أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان عضو مجلس الوزراء وزير التسامح، خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات اليوم الأول لملتقى الإعلام العربي من أجل الأخوة الإنسانية الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي أمس الاثنين، أن العالم بحاجة ماسة إلى السير على خطى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه في الحكمة وبُعد النظر التي كان يتمتع بهما مضيفا أننا نرى هذه الحكمة وهي تتجسد في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، وهذه الرؤية الواضحة لمستقبل العالم، وستؤدي الوثيقة بالمجتمع العالمي إلى إطلاق ما يترتب على التسامح والأخوة الإنسانية من قدرة على مواجهة القضايا ذات الأهمية في هذا العصر وإلى إيجاد حلول ناجحة لها.
وقال وزير التسامح: إن دعوة مجلس حكماء المسلمين للملتقى هي إعلان قوي، بأن الأخوة الإنسانية وما يتصل بها من سلوك متسامح وما يترتب عليها من نتائج ملموسة، في سبيل تقدم المجتمع، ورفعة الإنسان وهي تأكيد لتعاليم الإسلام الحنيف.
وأضاف: «إنكم في هذا التجمع الإعلامي العربي عليكم واجب ومسؤولية في تعريف البشر في كل مكان بما يقدمه الإسلام من نموذج متكامل للحياة السعيدة والمنتجة وللعلاقات المثمرة بين الجميع، عليكم واجب ومسؤولية في أن يكون نشر مبادئ التسامح والأخوة الإنسانية جزءاً مهما في عمل وسائل الإعلام في المنطقة، تسهمون بذلك، في تنمية العلاقات الإيجابية بين أتباع الأديان والمعتقدات».
وتابع: «عليكم واجب ومسؤولية في مساعدة القُراء والمستمعين والمشاهدين في التعرف على ثقافات الآخرين والانفتاح عليهم والتعامل معهم بحكمةٍ وإنسانية، إننا نقدر كثيراً دوركم المهم في التأكيد على ما تتضمنه هذه الوثيقة من أننا جميعاً أعضاء في " مجتمع إنساني واحد " ، يعمل فيه الجميع.
وقال: «اننا في الإمارات نعتز غاية الاعتزاز بأن النموذج الناجح في التعايش والأخوة ، والتنمية الذي يتحقق على أرض هذا الوطن قد تأكد مع نشأة الدولة فضل قائد حكيم وشجاع ، هو الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وهو الذي كان معروفاً ، بأنه حكيم العرب ، لديه رؤية واضحة ، لمستقبل بلده وأمته ، تنبع من ثقافته العربية والإسلامية ، ومن خبرته العملية ، في شؤون العالم» .
وأكمل: «أعبر لكم عن قناعتي الكاملة بأن العالم في حاجة ماسة إلى السير على خطى الشيخ زايد وإلى الحكمة وبُعد النظر والقدرة على التفكير الصائب التي كان يتمتع بها، طيب الله ثراه، وإنه لما يبعث على السرور حقاً أن نرى هذه الحكمة ، وهذه الرؤية الواضحة لمستقبل العالم ، وهي تتجسد في وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية : نرى في هذه الوثيقة ، إدراكاً كاملاً ، بأن الحكمة ، هي التي سوف تؤدي بالمجتمع العالمي ، إلى إطلاق ما يترتب على التسامح والأخوة الإنسانية ، من قدرة على مواجهة القضايا ، ذات الأهمية في هذا العصر ، وإلى إيجاد حلول ناجحة لها.
قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الدكتور قيس العزاوي، إن الاحتفال بالذكرى الأولى للوثيقة يحمل دلالات إيجابية في حياة شعوبنا، باعتبار الوثيقة خطوة مؤسسة لعالم أكثر انفتاحًا وتسامحًا، مؤكدًا اهتمام جامعة الدول العربية الكبير بمد جسور التعاون بين الأديان والثقافات، وترسيخ قيم التسامح والتعايش، وحرصها على مساندة المبادرات والمساهمات الفكرية.
وأكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أن نجاح هذه الجهود والمبادرات رهين بمواكبة إعلامية جيدة ومهنية وقادرة على مد الجسور بين صناع القرار، موجهًا الشكر إلى القائمين على التجمع الإعلامي العربي، الذي يزخر بكوكبة متميزة من المفكرين والإعلاميين أصحاب الرصيد المعرفي والتجربة الغنية الكبيرة.
من جانبه توجه قال باولو روفيني، وزير إعلام الفاتيكان، إن التجمع الإعلامي العربي يمثل فرصة لتجديد الالتزام بتطبيق الفعلي لبنود الأخوة الإنسانية الذي يمهد الطريق لسلام والطريقة الإنسانية التي نتواصل بها مع بعضنا الآخر، معبرا عن شكره لمجلس الحكماء المسلمين.
وأكد أن زيارة البابا فرانسيس لأبوظبي تمت متابعتها عبر البث المباشر ( باللغة الأصلية أو مترجما إلى ست لغات) نحو 163 ألف مرّة على يوتيوب و400 ألف مرة على الفيسبوك وبلغ عدد المستخدمين الذين تابعوا الحدث بشكل مباشر باللغة الإنجليزية المليون شخصا
ودعا وزير إعلام الفاتيكان كل العاملين في وسائل الإعلام ؛بغض النظر عن قناعاتهم الدينية؛ أن يشعروا أنهم مدعوون باستمرار إلى هذا الواجب؛ كي تكون وسائل الاعلام أداة للبناء والحوار مع الآخر، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يُحارب الشر بشرّ آخر، ولا يمكن أن تُخدم الحقيقة من خلال التضليل الإعلامي.
وقال مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر، إن هناك أمل كبير بأن تكون وثيقة الأخوة الإنسانية نقطة انطلاق جديدة لمستقبل خال من الحروب والفتن، والمطلوب من العالم شرقاً وغرباً أن يتعقب كل صور الإرهاب ويمنع تمويل جماعاته ويجتثها من جذورها.
من جانبه، قال المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، إن استراتيجية اللجنة العليا للأخوة الإنسانية تقوم على مد يد التعاون إلى كل من يعملون بصدق وإخلاص من أجل إخوانهم من البشر، وتشجع كل أصحاب المبادرات الإنسانية، لتحقيق الإخاء الإنساني، مضيفًا أن الإعلام يقع في القَلْبِ من هذا المشروعِ الإنسانيِّ الكبير؛ فهو شريك في كلِّ تفاصيلِه، يتحمَّلُ جُزءًا كبيرًا من المسؤوليَّة.
وأبدى الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية تطلعه لأن تتبنى الصحافة مفهوم المسؤولية الإنسانية للصحافة، والموازنة بين الإنسانية والمهنية في العمل الصحفي، مؤكدًا ثقته في قدرة الإعلاميين العرب على صناعة تغيير على صعيد الإعلام العالمي، موجهًا الشكر إلى مجلس حكماء المسلمين وأمينه العام على المبادرة بالدعوة لهذا التجمع.
بدوره قال الدكتور سلطان بن فيصل الرميثي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، ، إن قيم الصحافة كالاستقلالية والنزاهة والموضوعية قيم مهمة جدًا، إلا أنها لا يجب أن تتحول إلى مبرر لانعدام الإنسانية، وهو ما يحدث عندما تصبح الموضوعية ورقة توت للصحافيين الذي لا يريدوت التعامل بصدق مع إنسانيتهم، مؤكدًا ضرورة أن تقدم الإنسانية الصادقة على قواعد الكتابة وصناعة العناوين.
وأوضح أمين عام مجلس حكماء المسلمين إن أحد أبرز أهداف التجمع الإعلامي العربي من أجل الأخوة الإنسانية هو محاربة خطاب الكراهية والتمييز في الإعلام العربي، وتغيير نمط التعاطي مع القضايا الإنسانية، مشيرًا إلى أن مجلس حكماء المسلمين يسعى جاهدًا للعمل على تطبيق القيم النبيلة الواردة في وثيقة الأخوة الإنسانية بالعمل مع شرائح المجتمع كافة، ومن أهمها الإعلام
وناقشت أولى ورش الملتقى التي اتت بعنوان خطاب الكراهية والتمييز في الصحافة»، أدارها الإعلامي يوسف رفايعة والمتحدثون الإعلامية سوسن الشاعر، والإعلامية ميس عنبر، والإعلامي ضياء رشوان، والدكتور الأب رفعت بدر، والإعلامي أحمد البشير، والإعلامي مكي هلال، أوضحت الإعلامية سوسن الشاعر، أنه أحيانا يكون هناك دونية في الصحافة العربية عند التحدث عن المرأة، فعلى سبيل المثال وصفها بأنها بـ«مائة رجل»، فلماذا نصفها بالرجل عندما تكون قوية وناجحة.
