البعض يرى المنع ليس حلا وإنما خطط للارتقاء بالشعب ونشر الثقافة الراقية
- جمال فرويز: جهات ممولة تسعي لتدمير الشاب
- وليد هندي: من يسمعها يفتقد الهوية ويسهل انقياده للإجرام
- سامية خضر: نحتاج لاستعادة الفن الراقى
- محمد الحناوي: قرار المنع يطبق علي الأفراح والحفلات فقط
- داوود عبد السيد: أفضل من أغاني أخري موجودة وتعبر عن واقع
- مجد القاسم: قانون يعاقب من يقدم محتوي به ألفاظ خادشة للحياء
- سامية قدري: عندما نصمت ونغمض أعينينا تزحف الحشرات علينا
- ماريا جرجس: لا أتفق مع قرار المنع وتأثير الاغاني يحتاج إلى دراسة
- سعيد صادق: وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في ظهور الثقافة الهابطة
- طلعت عبد المجيد: غياب دور الأسرة التربوى هو سبب انتشارهذه الأغاني
مطربو المهرجانات حسن شاكوش وحموبيكا وغيرهم يدمرون التراث الغنائى ويحاولون استنساخ ثقافة وهوية جديدة للمصريين ، هكذا يبدأ الدكتور جمال فرويز أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة حديثه، توصيفا لما يجري، ويضيف: نري كثيرا من الأفلام والمسلسلات حاليًا أصبحت تسير على نفس وتيرة المهرجانات الشعبية والتى تمثل انحدارا ثقافيا قد يتسبب في تدمير الهوية المصرية نهائيًا.
ويشير جمال فرويز أن ذلك يتم وفقًا لأجندات خفية وجهات داعمة ، تسعى إلى تدمير الشباب والأجيال الحالية والقادمة من خلال نشر وإذاعة كل ما يحرض على انحدار الأخلاق وتدنى الثقافة.
ويضيف: مجتمعنا المصري يعيش حالة من انحدار ثقافي منذ سنوات بعيدة، فظهرت أغانى مشابهة للمهرجانات الشعبية ولكن رفضها الشعب وحافظ على كيان الشخصية المصرية حتى نصر أكتوبر المجيد، وبعد النصر ظهرت أفكار مخالفة روجتها الجماعات والتنظيمات، ومنها جماعة الإخوان، ونشرها صورة مغلوطة عن المسلمين والإسلام.. وكانت النتيجة فقدان المجتمع لكثير من عاداته وتقاليده وقيمه ومبادئه الذى عاش وتربى عليها منذ آلاف السنين.
وأشار فرويز إلي أننا نحتاج زيادة الوعى لدى الشباب، لحل أزمة الإنحدار الثقافي والأخلاقي والتمسك بالهوية والشخصية المصرية الأصيلة والتخلص من الأفكار المدمرة والمغلوطة التى يتم بثها إلى عقول الشباب سواء من خلال المدارس والجامعات أو وسائل الإعلام المختلفة وغيرها، مشيرًا إلى أن الفن سيكون له دور كبير في هذا الصدد أيضًا من خلال تقديم فن راق علي نهج زمن الفن الجميل.
ويوضح: عندما نريد أن نرفع من قيمة المجتمع نزيد من الأشياء التي لها قيمة، ففي عهد جمال عبد الناصر اهتم بالثقافة والكتاب والصحافة والتليفزيون فرفع ذلك من الهوية المصرية. وينهي بالقول: لابد أن تكون هناك رقابة من الدولة لأنها المسؤولة عن وعي هذا المجتمع لان كلما قل وعي المجتمع يؤدي إلي الدمار.
