15 - 06 - 2025

كورونا.. بين الواقع والنبوءة فى السينما

كورونا.. بين الواقع والنبوءة فى السينما

"لقد كنت فعليا فى هذا الفيلم ...اجعل نفسك آمنا ولاتصافح أحدا....اغسل يديك كثيرا.. تلك الكلمات كتبتها الممثلة الأمريكية "غونيث والتر" بطلة فيلم كورونا كونتجين "أوالمرض المعدى " على صفحتها فى شهر فبراير الماضى بعد أن التقطت صورة لها وهى ترتدى كمامة أثناء رحلتها عبر المحيط الأطلسى. ذلك الفيلم الذى تصادف وجود تشابه كبير بينه وبين ما يحدث الآن على أرض الواقع من تفشى فيروس كورونا كوفيد الذى يحصد الآن آلاف البشر بلا رحمة

يعود  فيلم كورونا من جديد إلى دائرة الضوء رغم مرور أكثر من عشرة أعوام على عرضه ليحقق نسبة مشاهدة عالية جدا عبر الانترنت لم يحصل عليها  عند عرضه عام 2013 على الرغم من وجود نجوم كبار فى الفيلم منهم كيت وينسلت ومايكل دوجلاس ومات ديمون وغوينث والترو

وجهت آلاف الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعى اتهامات عديدة  لكاتب سيناريو الفيلم "سكوت بيرنز"  بأنه عضو فى جمعية سرية للسيطرة على العالم الا أنه نفى التهمة عن نفسه قائلا: إن الفكرة الأصلية للفيلم هى اظهار أن المجتمع الحديث عرضة للأمراض الفيروسية وأن ذلك التشابه بين الفيلم و"كورونا كوفيد" يرجع الى استعانته بفريق من علماء الفيروسات والأوبئة وخبراء من منظمة الصحة العالمية أثناء كتابة السيناريو، وذلك من باب المصداقية العلمية

فسر بعض النقاد التشابه بين كورونا الفيلم، وكورونا كوفيد الحالى على أنه يأتى من منطلق التنبؤ فى السينما كغيره من الأفلام التى لامست أحداثا حقيقية حدثت على أرض الواقع مثل فيلم مينورتى ريبورت، وفيلم العودة الى المستقبل وغيرهما من الأفلام التى تنبأت بالمستقبل.   

يروى فيلم "كورونا كونتجين" قصة سيدة أعمال تدعى  بيث تقوم بزيارة هونج كونج فى رحلة عمل، حيث تصاب بعدوى فيروس يسمى "إم آى فى 1" من طاهى فى هونج كونج لامس خنزيرا انتقلت اليه العدوى من خفاش، وذلك اثر مصافحة البطلة له. وعندما تعود بيث الى بلدها تمرض مرضا شديدا لتموت بعد يومين فقط، وسرعان ما يموت أيضا ابنها الذى لايتعدى  الثامنة من عمره،  بينما لاتنتقل العدوى لزوجها وابنتها لأنهما محصنان بجهاز مناعى قوى. وهكذا ينتشر الفيروس ليصيب كل من خالط بيث.

ومع تسلسل أحداث الفيلم يتوصل مركز مكافحة الأوبئة الى أن الفيروس هو مزيج من مواد وراثية موجودة فى جسم الخفافيش والخنازير. وأنه جاء نتيجة إزالة الغابات فى هونج كونج، وأثناء تعرض الأشجار للجرف يطير أحد الخفافيش وفى فمه قطعة من الموز فوق أحد الخنازير، الذى يلتقط بدوره قطعة الموز بعد سقوطها من فم الخفاش. ثم يشترى أحد الطهاه ذلك الخنزير الذى يقوم بذبحه وتجهيزه للطهى دون غسل يديه فتصافحه سيدة الأعمال بيث فتصاب بالفيروس. 

وبمقارنة فيلم كورونا السينما وأحداثه، وكورونا الحقيقة نجد أن هناك كثير من المتشابهات، فعلى سبيل المثال نجد أن فيلم كورونا اختار الصين لتكون منشأ الفيروس، وهو ماحدث لفيروس كورونا كوفيد 19 . 

وذكر العلماء فى الصين أن  كورونا كوفيد19 انتقل من أحد الأشخاص الذين تناولوا حساء الخفافيش والثعابين. فقام هذا الشخص بنقله للمحيطين به وهو ماتناوله كورونا الفيلم .

 أظهركل من كورونا الفيلم و كورونا كوفيد أن العدوى تتم من خلال الاتصال الشديد بين البشر أو عن طريق لمس الأسطح الملوثة بالفيروس، وهو ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية بضرورة تطهير الأسطح بالمطهرات لأن الفيروس يقع على الأسطح  .

 يصيب كل من فيروس كورونا  الفيلم وفيروس كورونا كوفيد الجهاز التنفسى للانسان، الا أن فيروس الفيلم أكثر فتكا، حيث بلغ معدل الوفيات بفيروس كوفيد بنحو 3.4 فى المائة وفقا لمنظمة الصحة العالمية بينما بلغت معدل الوفيات فى الفيلم نحو 25 فى المائة.

 وبالرغم من كثرة تلك المتشابهات بين كورونا الفيلم وكورونا كوفيد، فلا يمكننا أن نصدق الاتهامات التى وجهت " لسكوت بيث" كاتب سيناريو الفيلم ولا نتفق أيضا مع  مبدأ  التنبؤ فى السينما التى تناولتها آراء عديدة، فالفكرة لا أساس لها من الصحة. فإذا كانت  بعض الأفلام لامست أوضاعا تشبه ما نعيشه اليوم، فإنها تعكس ماعايشته أجيال سابقة، وبالتالى فهذه الأفلام لم تتنبأ بشيء بل أعادت فقط صياغة التاريخ اعتمادا على المصادر التاريخية والعلمية ثم طعمتها بمواقف وقصص درامية متخيلة قد تشبه بالصدفة ما نعيشه أو قد نعيشه مستقبلا، وهناك مخرجون يستشيرون علماء متخصصين فى علم المستقبليات ومنهم من يبنى وقائعه على أحداث تاريخية قد يتصادف أن تتكرر فى الحاضر أو فى المستقبل. وعلى حد قول الناقد السينمائى المغربى فؤاد زويرق فان فيروس كورونا المستجد ليس أول وباء يعرفه العالم فهناك أوبئة كثيرة عرفتها الانسانية بسبب الفيروسات، وأنه إبان بروز هذه الأوبئة تم اتخاذ اجراءات مماثلة لما يتم اتخاذه اليوم مع فيروس كورونا كوفيد 19 والمتمثل فى اقامة المحاجر الصحية وعزل المرضى واغلاق الأماكن العمومية وإلغاء التجمعات.

وأخيرا يعود فيلم كورونا كونتاجون إلينا من جديد، لينال حظه فى المشاهدة والعيش بين أحداثه فى ظل جودة الحبكة الفنية والتسلسل الدرامى والدقة فى كتابة السيناريو والاخراج.   
-------------------------------
رؤية بقلم: هدي مكاوى