"فيروس أوتابا سلاح بيولوجى صنعناه ردا على المهووسين بالاسلحة البيولوجية".. إنه مجهود ثلاثين عاما فى معامل البحوث الأمريكية ولن نسمح بضياعه... لو دمرنا المدينة المصابة بالفيروس سنعتبر سكانها ضحايا حرب حتى تظل تجاربنا فى طى الكتمان .. سيذكرنا التاريخ كما ذكر ترومان حين أمر بالقاء قنبلة هيروشيما لينقذ آلاف الجنود الأمريكان ".
ذلك فحوى ماذكره ماكليناك المسؤول فى الجيش الأمريكى فى أحد مشاهد فيلم "out break" الذى عرض عام 1995، من تأليف لورانس دووريت، وبول نيومان واخراج ولفجانج بيترسين وبطولة داستين هوفمان، رينيه روسو، مورجان فريمان ، كيفين سبيسى. وقد نجح الفيلم ببراعة فائقة فى توصيل رسالة للعالم برفض تلك الحروب البيولوجية والدفاع عن الانسانية جمعاء دون تفرقة بين أبيض أو أسود.
فبالرغم من أن هناك خمسة أفلام أمريكية تناولت غزو الفيروسات وهى فيلم "كورونا كونتاجون ، فيروس الزمبى ،الناجى الوحيد ، فلو ، الحجر الصحي" إلا أن فيلم out break يعد الفيلم الوحيد الذى تناول استخدام الفيروسات فى الحروب البيولوجية وقيام أمريكا بتخليقها، مشيرا الى العنصرية التى تطغى على العقلية الأمريكية فى اجراء تجارب غير مشروعة على دول العالم الثالث.
تدور أحداث الفيلم حول قيام مركز البحوث بالجيش الأمريكى بتصنيع فيروس خطير اسمه موتابا نسبة لقرية بوادى موتابا بزائير الذى أصيب سكانها به مسببا أضرارا بالجلد والجهاز التنفسى وحمى نزيفية تنتهى بالوفاة، وبدلا من اعطاء سكان القرية المصابين المصل 1101 المضاد للفيروس، قام المسئول الأمريكى بالقاء قنبلة على القرية لابادتها حتى يظل الفيروس والمصل فى طى الكتمان.
وبالرغم من مرور نحو 27 عاما على ابادة تلك القرية الأفريقية عاد الفيروس ليظهر من جديد بعد تحوله ليصيب مدينة سيدار كريك الأمريكية، و يفكر ماكليناك للمرة الثانية فى تدمير تلك المدينة الأمريكية وقتل جميع سكانها بمن فيهم الفريق الطبى واعتبارهم ضحايا حرب لاخفاء جريمة تصنيع الفيروس القاتل وإبادة القرية الأفريقية.
وعندما قام الباحث والطبيب سام دانيالز "الذى قام بدوره الممثل داستين هوفمان" بدراسة الفيروس وتقديم تقرير إلى رئيسه يطالبه باتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء هذا الفيروس الخطير ، حاول ذلك المسؤول ابعاده عن الملف.
يتسابق سام مع الزمن فى انقاذ المدينة الأمريكية المنكوبة فى ايجاد المصل المناسب للقضاء على الفيروس بعد تحوله، ويبدأ رحلة البحث عن القرد الحامل للفيروسين معا الأصلى والمتحول ليكتشف ان الفيروس تم وصوله لأمريكا عن طريق قرد تم تهريبه محدثا كثيرا من الإصابات لسكان تلك المدينة.
يصر الباحث والطبيب دانيالز على ايجاد المصل المضاد للفيروس ويقوم بالبحث عن القرد المصاب للحصول على المادة المضادة للفيروس ويخوض معارك حتى يمنع اسقاط القنبلة على المدينة الأمريكية.
يعكس فيلم (تفشى العدوى) الوجه العنصرى القبيح للجيش الأمريكى الذى رأى تجريب الفيروس على أحد القرى الأفريقية مع ضرورة التخلص من سكانها، بإرساله قنبلة تدمر تلك القرية.
