18 - 06 - 2025

هل تعبر إحدى معارك الاستنزاف من خلال "الممر" إلى أذهان الشباب؟

هل تعبر إحدى معارك الاستنزاف من خلال

بعد نكسة 1967م واحتلال الكيان الصهيوني لبعض الأراضي العربية من مصر وفلسطين والأردن وسوريا، من خلال حرب لم تخضها مصر بمفاهيم الحرب المعروفة وإلا ما كان الكيان الصهيوني احتل كل هذه المساحات من عدة دول عربية، قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خوض معارك لاستنزاف قدرات جيش الاحتلال تمهيد للحرب الكبرى لتحرير الأرض وأيضا تحريك المواقف الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي لم تنفذ.

وكانت نقطة الشرارة عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بور فؤاد بهدف احتلالها يوم 1 يوليو 1967، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة "رأس العش"، وتصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية خاصة بعد رفض إسرائيل لقرار مجلس الأمن 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها.

رأس العش كانت بداية لحرب منسية خاضها الجيش المصري عرفت بحرب الاستنزاف، مواجهات خلف خطوط العدو أو في بعض المواقع التي يعتبرها العدو نقاطا استراتيجية ومحصنة، وأدت تلك العمليات التي قام بها أبطالنا إلى بث الخوف والرهبة في صدور الأعداء ومهدت بشكل كبير لنصر أكتوبر العظيم.

ومن أهم هذه المعارك تدمير وإغراق "إيلات" على أيدي وحوش البحرية المصرية وايضا ميناء إيلات والحفار الإسرائيلي وغيرها من العمليات العظيمة التي ساهمت كثير في تغيير اساليب واستراتيجيات الحروب، وكان لقوات الصاعقة المصرية دور كبير فيها.

وما حدث في حرب الاستنزاف لا يقل أهمية عن معركة أكتوبر العظيمة وهذا جزء من تاريخ مصر العسكري الذي يجب أن يعبر أو يمر إلى عقول واذهان كل الأجيال سواء الحالية أو الأجيال القادمة، حتى لا ينسى الجيل الذي لم يشهد أكتوبر وما قبله جزءا من تاريخها المجيد الذي يجسد الإصرار على الثأر واسترداد كرامة كل مصري شعر بمرارة الهزيمة.

وقد اسعدني الحظ كثيرا بمشاهدة فيلم "الممر" الذي يجسد لعملية عسكرية من أهم عمليات حرب الاستنزاف وليس فقط الشق العسكري فيها بل روح الوطنية والانتماء التي غلبت على أبناء قواتنا المسلحة من جنود وضباط وإصرارهم على الثأر واسترداد الأرض ونأمل أن يعبر تاريخ مصر العسكري إلى الأجيال الحالية والقادمة من خلال القوى الناعمة أحد أهم وسائل الجيل الرابع والخامس من حروب كسر الإرادة.

كما شاهد الفيلم العديد من رجال السياسة والفن والإعلام الذين أشادو بالعمل الفني والتقنية المستخدمة والديكور وأيضا الأداء المتميز لفريق العمل.

وحقق الفيلم الكثير من الرسائل الإيجابية التي وصلت إلى عقول الجماهير من جميع الفئات، وظهر ذلك من خلال تأثرهم الكبير مع الفيلم داخل قاعات السينما أو من خلال أحاديثهم عنه سواء في وسائل الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي أو خلال دردشتهم على المقاهي وفي وسائل المواصلات، كما أنه استطاع أن يعيد جزءا من تاريخ مصر إلى أذهان الأجيال التي عاصرته أو يمر من خلال ممر فني إلى عقول الأجيال الحالية وخاصة فئة الشباب.

وبحسب أراء الكثير فقد بث الممر حالة من الطمأنينة حتى ولو نسبية عن وعي الشباب الفئة الذي يراهن عليها الكثير في حمل الراية وتولي المسؤولية، كما فتح نجاح "الممر" الباب أمام المنتجين لتكرار تجربة التاريخية والحربية،خاصة أن التاريخ المصري مليء بالأحداث والمعارك والانتصارات العسكرية التي تصلح لتقديمها علي الشاشة.

وطالب الكثير بضرورة تعريف الأجيال الجديدة بانتصارات قواتنا المسلحة وانجازاتها لا سيما أن أحداث الفيلم تثمن جهود الجيش المصري بعد النكسة، وتحول المشاعر السلبية والإنهزامية إلى طاقة إيجابية مشحونة بالأمل والرغبة في الانتصار.

ويعتبر الفيلم ضمن أساليب تستهدف عقول الشباب واتجاه الدولة والمنتجين لإنتاج هذه النوعية من الدراما تأخذ شبابنا إلى نقطة الوعي والمعرفة بتاريخ مصر العسكري والسياسي، والأهم هو الترابط والتماسك والإصرار على الثأر والكرامة، ونأمل أن يكون الفيلم هو بداية للانطلاق نحو الكثير من الأعمال التي تجسد تاريخ مصر وبطولاتها.

ورغم أن "الممر" يختلف عن طبيعة الأفلام التي تعرض في مواسم الأعياد إلا أن الإقبال عليه فاق كل التوقعات وكسر حاجز الرقم المستهدف وخاصة من فئة الشباب، فهي المكسب الحقيقي لأنه منتظر من هؤلاء الشباب حمل راية الوطن في المستقبل واستكمال البناء الذي نحلم به جميعا.

ورغم أن منتج الفيلم كان يعتبر ميزانية فيلم "الممر" مغامرة غير محسوبة، حيث تعدت السقف الطبيعي لأي فيلم"، إلا أن الرهان على الجمهور كان هو الحصان الرابح، لأن الجمهور شاهد تجربة مختلفة قدمت عملا فنيا متكاملا.

فيلم الممر من تأليف وإخراج شريف عرفة، وشارك في كتابة حوار الفيلم، وقام بتأليف الأغاني الشاعر أمير طعيمة، وشارك في بطولة الفيلم، كتيبة من نجوم الفن هم "أحمد عز، أحمد رزق، إياد نصار، أحمد فلوكس، محمد فراج، أحمد صلاح حسني، محمد الشرنوبي، محمد جمعة، محمود حافظ، أمير صلاح الدين، أسماء أبو اليزيد والوجه الجديد ألحان المهدي، كما يضم الفيلم هند صبري، شريف منير، أنعام سالوسة وحجاج عبد العظيم.

وألف الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار عمر خيرت، وقام بتصوير الفيلم مدير التصوير أيمن أبو المكارم وتصميم الديكور المهندس باس لحسام، وهندسة صوت أحمد عبد الخالق، وتم الاستعانة بفريق عمل أميركي لتصميم مشاهد الأكشن والمعارك الحربية.