قطاع الزراعة الأكثر تأثراً بالارتفاعات بعد تحريك أسعار السولار والشحن وأجور العمالة
شركات الصناعات الغذائية والمنزلية تدرس تحريك الأسعار بعد احتساب تكلفة الوقود والكهرباء
بركات: أسعار المواد الغذائية ترتفع 2%...والتجار يتجهون لزيادات أكبر
العادلي: موجة تضخم جديدة موجة تزيد من معاناة المواطنين
أبو صدام: رفع أسعار المحروقات يرفع تكاليف الزراعة 30%
الإدريسي: ترشيد دعم الطاقة سيكون لصالح الفئات الأكثر احتياجاً
رجح اقتصاديون ارتفاع أسعار 7 خدمات أساسية على الأقل، بعد تطبيق خامس ارتفاع في أسعار المشتقات البترولية، ومنها أسعار المواصلات والسلع الغذائية والأجهزة الكهربائية والأدوية والدواجن والسجائر وبطاقات الشحن.
ويجمع الخبراء لـ"المشهد"، على أن زيادة أسعار الوقود ستنعكس على أكثر بنود الإنفاق على مستويات المعيشة، وهي السلع الغذائية والنقل والمواصلات، بحسب ما قال الخبير الاقتصادي الدكتور على الإدريسي، ويضيف، أن اتخاذ قرار بتحريك جديد في أسعار الوقود لا يعني أنه إجراء تقشفي، ولكنه ترتيب لأولويات الإنفاق، إذ جرى توفير الدعم الحكومي في هذا المجال، وتوفيره لقطاع آخر أكثر أهمية.
وتقول الحكومة إن الموازنة الجديدة للعام 2019-2020 لا تزال تتحمل دعماً مخصصاً للمشتقات البترولية بقيمة 52.8 مليار جنيه مقابل 89.75 مليار جنيه في السنة المالية الماضية.
وأقرت الحكومة بعد خمس ارتفاعات متتالية لأسعار المشتقات البترولية على مدار السنوات الخمس الأخيرة بنسب تراوحت بين 300-600%، آلية التسعير التلقائي لأسعار الوقود كل ثلاثة أشهر حسب الأسعار العالمية.
موجة تضخمية جديدة
يتوقع الدكتور خيري بركات، الخبير الاقتصادي، أن ترتفع أسعار المواد الغذائية جراء ارتفاع أسعار المشتقات البترولية بنسبة لن تتجاوز 2%، غير أنه حذر من ارتفاع معدلات التضخم بنسبة 4% في حالة رفع التجار والمصنعين أسعار السلع بنسب تتجاوز الزيادة في أسعار الوقود.
ويضيف أن الزيادة في أسعار الوقود، تمثل جزءاً من تكلفة المنتجات والسلع، الأمر الذي يتعين على الشركات والتجار عدم المغالاة في رفع الأسعار، خاصة وأن رسوم النقل للسلع لا تتجاوز نسبة 10% من القيمة الإجمالية لها في أكثر الاحتمالات، مما يعني أن الزيادة في أسعار البنزين تؤثر بنسبة لا تتعدى 2% في سعر السلعة.
ويؤكد بركات، أن زيادة أسعار البنزين تعد الذريعة الأقوى من قبل العديد من التجار لرفع أسعار المواد الاستهلاكية، وزيادة حجم الاقتصاد السري الأمر الذي يزيد من تلك المعاناة.
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد العادلي، أن الزيادة في أسعار الوقود ستساهم في موجة تضخمية جديدة، ويضيف:" لا يمكن الجزم بالزيادة في معدلات التضخم التي ستنتج عن تطبيق هذه القرارات، وإذا كانت ستعيد معدلات التضخم للمستويات التي تلت تعويم الجنيه والتي قاربت من مستوى الـ30%، أو ستكون زيادة طفيفة قد تتراوح بين 16 إلى 20%، خاصة أن أي زيادة في أسعار الوقود تؤثر على كل أسعار السلع الأخرى، حيث تعد تكلفة النقل عاملاً أساسياً في حساب أسعار السلع".