يظهر الفيلم افتقاد المبادئ الأخلاقية فى الجيش الأمريكى من أجل تحقيق المصالح الأمريكية حتى لو استدعى الأمر التخلص من جزء من الشعب الأمريكى وذلك حين برر المسئول الأمريكى ماكليناك فى الفيلم تدميره لمدينة سيدار الأمريكية البالغ تعداد سكانها 2600 نسمة معتبرا اياهم ضحايا حرب من أجل انقاذ بقية المدن الأمريكية، كما سبق وقام ترومان بالقاء قنبلة هيروشيما على اليابان من أجل انقاذ مئات الألوف من الجنود الأمريكان.
ولو عقدنا مقارنة بين الفيلم وما يحدث على أرض الواقع، سنجد هناك تشابها كبير من حيث تغلب المصالح فى السياسة الأمريكية على حساب آدمية الانسان، والجدير بالذكر أن شركات الأدوية الغربية عندما ضرب فيروس إيبولا مدينة بغرب أفريقيا، قامت تلك الشركات برفض انتاج مصل غير مربح للقضاء على الفيروس متجاهلين صراخ آلاف المرضى المصابين به، وقد ذكرت صحيفة ألاندبندنت حينذاك أن القتلى فى أفريقيا لا الغرب وعددهم لايزال قليلا نسبيا بالمقارنة مع النفقات التى يمكن أن تدفعها شركات الأدوية الغربية لانتاج المصل أو اللقاح اللازم للقضاء على الفيروس.
ويتشابه تخليق الجيش الأمريكى لفيروس موتابا فى فيلم out break مع ظهور فيروس كورونا فى الواقع من حيث الأحداث والأهداف لاستغلاله كسلاح بيولوجي، فالحروب البيولوجية ليست حديثة العهد بل كانت مستخدمة فى العصور القديمة، حيث كان الرومان يقومون بتسميم الأنهار وآبار المياه، وقد تم استخدام اسلحة بيولوجية فى العصر الحديث ابان الحرب العالمية الأولى عبارة عن مكونات بكتيرية سامة كالجدرى والجمرة الخبيثة والسرطان وجميعها تعمل على حرق الانسان وتشويه جسده، وهى تعد من أخطر الأسلحة على وجه الأرض بدرجة فاقت السلاح النووى من حيث القوة التدميرية.
وسبق أن استخدمت الأسلحة البيولوجية والكيميائية فى مجال المخابرات والحوادث، وعلى حد قول الدكتور عبد الهادى مصباح فى كتابه الأسلحة البيولوجية والكيميائية بين الحرب والمخابرات والارهاب مثل محاولة اغتيال خالد مشعل بحركة حماس ونشر بكتيريا السلامونيلا فى ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، كما أشار فى كتابه الى امتلاك اسرائيل لأسلحة بيولوجية تصيب الجنس العربى بصفة خاصة دون غيرهم.
وأخيرا ستظل الأفلام التى تناولت غزو الفيروسات فى سينما هوليوود مجالا للنقاش لما تحمله من حقائق وتشابه لما يحدث على أرض الواقع، لدرجة تصل الى توجيه الاتهامات، فعلى حد قول الكاتب الانجليزى" ديفيد أرك"فهناك أفلام كثيرة بعينها يتم الترويج لها كأفلام الجوع hunger games وجميعها بها جزء من خطط يتم تدبيرها فى الخفاء مما يرجج أن هناك مؤامرة وراء ظهور فيروس كورونا الذى يضرب العالم الآن، وأن فئة معينة متحكمة فى الاقتصاد العالمى وتريد انهياره، وتوقع الكاتب الانجليزى حدوث وباء عالمى يعقبه انهيار اقتصادى.
ويشكك الكاتب الانجليزى فى رأى منظمة الصحة العالمية التى يعتبرها فى خدمة تلك الطائفة من أجل نشر الرعب من فيروس كورونا لتحقيق الهدف منه وهو انهيار الاقتصاد العالمى ويتفق الكاتب الصحفى عبد البارى عطوان مع الكاتب الانجليزى فى نظرية المؤامرة، فيرى أن أمريكا هى الوحيدة فى تاريخ البشرية التى استخدمت القنابل النووية فى اليابان ومن غير المستبعد أن تكون الأولى عالميا التى تستخدم قنبلة كورونا والأسلحة البيولوجية.
ويختتم مقاله بقوله لم يكذب الشاعر الفلسطينى محمود درويش عندما قال " أمريكا هى الطاعون والطاعون هو أمريكا"
-------------------------
رؤية بقلم: هدى مكاوي