20 - 04 - 2024

إسرائيل تتكلم بالعربية

إسرائيل تتكلم بالعربية

هذه ليست مزحة لكنها حقيقة.. إسرائيل أصبحت تخاطب العرب فى كل مكان باللغة العربية، وتتودد إليهم وتسعى بكل قوتها للتطبيع معهم .

فبعد أن استطاعت إسرائيل الوصول إلى أكثر مما كانت تطمح من خلال التطبيع  على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي مع بعض الدول العربية، خاصة بعد تزايد المخاطر الإيرانية الموجهة لعدد من دول الخليج، واتفاق هذه الدول مع إسرائيل على أن إيران هى العدو الأول المهدد لاستقرار المنطقة وعليهم جميعا التعاون من أجل مواجهة هذا الخطر.. ترغب إسرائيل فى تجاوز هذه المكاسب وصولا إلى المكسب الأكبر على الاطلاق وهو التطبيع على المستوى الشعبي.

 تسعى إسرائيل إلى التغلغل داخل الشعوب بوسائل جديدة مستغلة التطور الهائل الذى اجتاح المنطقة فى السنوات الاخيرة فى وسائل التواصل الاجتماعى وخصوصا الفيسبوك وتويتر، فنجد حسابات باللغة العربية على هذه المواقع لرئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وافيغاى ادرعى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، وغيرهم من مسئولى الكيان الصهيونى الذين يحرصون على التواصل مع الشعوب العربية باللغة العربية .

  ولم يكن غريبا أن تبدأ إسرائيل خطتها فى هذا الصدد بالتزامن مع الفوضى التى اجتاحت الدول العربية عقب ما يسمى ب ثورات الربيع العربى.. كان هذا توقيتا ذهبيا لإسرائيل، حيث فقد العديد من الشعوب العربية الثقة فى الحكام وثاروا عليهم، واختلطت  معانى الحرية والديموقراطية والعدل والمساواة بالفوضى والانهيار المجتمعى، وظهرت مفاهيم لم تكن موجودة كالخيانة والعمالة والتمويل الأجنبى والناشط السياسى. وتسللت إسرائيل فى هذا التوقيت المضطرب إجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وإعلامية وبدأت فى فتح العديد من الصفحات والمواقع الموجهة  للتحريض بين الشعوب العربية وبعضها وإثارة الفتن ونشر الشائعات والمفاهيم المغلوطة التى تثير البلبلة.. ومن جهة أخرى لا تترك هذه المواقع والصفحات أى مناسبة عربية دينية أو اجتماعية إلا وترسل فيها التهانى والتبريكات وتظهر فيها التودد المصطنع للشعوب العربية.

استغلت إسرائيل الأوضاع الإقليمية المضطربة وبدأت أيضا فى تنشيط أدواتها الإعلامية واستحداث بعض القنوات والمواقع الإخبارية الموجهة باللغة العربية لصنع نوع من التقارب مع شعوب المنطقة، وتقريب وجهات النظر، وفى الغالب يتركز محتوى هذه القنوات على تجميل وجه إسرائيل.

ومؤخرا بدأت صفحة إسرائيل تتكلم بالعربية الترويج لمشروع يحمل اسم (مبادرة مد السكك الحديدية لتحقيق السلام الإقليمى)، وتهدف إسرائيل من وراء المشروع - الذى تقوم فكرته على ربط البحر المتوسط  بالخليج العربى - ويعتمد على فكرة استخدام إسرائيل كجسر برى يربط بين إسرائيل والأراضي العربية المحتلة وعدد من الدول العربية والخليجية .

تفاصيل المشروع تنبيء بأن القادم ملئ بالتحديات والمفاجآت ويحتاح لليقظة والإنتباه.

فهل تدارست الدول العربية المقترح انضمامها لمشروع الربط الحديدى حجم الاختراقات الأمنية التى ستتعرض لها أراضيها بحجة تنفيذ هذا المشروع .. وهل تناسوا غضبة الشعوب من هذا التقارب والتعاون. 

وهل فكروا فى خطورة أن يربوا فى بيتهم أسدا!؟
---------------------
بقلم: سحر عبدالرحيم
من المشهد الأسبوعي - اليوم مع الباعة

مقالات اخرى للكاتب

اتفاقية أوكوس وتغيير موازين القوى





اعلان