وسط أجواء الحظر والبقاء في البيت لفت انتباهي تجربتان ثقافيتان جديدتان على وسائط التواصل الاجتماعي أحداهما رسمية قام بها المجلس الأعلى للثقافة بإمكانيات الدولة بإطلاق وزارة الثقافة قناة على اليوتيوب يلتقي فيها الجمهور كل يوم في التاسعة مساء لمدة عشرة دقائق مع واحد من كبار المبدعين المصريين والعرب في مختلف فنون الإبداع من شعر وقصة وفنون شعبية وغيرها والثانية شعبية قام بها مجموعة من الفنانين التشكيليين بقيادة الفنان د. حسن فداوي تحت عنوان ACTE وهو موقع كان قائمًا من قبل لكنه أضاف لقاءات لفنانين تشكيليين وكتاب في التاسعة مساء أيضًا لمدة ساعة كاملة يحكون فيها تجاربهم لجمهور بدأ مع الطلاب والمهتمين بالفن واتسع بهذه اللقاءات للعديد من المثقفين العرب والأجانب. الجديد أن هذا اللقاء الحي يتيح للضيف استقبال الأسئلة من الجمهور والإجابة عليها.
ما قامت به وزارة الثقافة لمواجهة حجب الأنشطة الثقافية أعتبره نواة لقناة ثقافية ضخمة تبث نشاط المجلس الأعلى للثقافة من ندوات ومؤتمرات وتستطيع الانتقال إلى قصور الثقافة في القرى والنجوع المصرية لنقل الأنشطة والتعرف على المبدعين في ربوع مصر، بالإضافة إلى نقل مباشر للأنشطة الثقافية المتنوعة في المعارض الفنية والمتاحف والأوبرا لمن يرغب بعيدًا عن صخب التليفزيون وشروطه المجحفة في كثير من الأحيان.
وقد صرح وائل حسين رئيس لجنة المؤتمرات أن الوزيرة د. إيناس عبد الدايم قد وجهت باستمرار إقامة الفعاليات الثقافية أون لاين حتى بعد الخروج من أزمة كورونا بعد أن لاقت مبادرة "الثقافة بين أيديك" نجاحًا هائلاً على مستوى مصر والدول العربية وبعض الدول الأوروبية وشارك فيها حتى الآن أكثر من خمسين باحثا ومبدعا من عشرين دولة عربية وبعض الدول الأوروبية. تتضمن المبادرة سلسلة اقرأ معنا لمدة عشر دقائق يوميًا، بالإضافة إلى ندوتين أكاديميتين كل أسبوع لمتخصصين في مجالات علم الاجتماع والتربية وعلم النفس وفقرة بعنوان الثقافة تقربنا يشارك بها بعض المستعربين الأفارقة والأوروبيين والصينيين والروس، منهم خمسة شاركوا حتى الآن من إيطاليا بقراءات لأدباء عرب على رأسهم نجيب محفوظ ونزار قباني وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم.
الصورة في الإسكندرية أيضًا مفرحة وتبعث الأمل أيضًا في قدرتنا على الابتكار وتطوير أدواتنا الفنية والتعليمية بأبسط الوسائل المتاحة كان د حسن الفداوي الأستاذ بجامعة الإسكندرية والرئيس الأسبق للجمعية المصرية للكاريكاتير صاحب التجربة قد قرر إدخال أشكال من التعليم التجريبية التفاعلية لربط كل كليات الفن والتصميم ببعضها في مصر والعالم العربي فأنشأ منذ أربع سنوات موقعا بعنوان المجموعة العربية للسينما والمسرح والميديا اختصرها في ACTE وذلك في محاولة للتواصل مع روح العصر بغرض توحيد فلسفة التعليم الفنية في مصر وربطها بسوق العمل وقد لاقت نجاحًا كبيرا وسط الأكاديميين والمحترفين خاصة وأنها كانت مجموعة مغلقة على المتخصصين أتاحت لأعضائها مكتبة عظيمة متخصصة في مختلف الفنون والرسائل والأبحاث العلمية المتخصصة وكتب التاريخ والثقافة العامة تجاوزت الألفين كتابًا بتقنية البي دي أف وهو ما سهل تحميلها من المواقع الشرعية.
ثم مع جائحة كورونا قرر الموقع فتح الاشتراك للمثقفين وراغبي الانضمام بشروط خاصة تتناسب مع علمية الموقع بهدف نشر الثقافة والفن. من هنا بدأت فكرة استضافة تجارب المبدعين التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا مما دعا القائمين على الموقع للتفكير في تطويره ليتحول إلى أكاديمية تفاعلية على الإنترنت مثل الأكاديميات العالمية مثل خان أكاديمي وكورسيرا وغيرها كما صرح لي الفنان د. حسن الفداوي وأضاف أنهم يرغبون في التعاون مع أي جهة أو مسئول لتطوير التعليم الرقمي التفاعلي في مصر.
وهكذا هي الحاجة أم الاختراع على الرغم من الإمكانيات المحدودة لهؤلاء الفنانين ودينمو الموقع تسنيم ميرغني بالحب وحده أطلقوا هذه الطاقة وعلى هذا الموقع التقينا حتى الآن بكل من الفنانين أحمد مناويشي ووليد طاهر وأحمد يسري ومايا فداوي واحمد حلمي والسيد ابراهيم وعلي الزيني وكريم تاج والكاتب عادل سعد ولقاءات قادمة للأستاذ د.حسين الشابوري والفنان محمد خليل والكاتبة ريم بسيوني. فنانون من كل الأجيال والتخصصات امتعونا وأضافوا لنا الكثير والأهم قدموا للطلاب معلومات وتجارب غنية تساعدهم على استيعاب العلم.
أكاديمية على الهواء ووزارة ثقافة على الهواء أتاحت لنا اللقاء بالمبدعين أمثال د. أحمد مرسي والحبيب السالمي ود. الصاوي الصاوي والكاتب أحمد أبو خنيجر والشاعر رفعت سلام والكتاب يحي يخلف ومنير عتيبة وقمر الجاسم وسناء صليحة وإبراهيم نصر الله وغيرهم من المبدعين. ليس كل ما جاءت به الأزمة مظلم تماما
----------------------
بقلم: هالة البدري