28 - 03 - 2024

المفاوضات الافتراضية في جنيف والحرب عند سرت

المفاوضات الافتراضية في جنيف والحرب عند سرت

مثير للانتباه ذلك التناقض الناصع بين:

*عقد جلسة مباحثات للجنة 5+5 العسكرية في جنيف بين ممثلين للجيش الوطني الليبي وبين مندوبين لحكومة الصخيرات دون سابق إعلان

*و احتدام المعارك حول سرت التي تصر ميليشيات الوفاق وما التحق بها من ميليشيات أردوغان على دخولها ومعها أردوغان على ذات الموقف رافضا اليوم في اتصال هاتفي مع بوتين وقف إطلاق النار.

مالذي يجري؟

قبل كل شيء لابد أن نشير إلى أن هناك تحركات دولية  وضغوط خفية على الجيش الليبي منذ عدة أشهر وتصاعدت في الأشهر الأخيرة سواء في صورة دعم الهجوم التركي المباشر بدءا من الوطية أو محاولة إعادة التفاوض وفقا لصيغة برلين

وهذا الاجتماع الذي تسميه الأمم المتحدة بالجلسة الثالثة لا علاقة له بمبادرة القاهرة ولكنه إحياء لمسار برلين ويمكن فهم ذلك جيدا من زيارة السفير الألماني لخليفة حفتر اليوم وتصريح ميركل قبل يومين بأنها تدعم مبادرة القاهرة لأنها امتداد لمسار برلين.

أما تلك المفاوضات الجارية اليوم فهي مجرد جلسة استكشاف لمتطلبات الأطراف والتي ستشهد صلفا مليشياويا مدعوما بالتقدمات الأخيرة على الأرض

ربما لن ينسحب الجيش الليبي من المفاوضات في هذه الجلسة ولكنه ربما يضطر مع سقف المطالب المرتفعة المتوقع

وفي كل حال فإن الاشتباكات لن تتوقف قبل دخول الوفاق لسرت والجفرة وربما للهلال النفطي(لو كان متاحا) وذلك للعودة بالأوضاع التي كانت على الأرض قبل بدء عملية الكرامة لتحرير طرابلس من سيطرة الوفاق ومليشياته

وتلك هي المهمة التي منحت دول الأطلسي سماحا لأردوغان لانجازها وما طنطنات الدعوات لوقف إطلاق النار إلا تغطية على ما تبقى من أمتار أخيرة في هذه المهمة.

بالطبع لا تسير السيناريوهات دوما طبقا للاتفاقات المسبقة فهناك دوما مساحات متوقعة لتوسيع الأدوار خاصة وأن لأردوغان أغراض عثمانية ومطامع نفطية وعداوة مع مصر يريد أن يحقق أي قدر من الإنجاز فيها ولو على سبيل المكافأة الصغيرة لجهوده وتلك هي المساحة التي يمكن أن نشهد تدخلات أطلسية لكبح جماح أردوغان خشية من ارتباك الحسابات في المنطقة.

يعني ذلك أن "السلام" في ليبيا مازال بعيدا والصمود الكبير للجيش الوطني الليبي عند خط سرت-الجفرة يشكل متغيرا قد يستدعي تدخلا تركيا سافرا وإن كانت استعدادات الجيش المصري في المنطقة الغربية تطلق جرس إنذار بأن ثمة تدخلات مصرية محتملة ومن مستويات مختلفة ربما وأقول ربما تصل للتدخل المباشر

فشل المفاوضات في جنيف وكل مفاوضات أمر أكثر من محتمل لسببين رئيسيين:-

السبب الأول أن البون شاسع بين هدف البرلمان والجيش الوطني في استعادة وضع وحدة أراضي الدولة الوطنية وإخلاء البلاد من القوات الأجنبية وحل المليشيات وبين التصور "البريطاني" الذي أوجد حكومة الصخيرات والذي تعمل الوفاق تبعا لتعليمات كتاب السيناريو وهو تصور "إنشاء حكومة ائتلافية" على أساس المناطق وأيضا بتمثيل لأطياف سياسية وخاصة الإخوان المسلمين ومع ذلك جدول لتقسيم عوائد الثروة وفقا لاعتبارات جهوية وترك أمر السلاح والمليشيات وأيضا الاعتراف بالجيش الوطني الليبي كجيش للبلاد لمرحلة لاحقة ربما لإجراء انتخابات برلمانية

والسبب الثاني هو أن موازين القوى الحالي على الأرض يمنح الجيش الوطني الليبي أرجحية من نوع ما وذلك على مستوى السيطرة على معظم مساحة الدولة الليبية والهيمنة على معظم مصادر الثروة النفطية وموانئ التصدير.

التشاؤم سيد الموقف ولابد من إلحاق هزيمة مؤثرة بالميليشيات سواء بقصف جوي مكثف ومدمر أو.. بالهجوم على مصراتة.

أمران بدون دعم من مصر ومشاركة تأمينية يصعب الوصول لهما

-----------------------

بقلم: د. أحمد السيد الصاوي

مقالات اخرى للكاتب

عصافير بايدن





اعلان