وأضافت أن الأمر ليس المطالبة بالمساواة، ولكن إظهار المرأة والتعامل معها كفرد وكيان لا يحتاج لأن يكون أو يشبه غيره.
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان، نقيب الصحفيين أن التفرقة في الصحافة ترجع أحيانا لتوجهات أو تحريض، ولوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في خلق العنصرية بشكل أو بآخر، ولابد من وجود تجريم للتفرقة والتمييز بين الأفراد.
وأشار إلى أن المؤسسات الصحفية في الوطن العربي لا تعتمد في خطابتها على لغة الكراهية والتمييز وإن كانت هناك بعض الاستثناءات، وانه لا يمكن التعميم عند الحديث عن خطاب الكراهية والتمييز، مشيرا إلى أن خطاب التفرقة قد يتواجد في بعض المؤسسات التي تخرج عن إطار القواعد والأسس المنظمة للعمل الإعلامي
وفي سياق متصل قال الإعلامي مكي هلال أن المنطقة العربية تعاني من زخم من المشاكل والصراعات العديدة وأن الصحافة الغربية بكل وسائلها، تتعلم وتكتشف على كل ما هو جديد، وإننا نعاني من فوضي المفاهيم والمصطلحات، حيث يخلط البعض في كثير من الأحيان غلى سبيل المثال بين النازح من بلده ومن بهاجر خارجها.
ومن جانبه، قال الإعلامي حمدي رزق إن خطاب الكراهية والتميز متواجد وبقوة في وسائل الإعلام وأن هناك من يعمل على تغذية هذا الخطاب وبثه في المجتمع، وأن هناك بعض المجتمعات اعتادت على خطاب الكراهية وأصبحت تتحدث عنه بشكل طبيعي ومعتاد.
وأكد «رزق» أن الأمة العربية مكبلة بالعديد من التشريعات التي تعيق تطبيق القوانين والتجارب التي تدعم المحبة، وأن من الوسائل التي قد تشجع على خطاب المحبة ان يكون هناك جائزة سنوية تمنح لمن يقوم ويدعم خطاب المحبة.
وفي ورشة بعنوان مبادئ الوثيقة الأخوة الإنسانية مدخلا لتعزيز أخلاقايات الصحافة أدارتاها الإعلامية بولاند سيمون وشارك فيها الإعلاميين، محمد الحمادي رئيس تحرير جريدة الرؤية الإماراتية والدكتور عمرو الليثي رئيس قناة النهار المصرية، ومحمد علي خير مقدم برامج مصري، وطوني خليفة مقدم برامج لبناني، وكارولين فرج رئيس شبكة الخدمات العربية في قناة سي ان ان الأمريكية، ويوسف الهوتي رئيس قسم الأخبار في التليفزيون العماني، أكد محمد علي خير أن الوثيقة والحوار الذي دار بين شيخ الازهر والبابا فرانسيس، تعتبر خلاصة عما أتت به كافة الأديان والتي تقوم على مبادئ العدل والخير والحق، وأكدت على المبادئ الأساسية بشكل عاجل، مشيرا إلى أنها أتت لتذكيرنا المبادئ التي هي موجودة في الأصل.
وقال إن الوثيقة تحتاج للوجود في مناهج الابتدائية لغرس المفاهيم لدى الأطفال في كافة البلدان، والتركيز على تطبيقها لا ينبغي أن يقتصر على الإعلاميين الموجودين حاليا من رؤساء التحرير والصحفيين المخضرمين بل يجب تعليمها للصحفيين الجدد وطلاب كليات الإعلام
وقال طوني خليفة إن الإنسان وحقوقه سيكون ضحية الصراعات على الأرض وعلى شاشات التلفاز حيث تشارك السياسات بدور رئيسي في رسم الخريطة الإعلامية في كافة الدول وحتى في الولايات المتحدة التي يعرف عنها أنها رمز الديمقراطية في العالم مشددا أن الإعلام المرئي والمكتوب متجه نحو الزوال والمستقبل هو في وسائل التواصل الاجتماعي والمواطن الصحفي.