تدفع للإجرام
بينما يقول الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية: لاتخلو ثقافة من الثقافات من النغمة والايقاع، فالموسيقي احدي وسائل التعبير عن مشاعر الانسان، كما أنها شكل من أشكال التواصل بين البشر فقد خلق الكون في طبيعة موسيقيةكخرير الماء وهديل الحمام ونغريد العصافير وغيرها، حتي أن العلاج بالموسيقي اصبح أحد الاشكال الهامة بالطب المكمل أو الطب البديل، فقد أسهمت الموسيقي في استعادة وتحسين الصحة والحالة النفسية والفسيولوجية والروحية لدي العديد من المرضي، فذبذبات االموسيقي تؤثر بشكل مباشر علي جزء ما في المخ مما يتيح الفرصة للاسترخاء واستجماع الارادة للتغلب علي مسببات الألم
ويضيف: موسيقي المهرجانات ليست خطرا فقط علي الصحة الجسمانية والنفسية، بل أنها تقوم بهدم الشخصية وتشويه الحالة النفسية، وقد تؤدي بالانسان للدخول في الإجرام، حيث أثبتت معظم الدراسات العلمية الحديثة أن جرائم العنف لدي الشباب التي ظهرت في الآونة الأخيرة من أهم أسبابها سماع أغاني المهرجانات والتي جعلت الشباب يفتقدون الثبات النفسي والإنفعالي، وازدادت لديهم سرعة الاستثارة ورد الفعل بغض النظر عن نتائجه غير المحسوبة، وكما هو معروف علميا أن مخ الانسان يتكون من فصين الأيمن والأيسر الذي يعد مسئولا عن المشاعر والأحاسيس والتخيل والعمليات العقلية المتقدمة والتي قد تهدم أو تتعطل نتيجة وجود الكركبة المزاجية الناتجة عن عشوئية تلك الاغاني وابتذال معانيها وتتداخل مقاطعها الموسبقية، ولذلك فإننا لاننصح الأبناء بسماع الموسيقي ولكن ننصح الآباء بغرس التربية الموسيقية في نفوسهم منذ الصغر، لأنها تساعد علي السمو الروحي والارتقاء بالمشاعر والأحاسيس، فكلما ارتقت تلك المشاعر بسماع الموسيقي الهادئة والمتزنة، كان لذلك تأثير إيجابي علي التفوق ومستوي التحصيل الدراسي ولا سيما في مرحلة الثانوية العامة
هذا كله يوضح ضرورة إيقاف مطربي المهرجان والذي جاء متأخرا، وعلينا أن نتابع تنفيذ هذا القرار ليس علي المستوي الرسمي فحسب بل علي المستوي الشعبي وواجب جميع الأسر المصرية حماية أبنائها والعمل علي تربيتهم تربية صحيحة وفق معطيات العصر وتعقد التكنولوجيا.
افتقاد الجادين للتشجيع
تؤكد الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس للمشهد أن ة انتشار أغاني المهرجانات سببه عدم الاهتمام بالملحن والشاعر الجاد وأصحاب الأصوات الجميلة، وبدلا من تكريم فنانين عظماء نجد الإعلام يهتم بمحمد رمضان ويطلق عليه "نمبر وان" لأنه يدفع أموالا للقنوات كي يظهر ويصنع منه بطل.
وتشير خضر أن هناك أيد خفية وجهات تمول أغاني المهرجات بالملايين لهدم الثقافة المصرية والفن المصري، ونحن نحتاج إلي وزارة ثقافة قوية ترتبط بالإعلام لإذاعة الحفلات.
وتتابع سامية خضر قائلا: إن أعمال البلطجة والتحرش ومعدلات الجريمة وعمليات الاغتصاب وغيرها من الجرائم والظواهر التى لم يعرفها المجتمع المصرى من قبل، زادت خلال الفترة الأخيرة نتيجة انتشار السلوكيات الخاطئة وانحدار الثقافة داخل المجتمع لنحو ٦٠٪ من الشباب.
وفاقم ذلك غياب تام للدراما والفن الراقى الذي كان يسعى إلى توعية الشعب وتثقيفه وتنويره، موضحة أنه هناك حاجة لدور الحكومة ممثلة في وزارتي الثقافة والإعلام لاستعادة هذه النوعية من الفن الراقى وتقديمها للشباب على وسائل التواصل الاجتماعي التى يعتمدون عليها كثيرًا في الوقت الحالى بدلًا من تقديم المهرجانات الشعبية للمواطنين باعتبارها فنا جديدا.
ايجاد البدائل المحترمة
انتشار أغاني المهرجانات ظاهرة سيئة جدا، بعدما كانت مصر رائدة الطرب في العالم العربي، هكذا يقول السيناريست محمد الحناوي، ويضيف: هناك إجراءات أهم من الوقف، وهي الاهتمام بالحالة الفنية نفسها ومستوي الطرب لأنه للأسف لاتوجد لدينا موسيقى، وهناك بدائل لأن المنع في عصر الانترنت، فهذا القرار سيطبق علي الأفراح والحفلات فقط وأزمتنا ليست في ذلك، ولكن الأزمة في الذوق العام.
