28 - 03 - 2024

ضمير القطاع الخاص

ضمير القطاع الخاص

لا شك أن ثمة قطاعات عدة، في القلب منها العمالة غير المنتظمة وشركات السياحة، والقطاع الخاص بشكل عام، تأثرت جراء تداعيات فيروس كورونا المستجد الذي بدأ ظهوره في الصين أواخر العام المنقضي، وتسبب في إزهاق أرواح ما يربو على 80 ألفًا، وأصاب زهاء المليون و400 ألف شخص، فيما تمثلت بارقة الأمل في شفاء 300 ألف حول العالم من هذا المرَض، وفق أحدث حصيلة لوكالات الأنباء العالمية.

وتركز هذه الزاوية على القطاع الخاص بمختلف استثماراته، إذ تحاول التعرّض على مقومات الشركات الناجحة، وكيف تحافظ على وجودها في السوق بشكل عام قبل كسبها ولاء عامليها وعملائها في آن، حتى تنكشح غمة وباء كورنا الذي طال هبابه دول العالم قاطبة.

ويعتمد أول مقومات نجاح أي شركة على الاستعداد لما قد لا يحدث، بالإضافة إلى التعامل مع ما حدث أيًا كان، واعتبار ما تتعرض له من هزات، أيما كان نوعها،  عرَضًا لا مرضا، يجب التخلص منه بالعلاج الناجع للعودة من جديد إلى ما كانت عليه، وعبور الأزمة بأقل الخسائر.

من أسفٍ بعض وليس كل الشركات، مع أي هزة تتعرض لها، بدلاً من أن تستعمل أفكارًا جدية من أجل دراسة وتحليل الأزمة ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر، أول ما يخطر ببال مُلّاكها وربما مديريها، هو التخلص من جزء من العمالة لديها بدعوى عدم استطاعتها مسايرة الظروف الآنية وضرورة تقليل الإنتاج، وحتى لا تتعرض للغلق تمامًا، وغيرها من الحجج التي ربما لا تمثل سوى عجز من وجهة نظر كثيرين عن تحمل المسؤولية، وربما تعني هربًا بأموال اكتنزتها على مدار سنوات، غير مستبعد أن مَن وقع عليه التسريح جراء الأزمة جزء رئيس في تحقيقها..

هذه الشركات، ومن آسف كذلك، يُظّنُ أنها لم تفكر يومًا في مكافأة هؤلاء العمال المُسرَّحين أثناء تحقيقها أرباحًا، التفكير فيهم فقط يبدو عندما تتكبد خسائر، رغم أن مكافأة الموظفين على إنجازاتهم حتى وإن كانت صغيرة ليستمروا بالعطاء، يمثل أدنى مقومات النجاح والولاء، وهو مالا يتم في معظم الكيانات مع تكرار الأسف- بالمناسبة لا يمكن استمرار مؤسسة أو كيان ما، دون تحقيق أرباح إلا إذا كانت تحمل توجهًا أو تخدم مبدأً، وهذا ما يعد ربحًا أيضًا، كونه يؤسس لمصالح شخصية.

هذه التصرفات السهلة من قِبل الشركات التي لا يحاول أن يُجهد مالكوها عقولهم في إيجاد حلول أقل ضررًا لهم ولمن أفنوا سنوات في العمل بها، دفعت أصواتًا إلى اقتراح حملة لمقاطعتها بعد عبور الأزمة التي، إن شاء الله، ستمر في القريب العاجل، تحمل شعار #خليها_تفلس، على غرار مواجهة جشع بعض تجار السيارات #خليها_تصدي، التي كبدت القطاع خسائر لا يمكن إنكارها، وهذا ما لا يتفق معه كثيرون أيضًا كون لا أحد يريد تعطيل عجلة الإنتاج لا من قِبل شركات أو شخوص.

ما يزيد الطينة بلة، ظهور أصوات داخل مؤسسات محسوبة على القطاع العام تنادي بخصم حوافر مِمّن شملتهم بعض قرارات مجلس الوزراء ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، وهؤلاء يمثلون ذوي أمراض مزمنة، وسيدات لديهن أطفال دون سن الثانية عشرة، لم يذهبوا إلى مقار عملهم، وقايةً لهم ولمن يخالطونهم.

لا شك كذلك في حمْد الإجراءات الحكومية التي تحاول من خلالها دعم القطاعات المتضررة والمواطنين المتأثرين في مواجهة الأزمة، ولعل أحدثها التنازل عما نسبته 20% من رواتبهم لمدة 3 شهور، وتأجيل سداد مستحقات شركات لدى البنوك وغيرها، إلا أن مناشدتها القطاع الخاص ترتيب العمل داخل المؤسسة الواحدة بما يضمن تقليل التزاحم والاختلاط، للحد من انتشار الفيروس، ترجمته كيانات بالقطاع الخاص بتسريح البعض وخصم جزء من رواتب الآخرين، رغم توجيهات الرئيس السيسي بضرورة عدم المساس بموظفي هذا القطاع الذي عليه أن ينظر لهذه الأزمة من خلال ضميره، لا عبر رأسماله.

-------------------------

بقلم: عزت سلامة العاصي











مقالات اخرى للكاتب

«العصفور المفترس».. هل أدرك المحتل حجمه؟





اعلان