وشهدت مصر موجة تضخمية هي الأعلى في تاريخها على مدار ثلاثين عاماً في يوليو 2017، حيث قفزت معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها عند 34.2% نتيجة رفع أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 42 و55%.
ويتوقع الباحث الاقتصادي السيد صالح، زيادة معدلات التضخم بنسب تصل إلى 3.5% جراء الزيادة في أسعار الوقود، كما من المتوقع أن تساهم آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية في زيادة أسعار المواد البترولية بنسبة 20.6%.
ولفت إلى أن معدلات التضخم متوقع أن تصل لمستوى 17 أو 18% مع إلغاء الدعم عن المنتجات البترولية والتي سيصاحبها زيادة في مرتبات موظفي القطاع العام، غير أنه يستبعد أن تعاود أسعار التضخم تجاوز مستويات الـ30% مرة أخرى، خاصة وأن الزيادة في أسعار الوقود لن تكون زيادة مطردة، بعد أن تم إلغاء النسبة الأكبر من الدعم على مدار السنوات الماضية.
ويتابع أن قطار الزيادات في أسعار الوقود لن يتوقف، حيث ستكون هناك زيادات أخرى في الأسعار، خاصة وأن هناك دعماً حكومياً قيمته 52.8 مليار جنيه لا يزال مخصصاً لدعم الوقود في موازنة العام الجاري، وهناك خطة متفق عليها مع صندوق النقد الدولي لتحرير أسعار الوقود كاملة وتركها للعرض والطلب، وبالتالي إلغاء الدعم كاملاً، بحسب ما يؤكد صالح، ويضيف أن المواطن بات على موعد مستمر مع زيادات الأسعار التي لا يقتصر تأثيرها السلبي فقط على المواطن، بل تمتد إلى الأسواق التي تصاب بحالة كساد، وربما ركود ومزمن وتراجع في الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى موجات من زيادات الأسعار.
السلع الغذائية والمنزلية
ويتفق محمد شكري، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات مع صالح، في أن أسعار المواد الغذائية ستشهد ارتفاعاً محدوداً في الأسعار يتراوح بين 2-8% خلال الفترة المقبلة، ولكن الزيادات الكبيرة ستكون نتيجة ارتفاع أسعار النولون بعد رفع أسعار الوقود، بالإضافة إلى زيادة أسعار الكهرباء مؤخرًا.
ويضيف :" الصناع سيحاولون امتصاص تلك الزيادات حتي لا تتسبب في مزيد من الركود".
وبحسب أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة المنزلية، فإن الشركات تدرس أثر زيادة أسعار الوقود على أسعار منتجاتها، وتوقع ارتفاع أسعار الأجهزة المنزلية بنسبة تتراوح بين 5 و7% ، لكنه قال إن الشركات ما زالت لم تحدد نسب الزيادة الرسمية على أسعار منتجاتها، وتدرس أثر الزيادة الجديدة وخاصة بعد ارتفاع أسعار الكهرباء في بداية يونيو الماضي.
ويضيف:" الشركات ستخطر التجار بالأسعار الجديدة خلال أسبوع أو 10 أيام".
الأمر ذاته يؤكده محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات والتي تضم مصانع الأجهزة المنزلية والهندسية، ويضيف أن الشركات تدرس حالياً، أثر زيادة المواد البترولية وخاصة الغاز الطبيعي والسولار على أسعار المنتجات.
ويضيف أن السولار يدخل في كثير من الصناعات وأعمال النقل، مما يجعل زيادته مؤثرة بشكل كبير على الأسعار، كما أن زيادة المواد البترولية سيتبعها زيادة في الأجور، لارتفاع تكلفة المواصلات للعمال، لذلك لا يمكن حساب أثر الزيادة الأخيرة في الوقت الحالي، بل تحتاج لدراسة وحساب نسبة زيادة التكاليف لتحديد النسبة.
