يتفق خبراء الصحة العقلية على أن مواقع التواصل الاجتماعي أبرزت حالات النرجسية باتت أكثر انتشاراً ووضوحاً في الحياة اليومية، موضحين أنه ليس من الغريب الانتشار الهائل لصور السيلفي في مواقع التواصل الاجتماعي حتى بات أمراً اعتيادياً بين أبناء الجيل الحالي، بحسب البي بي سي.
ويصف قاموس كولينز باللغة الإنجليزية النرجسية بأنها "اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها، خاصة المظهر الجسدي للذات"، كما إنه الإفراط في حب الذات، والاهتمام بالمظهر الخارجي وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته.
وتشمل النرجسية مجموعة من الصفات الشخصية التي ربما لدى أي منا بعضاً منها، ولكن في الحالات الأكثر تطرفاً، يتم تشخيصها في خانة الصحة العقلية بأنها "اضطراب الشخصية النرجسية".
يلتقط الكثيرون صور السيلفي لأنفسهم وهم في النوادي الرياضية وينشروها في صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
ويكشف تينيسون لي، مستشار بريطاني متخصص في اضطراب الشخصية النرجسية، عن تسعة معايير تشخيصية للنرجسية على النحو المنصوص عليه في دليل التشخيص والإحصاء في جميع أنحاء العالم.
ويجب على المريض أن يفي بخمسة على الأقل من المعايير التالية كي يُصنف في خانة النرجسيين:
أن يكون لديه شعور مبالغ فيه بأهمية ذاته.
أن تكون لديه أوهام النجاح والقوة.
الإعجاب المفرط، الذي يجعله يؤمن بأنه فريد من نوعه.
الشعور بالاستحقاق.
أن يكون استغلالياً ويحسد الآخرين ولا يتعاطف معهم.
أن تدل مواقفه على التكبر والعجرفة.
ويقول لي: "تُصنف حالة الشخص على أنها اضطراب، عندما يسبب اهتمامه المفرط، نوعاً من المعاناة أو المصاعب للمحيطين به"، وفقاً لدراسة أجريت في الولايات المتحدة، فإن 6% من الأمريكيين نرجسيين، ومع ذلك، هناك خمس دراسات أخرى على الأقل استخدمت معايير أكثر صرامة ولم تستطع العثور على حالة واحدة للنرجسية، حتى عند استخدام عينات كبيرة جداً
ويقول لي، الذي يرى أن الحالة أكثر شيوعا مما نظن: "لا أعتقد أنها حالة سريرية يمكن تشخيصها وفهمها على نحو كافٍ من قِبل الإختصاصيين".
وتقوم أنوشكا مارسين، التي تركت شريكها بعد ظهور أعراض الاضطراب النرجسي عليه، بإدارة شركة استشارية في علم النفس، تقدم المشورة والنصيحة للآخرين حول كيفية اكتشاف الشخص النرجسي، وتقول عن الاضطراب بأنه وباء، ويوجد الكثير من تلك الحالات حولنا بكل تأكيد، فيما لا يدرك النرجسيين أنهم على خطأ، لأنهم يرون أنفسهم الأفضل دائماً
ويقول الدكتور لي إن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية يأتون إليه معتقدين أنهم مصابون بالاكتئاب، ولكن في الواقع فإن الأدوية المضادة للاكتئاب لن يكون لها أي تأثير على مرضى هذا الاضطراب، مؤكدا على أن"علاج اضطراب الشخصية النرجسية ليس بالأمر السهل على الإطلاق".
وأوضح إنه شكل من أشكال العلاج النفسي الصعب، لأن إقناع المريض بوجود مشكلة لديه أمر صعب جداً، فهم عامةً يعتقدون أن الآخرين يتحملون المسؤولية، وأضاف "سوف يأتي الكثيرون متأخرين إلى الجلسات أو لا يحضرونها على الإطلاق، لأنهم لا يعتقدون أن العلاج أو الشخص الذي يعالجهم مهم".
ويقول برنت روبرتس، أستاذ علم النفس بجامعة إيلينوي: "تتراجع النرجسية بشكل كبير مع تقدمنا في السن"، مضيفا "في الواقع، إذا كان هناك أي شيء أعتقد أنه عالمي فهو أن كبار السن أقل نرجسية من الشباب"، وقد أكدت العديد من الدراسات ذلك بشكل متكرر ومقنع.
ولكن هناك نرجسيون معترفون بنرجسيتهم، حيث يعتبر تيودور نفسه أحد كبار النرجسيين في بريطانيا، ويقول إنه يعرف ذلك، منذ سن مبكرة: "لقد شعرت بالرضا من التلاعب بالأفراد لتحقيق غاياتي، وبعد أن أنهيت الجامعة، أوضحت لي صديقتي آنذاك، وكانت خريجة علم النفس، أنها تعتقد أنني مصاب باضطراب الشخصية النرجسية، ومنذ ذلك الحين تم تشخيص الحالة".
ويضيف: "أنا أفهم ذلك بسبب مستوى ذكائي ووعيي، لماذا يعتقد الناس أن ما أفعله مؤذٍ، لكنني لا أهتم بذلك لأنه يلبي احتياجاتي".