وأضاف أن الإمارات نموذج يحتذى به في التعايش وهذا لم يأت من فراغ بل أتى من توجهات القيادة السياسية في الإمارات التي تعيش وتفكر في التسامح، وبالتالي السياسة تنعكس على الأفراد وعلى المجتمع.
وقال يوسف اللهوتي إن العرب لديهم أخلاق والرسل جاءوا ليتمموا مكارم الأخلاق، مضيفا أن في كل القنوات الفضائية خلال نشرات الأخبار لا أحد يستطيع تغيير أي شيء في الخبر، مضيفا: "تسببنا في شرخ في هذا الأمة كإعلاميين وهذا هي الحقيقة ومسؤولين عما يحدث الآن في الوطن العربي، من تشرذم وشد وجذب، بدءا من الاحتلال الأمريكي للعراق ومرورا بما يحدث في سوريا."
وتابع: "نحن امام معادلة جديدة وتحقيق رؤية جديدة للإعلام العربي، يجب أن نكون جميعا كعرب لنا رأي واحد مثلما كان قبل الاحتلال الأمريكي للعراق بأن يكون موقفنا واحد، أين فلسطين من خريطة الأخبار في القنوات العربية؟ هي في ذيل القائمة وهذا مسؤولية جميع الإعلاميين.
وقال عمرو الليثي: أتصور أن مسؤولية تنفيذ اخلاقيات الإعلام تقع على عاتق الإعلاميين، فهو الأداة للتنفيذ، نحن مقصرين اتجاه المواطنين في بلدانا، نحن نجري على المواضيع الرائجة على سبيل خدمة المواطن، تفعيل الوثيقة مهمة الإعلاميين قبل أي مكون آخر من المجتمع.
وأضاف أن المشكلة هي ضمير الإعلامي ولابد أن يتم تفعيلها بشكل أكبر، عبر زيادة المساحة للمنتج الإعلامي الذي يعبر عن مشاكل المواطنين قائلا: "اشعر كإعلامي أننا متهمين بالتقصير تجاه الناس، ومنغمسين في توجه جميع المحطات نحو الترفيه على حساب خدمة المواطن.
وقالت كارولين فرج الإعلام الناضج لا يجب إلزام على أي شيء بل يأتي عن اقتناع، مضيفة أن ما تم السنة الماضية من اعلان وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية وزيارة البابا فرانسيس للإمارات حفز الكثير من الإعلاميين العرب حول ما تم ذكره من مبادئ التي حثت جميع الأديان عليها.
وأكد محمد الحمادي أن تطبيق مبادئ الاخوة الإنسانية مسؤولية الفرد الصحفي وليس المؤسسة الصحفية، مثل التحدث عن المرأة باحترام والطفل وجميع فئات المجتمع وأصحاب الديانات الأخرى مشيرا إلى تجربة دولة الإمارات الناجخة في تغيير بعض المفاهيم وإحداث نقلة نوعية في تعزيز المبادئ الإنسانية مثل تغير مسمى المعاقين إلى أصحاب الهمم والمسنين إلى كبار المواطنين ما أعطى لهم دفعة نفسية قوية غيرت نظرة المجتمع لهم وجعلتهم يفخرون بما هم عليه ويتحركون بحرية في شتى المجالات.
وقال إن هناك 10 ملايين إنسان 9 مليون منهم غير إماراتيين، نحو نصف من يعيش في الإمارات غير مسلم، فهذا يعتبر مشهد من التعايش والتأقلم وحب المكان، مشيرا إلى أنه يجب أن يتم الترويج للوثيقة التي لا تتعارض مع حقوق الإنسان في العالم بل تتوافق، وهذا هو الطلوب مننا ونحن بحاجة إلى خطوة للإمام في هذا الملف.