والبديل الحقيقي في رأي الحناوي هو دعم الفن الحقيقي والهادف والمبدع، لكي تكون هناك منافسة حقيقية، لأن الأذن تسمع الأفضل وترفض السيء، وبالتالي طالما لايوجد بديل.. ينتشر الإسفاف.
وبالرغم من أنه توجد في أمريكا أغان هابطة ولكن توجد بدائل لها.
أشعر بالغضب حين يرددها أحفادي
رباب حسين تقول مايحدث الأن في مصر مهزلة وأشعر بالغضبعندما أرى أحفادي يسمعون أغاني المهرجانات ويرددونها. تضيف: الاغاني لا يوجد بها صوت ولا كلمة ولا لحنا وهي مسيئة للأذن، ففيها إيحاءات جنسية ومخدرات ومع ذلك نجحوا! وأوافق علي قرار الفنان هاني شاكر ومن يعترض علي منع المهرجانات لايرغب في الارتقاء مصر
وللأسف، هذا القرار جاء متأخرا، بعد أن أصبحت هذه الأغاني منتشرة في كل مكان.
يختلف مع رباب حسين في الرأي المخرج داوود عبد السيد الذي يري أن أغاني المهرجانات أفضل من أي أغاني أخري موجودة علي الساحة! ويقول أنها تعبر بشكل حقيقي وحر عن أناس معينين، أما الأغاني الرسمية فلا تعبر عن شيء، وليس لها طعم ومشاعرها مزيفة.
ويضيف المخرج المرموق: "عندما نشاهد التليفزيون نسمع هذه الألفاظ، والأطفال يرددون أي كلام سواء ورد في مسلسلات أو أفلام أو أغاني، وأنا ضد قرار الوقف وأعتبره قرارا فاشلا وسخيفا ويتعدي الحدود"
مواجهة ضرورية
أما الدكتورة سامية قدري فتقول: لابد أن تقف الدولة في مواجهة أغاني المهرجانات بفتح الأبواب للأصوات البديعة وللملحنين والشعراء المتميزين، "فعندما نصمت ونغمض أعينينا تزحف الحشرات علينا من مطربي المهرجانات" فكلمة الأغنية لابد أن تكون معبرة يتعلم منها المتلقي، وأنا أحتقر كل رجل يرقص بوسطه.
وتضيف سامية قدري: "الدولة تنشيء كباري وتوسع طرقا، ولكن بناء الانسان لم يصل لمرحلة البداية، فالفن بداية كل شيء وكانت الاغاني القديمة لعظماء الفنانين تذاع في التليفزيون، أما حاليا فافتقدنا ذلك"
وتوضح قدري أن إقبال الشباب علي سماع أغاني المهرجانات سببه عدم وجود بديل لها، بالاضافة الي فضولهم لمعرفة ما تقوله الأغنية ولا يجد بها كلمات تسمع.
لا رقابة
الفنان مجد القاسم يجمل وجهة نظره بالقول: "أي شخص صاحب موهبة ويقدم رسالة مفيدة للمجتمع أتفق معه، أما لو كان المحتوى يسيء للقيم والاخلاق أكون ضده"
ويضيف: "هناك مطربون أصواتهم جيدة لايصح أن تمنع من الغناء، ومن الممكن توجيههم وإجراء اختبارات لهم، بالإضافة إلى تفعيل دور الرقابة وتكوين لجنة مشرفة علي هذا النوع من الغناء، لأن معظم الاغاني ترفع علي الإنترنت دون موافقة الرقابة" ولا بد من قانون يعاقب أي مطرب يقدم محتوي أو كلاما خادشا للحياء، لانهم لو منعوا من الغناء سيقدمون انتاجهم هذا علي الشبكة العنكبوتية.
الدكتورة ماريا جرجس، أخصائي نفسي واجتماعي ترى أن تأثير أغاني المهرجانات يختلف من شخص لآخر حسب البيئة، هل الأغاني تؤثر في شخصيته أم لا؟ أم يكتفي بترديدها فقط، لابد من أبحاث تحدد مدى تأثيرها علي الشباب، لأنه لاتأثير لها علي كبار السن.
