، خبر الاغداق على التخطيط والتنمية الاقتصادية أبهجنا ففتشنا عن مبتغانا، التعليم فلم نجد، والصحة فظهرت عن استحياء في ذيل القائمة!!
قرأنا، 21 مليارا للإسكان الاجتماعي – نأمل التوازن بين التأجير والتمليك- و19،9 مليارا لتنمية محور قناة السويس وتحويله إلى مركز لوجستي عالمي، تستهدف 18،8 مليار العام القادم!! و16،9 مليارا لتطوير شبكة الطرق القومية- أوكي-، و10 مليارات لتطهير العشوائيات- رائع-، و15،5 مليارا للعاصمة الإدارية الجديدة، يليها مشاريع توليد الكهرباء، وتطوير السكة الحديد، والتوسع في انشاء المجمعات الصناعية.. ثم مبلغ 4 مليارات لتطوير 65 منشأة صحية، ولتغطية المواطنين "غير القادرين" بالتأمين الصحي الشامل!!
وهنا وبكل ثقة أؤكد للدولة أن غير القادرين على مصاريف العلاج هم أكثر من 98 % من الشعب المصري، الذين لهم على الدولة الحق في العلاج المجاني، وفي تعليم يٌثمر ولا يُهدر.
من كام يوم، اعتلى د. محمد مشالي طبيب الغلابة منصة التكريم الشعبي والرسمي والإعلامي.. تكريما عن استحقاق لأنه عاش كما في السماء كذلك على الأرض.. مات وكأنه ينتقل للسماء منشرحا، رثاه من سمع عنه بنفس حماس من التقاه، مثل الإعلامي النشط محمود سعد، صياد اللؤلؤ.. احتشد القرويون البسطاء بالكمامات لوداع طبيب أحبوه، لتفانيه في كشف الداء ومنح العلاج ليربح النفوس يضاعف بها أفراح سلامه.. نشأ الطبيب بينهم في البيئة الفقيرة، وانغمس يخدمهم 45 عاما، اشتهاءً للرضا والستر.. في سويعات راحته يقرأ باشتياق لمثله الأعلى طه حسين، الذي جاهد لمزج التعليم بالماء والهواء، فأضاف د. مشالي "الصحة" للمزيج الساحر.. التعليم والصحة كالماء والهواء.. وعاش قانعا بالمظهر المتواضع هو وعيادته، متشبها بحياة مرضاه!! عاش لوحة عتيقة باهتة بدرجات الرصاصي!! كأنها فوتوغرافيا زمن غابر في دهاليز ومخازن حاضرنا، بعيدا عن مدن -في مصر أيضا- تتلألأ بكمباوندات تنافس الريف الأوروبي، ومصايف عالمية!!
صورة د. محمد مشالي البائسة شكلا، الراضية نفسا، أوجعتنا، لأن العلاج بالصدقة والإحسان لا يليق بشعب مصر.. ملامحه المُنهكة المسلوبة نبض الحياة، سلطت الأضواء على نماذج أطباء بهاليل كالأمراء وأثرياء النفط، ينافسون الفيروس شراسة وانعدام رحمة.. أرباحهم من تجارة العلاج ضربتهم بلعنة حجبت ضمائرهم، وسلبتهم صفة الحكيم والطبيب.. وأوجبت سرعة التأمين الصحي الشامل لكل المصريين، مثل جميع دول العالم التي سرقت بنظامها التأميني أكفأ وأنجب أولادنا وعلمائنا.
ومن واقع القفزة التي حدثت في مصر مؤخرا، أثق أن الرئيس السيسي قادر على فرض رفع التأمين الصحي الشامل، والتعليم المجاني الذكي إلى صدارة الأولويات، وفي زمن وجيز ليضاعف دهشتنا من قدراتنا.
التعليم والتأمين الصحي الشامل هما دعامتا تقدم مصر، هما الكباري والطرق المفتوحة إلى مستقبل آمن.. الدولة أزالت كل ما يعوق خطة الطرق والكباري، واستعادت مئات الفدادين من أراض مسروقة، وحصًلت عنها مئات ملايين غرامات مخالفات وتصالح بقانون لا يرحم مُخالفا، صحيح أنها في سرعتها الكاسحة أصابت أبرياء!! إلا أن الإزالة والتحصيل سارا بجسارة تؤكد أننا دخلنا عصر الإنجاز وسيادة القانون، وفي سبيلنا لإغلاق محطة إذاعة الشعارات.. وهي بدايات تبشر بردم أنفاق تغييب وتخدير الشعب.
تتبقى على افتتاح المستقبل خطوتان.. أولا تنقية أعضاء مجلس الشعب، وهي مسؤولية مشتركة بين الناخبين وإدارة قبول أوراق المرشحين، ثانيا توحيد إرادة الشعب والحكومة.. هنا يفتح لنا التاريخ صفحة بيضاء، تتسابق فيها الدولة مع الشعب في البذل والتضحية.
ويعيش حكامنا المدينة الفاضلة، كما في السماء كذلك على الأرض.. يشرقون على الأرض وينعمون بالجنة. آمين
----------------------------
بقلم: منى ثابت