غير أن محمد العمري، عضو شعبة البناء بالغرف التجارية، يستبعد ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل كبير، وإن قال إن تكلفة النقل هي التي سترفع من الأسعار. ويضيف :" التأثير الأكبر، سيكون جراء ارتفاع أسعار الكهرباء، ذلك أن تكاليف الكهرباء زادت بقيمة كبيرة على الطن الواحد باختلاف المصانع".
الخضر والفواكه
وفي قطاع الزراعة، يرى حسين عبدالرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، أن رفع أسعار المحروقات، من شأنه أن يزيد من أسعار تكاليف الزراعة بنسبة 30% على الأقل، حيث تبلغ تكلفة زراعة الفدان الواحد، ما يعادل 4 آلاف متر مربع، من الطماطم والبطاطس نحو 40 ألف جنيه ، وبعد الزيادة الأخيرة للوقود ستتراوح التكلفة بين 52 إلى 55 ألف جنيه.
وهذا يعني أن الزيادة التي أقرتها الحكومة، ستزيد من الأعباء المعيشية للمزارعين، نتيجة ارتفاع أسعار النقل والمواصلات والسلع والملابس.
وهو ما يؤكده، أحمد عبد المتعال، -تاجر خضروات وفواكه- ويضيف أن قطاع الزراعة سيكون أكثر القطاعات تأثراً بالزيادات المقررة، عكس ما يتم ترويجه رسمياً من أن منتجاته ستشهد ارتفاعاً بسيطاً، ذلك أن القطاع يعتمد على المواد البترولية في دورة العمل بأكملها من الزراعة إلى الري والنقل، وبالتالي سيرفع المزارعون قيمة تسعيرة المحصول في المواسم التالية، مع ارتفاع أجور العمال الزراعيين بشكل يوازي الزيادة في سعر المواصلات والأعباء المعيشية.
ويتابع، أن زيادة أسعار المحروقات، تؤثر على أسعار الخضروات والفاكهة، لأنها ستأتي للمستهلك بسعر أعلى من تاجر التجزئة الذي يشتريها بأسعار مرتفعة من تاجر الجملة والمزارع.
اعادة توجيه الدعم
وتختلف آراء اقتصادية أخرى مع الآراء السابقة في التأثير المتوقع لارتفاعات أسعار الوقود، إذ يرى الدكتور علي الإدريسي أن الموازنة الجديدة للدولة شهدت عدة مميزات، تهدف لبناء الإنسان المصري، بتوفير الدعم الحكومي للوقود وتقديمه في مجالات أخرى، منها زيادة موازنة الدولة في مجالي الصحة والتعليم للنهوض بهما، كما أن هناك مشروعات قومية أخرى تجري، من بينها شبكة الطرق التي تقام والتي تساعد على الاستثمارات وتسهل حياة المواطن، فضلاً عن مشروع تكافل وكرامة الذي يهدف لتحسين حياة الأسر المصرية، والذي يضم 9 ملايين أسرة.
ويتفق الدكتور هشام ابراهيم، استاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، مع الإدريسي في أن رفع دعم عن المواد البترولية يحقق عدة أهداف على حد قوله منها، تحسين كفاءة المنتج المقدم إلى المواطن، بالإضافة إلى توجيه الدعم إلي المجالات والفئات الأكثر احتياجاً له.
ويضيف:" هناك العديد من عمليات تحسين الحالة الاقتصادية للمواطن المصري ودعم الفئات الأكثر احتياجاً من ترشيد دعم الوقود، من بينها زيادة الأجور والمعاشات، وبرامج تكافل وكرامة لتحسين حياة الأسرة المصرية.
-------------------
كتب: رامي الحضري