ليس من البدع أو الخيال اختلاق كائنات "الزومبي" أو "الموتى الأحياء"، لأن هذه الشخصيات المتعطشة لأكل هي واقع مدون ومثبت بالأدلة عبر التاريخ، ففي التاريخ البشري ثبت وجود العديد من الحضارات والأقوام التي عمدت إلى أكل لحوم البشر ضمن ثقافتها أو فكرها الديني، بحسب ما ذكرت مجلة لايف ساينس، وفي ما يلي أبرزهم:
ففيما يعتقد أن قبيلة بيامي في بابوا غينيا الجديدة، توقف عن أكل لحوم البشر منذ عدة عقود، أبلغ أهالي القبيلة في عام 2011، مقدم التلفزيون البريطاني بيرس غيبون، عند زيارته لهم، أنهم يمارسون هذه العادة و"كانوا سعداء جدا بالتحدث عنها"، وأخبره أحد كبار السن في القبيلة عن حالة واحدة حيث قتل أفراد القبيلة امرأتين يشتبه في أنهما تحدثتا بسوء عن زوجهما الميت، فتم شويهما فوق النار مثل الخنازير وقطع جسديهما للأكل.
وأما ما تمكن العلماء من رصده حول هذه الظاهرة عند أسلافنا ما قبل التاريخ، فمنذ نحو 900 ألف عام، في المنطقة التي تعرف بإسبانيا الآن، مارس الهومو، أحد أقارب البشر القدماء، أكل لحوم البشر، وفقا لدراسة نشرت في يونيو 2019، في مجلة التطور البشري، والتي تشير إلى أن لحم البشر كان مغذ إلى حد ما ويسهل الإمساك بهم، ما يجعلهم خيارا ممتازا للافتراس.
واكتشف علماء الآثار أدلة على اعتماد البشر البدائيين أكل لحم البشر في عدد قليل من المواقع المختلفة في جميع أنحاء العالم بينهم كهف في إسبانيا وآخر في فرنسا، وكهف في بلجيكا اكتشف مؤخرا، فضلا عن صنعهم بعض الأدوات باستخدام رفات رفاقهم.
وفي على الجهة الأخرى من العالم، في المكسيك، الواقعة بأمريكا اللاتينية، والمعروفة بالعالم الجديد، حيث تم اكتشاف الأمريكيتين نهاية لقرن الـ15، فمن المعروف أن قبيلة الأزتيك في المكسيك، قاموا بأداء طقوس التضحيات البشرية، وأثبت ذلك بالدليل على تورطهم في أكل لحوم البشر خلال هذه الطقوس، حسبما ذكر التاريخ.
ومن المحتمل أنهم قاموا بتقديم جثث الضحايا الذين تم ذبحهم إلى النبلاء وغيرهم من أعضاء المجتمع البارزين، هذا فيما يشير بعض الخبراء إلى أن أكل لحوم البشر بين الأزتيك ربما كان أكثر شيوعا أثناء المجاعة، وتفترض نظرية أخرى أن أكل لحوم البشر كان طريقتهم في التواصل مع الآلهة.
وبالعودة إلى زمن ما بعد الميلاد، بل والقريب منا، فإنه في القرنين السادس عشر والسابع عشر، كان مألوفا لدى الأوروبيين وحتى نهاية القرن الثامن عشر، أن يبحثوا عن لحم الإنسان الميت للاستهلاك الدوائي.
وفي القرن التاسع عشر تم رصد العديد من قصص المستكشفين العالقين الذين يلجأون إلى أكل لحوم البشر في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة. واكتشف الباحثون طوال 150 عاما رفات المستكشفين التي حملت علامات تقطيع العظام وكسر الجماجم واستخراج النخاع، ما اعتبر دليلا مقنعا على أكل لحوم البشر.