وتستطرد ماريا قائلة: من المؤكد أن لها تأثير سلبي، بسبب الألفاظ الخارجة والرقص وطريقة اللحن، ولكن من الممكن القيام بتوجيه الجيد، وحثه على منع الألفاظ المسيئة، أما من هم بلا صوت ولاقدرة لهم على انتقاء الكلمات لابد من منعهم لأنهم يسيؤون للفن، وبعض مطربي المهرجانات كان يسرق أو يقوم بأعمال بلطجه ولكنهاتجه إلي الغناء وبدأ يكسب أموالا، فهناك فئة تسمع أغاني المهرجانات ولن تتأثر لأنها تسمع من غير انتباه.
دخيلة على الثقافة المصرية
حسب رأي الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، فإن المهرجانات الشعبية ظاهرة هامشية دخيلة على الثقافة المصرية، التى تعانى من حالة هبوط شديد بدأت بظهور حالات التحرش في الشوارع والفوضى وزيادة تعاطى المخدرات والخمور، المهرجانات خرجت من العشوائيات من رحم ٢٢ مليون نسمة يسكنونها ويساهمون في زيادة السلوكيات السيئة، تحمل المهرجانات محتوى ثقافى سيء، يساهم الإعلام في انتشاره، والدليل استضافتهم في استاد القاهرة للاحتفال بعيد الحب.
ويوضح صادق في تصريح خاص للمشهد بأنه في جميع دول العالم توجد ثقافة راقية، وأخرى هابطة ويعتمد الإعلام الرئيسى على الثقافة الراقية فقط مثل الأوبرا والموشحات والتراث التاريخى، إلا أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة ساهمت في ظهور الثقافة الهابطة، الأمر الذى يقابله إهمال التعليم في مصر حتى أصبح منحدر جدًا وغياب دروس الموسيقى والثقافة؟
ويؤكد صادق أن الإعلام والبرامج التليفزيونية تعانى من هذا الانحدار الثقافى والتعليمى والأخلاقى، حيث إنها ساهمت في عرض نماذج المهرجانات الشعبية على شاشاتها واستضافة أصحابها لعرضها على الجمهور.
وعن علاج الانحدار الثقافى الذي يعانى منه المجتمع حاليًا، يقول: إن ارتقاء التعليم يأتى في المقام الأول فهذا أمر ضرورى جدًا للتخلص من الانحدار الذى أصاب الشباب والأجيال القادمة، وكذلك إعادة هيكلة الإعلام واختيار الأشخاص الذين يتم استضافتهم وعرضهم على الجمهور بعناية، وتقديم محتوى مفيد سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو فنيًا بدلًا من حالة الهبوط الحالية، والمشكلة أن منع هذه المهرجانات سيساهم في زيادة الإقبال عليها وستظهر وسائل أخرى جديدة للاستماع.
غياب الدور التربوي
ونختتم بالدكتور طلعت عبدالحميد أستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس الذي يؤكد أن سبب انتشار وإقبال الأطفال والشباب على المهرجانات، هو غياب الدور التربوى داخل الأسرة والمدرسة، وهناك ضرورة لاستعادة هذا الدور وتعريفهم بماهية السلوكيات الصحيحة والخاطئة لتحصين هؤلاء الشباب ضد أى ظاهرة سلبية تطفو على سطح المجتمع.
ويتابع: "في المجتمعات العربية يعد الإعلام هو المؤسسة التربوية الأولى، يليها دور العبادة (المساجد- الكنائس) ثم المؤسسات التعليمية وفي نهاية الترتيب يأتى دور الأسرة، لأنها لم تعد كما كان يراها الطفل قديمًا، فحاليًا المسئولون عن الأسرة خارج المنزل أغلب الوقت"
هناك أيضا التحصين الداخلى للإنسان وتعريفه منذ الصغر بأنه لا يعيش بمفرده في المجتمع وأن حريته تتوقف عند حرية الآخرين وأن الحرية مسؤولية، ففى هذه الحالة ستكون السلوكيات الخاطئة نادرة داخل المجتمع.
---------------------------
تقرير – آمال عبدالله