07 - 06 - 2025

عاصم عمر: الثورة أنقذتني من حبل مشنقة أرادها لي نظام البشير

عاصم عمر: الثورة أنقذتني من حبل مشنقة أرادها لي نظام البشير

تظاهر ضد بيع الجامعة لمستثمرين.. فلفقت له السلطات قتل جندي
- نظام البشير أوقفني دون وجه حق في طابور الإعدام وجعل شيح الموت ماثلا أمامي
- أملك مشاعر متضاربة منها الخوف من المجهول ومن شيح الثورة المضادة.

قال الناشط الطلابي عاصم عمر إنه قضى ثلاثة اعوام في انتظار الموت في ظل حكم الرئيس المخلوع عمر البشير بعد أن صدر ضده حكم ابتدائي بالاعدام، ثم تأيد مرة اخرى علي مستوى الاستئناف، اثر مظاهرات طلابية حاشدة شارك فيها في الخرطوم، بعد انباء عن بيع الجامعة للمستثمرين، مما حدا بالسلطات بالزج به في قضية "مسيسة" اتهمته فيها بالتسبب في قتل جندي في حملة مداهمة، وتم تأييد الحكم مرتين، إلى أن مثل أمام المحكمة العليا فبرأته من التهمة وافرجت عنه فورا.

وكان عاصم عمر، (مواليد 1994) مستهدفا من أجهزة الامن السودانية بشكل مكثف، بحسب ماروي زملاؤه، بسبب مواقفه السياسية الجذرية، حيث اعتقل عدة مرات، ونفذ فيه حكم الجلد (20) جلدة، من قبل في 6 يوليو2015، هو وزملاءه مستور احمد، وابراهيم الزين، أثناء مخاطبته للجماهير في سوق صابرين امدرمان وتحريضهم لهم على مقاطعة الانتخابات.  

وقال عمر إنه يدين بحياته للشعب السوداني البطل، الذي دافع عنه بكل طبقاته وفئاته، لجموع طلاب الجامعة الذين خرجوا في مظاهرات رافعين صوره مطالبين باطلاق سراحه، للصحفيين الذين كتبوا عنه في  صحفهم في جميع الصحف الحكومية والمعارضة بدون استثناء بصراحة، وعلي راسهم الصحفية هنادي صديق وجريدتي "الجريدة" و"الميدان" ومواقعها الالكترونية، للمحاميين والحقوقيين والمنظمات الحقوقية العالمية مثل "فريدم هاوس " و"هيومان رايتس ووتش"  الذين واصلوا الحملة تلو الحملة، للقوى السياسية السودانية التي وقفت جميع احزابها، الامة ، الاتحادي ، الشيوعي ، المؤتمر ، الحركة الشعبية شمال،  معي وأصدرت بيانات تضامنية وفي مقدمتها "حزب المؤتمر " الذي ينتمي هوالى "هيئة الطلاب المستقلين" التابعة له، والذي اعتبر قضية عاصم عمر اولوية قصوى، وللثورة السودانية التي غيرت اجواء الاستباداد بالكلية، والتي يعتبر تبرئته احقاقا الحق والعدل، جزءا من تباشيرها. 

وقال عاصم عمر الذي كان في القاهرة في زيارة عابرة بعد خروجه من السجن "أحاسيسي تجاه الثورة بالتأكيد تشبه مشاعر كل سوداني حر، لكن بالتاكيد أملك شيئا مختلفا، فهذا النظام الذي ظلمني بشكل خاص، واوقفني بغير وجه حق في طابور الإعدام، وجعل شبح الموت ماثلا امام في كل لحظة لا لشيء إلا لأنني عارضته سلميا، ورفضت استبداده، وأنا لاشك أملك مشاعر خاصة بنجاتي، وايضا بانكشاف كذبه وزيفه أمام العالم، كما أنني أملك أيضا مشاعر متضاربة في القلب منها: الخوف من المجهول أو من شبح الثورة المضادة أو بطء العملية الثورية. 

كان عاصم عمر قد تم اختطافه وهو خارج من جامعة الخرطوم عام 2016 إثر احتجاجات طلابية سلمية وعاصفة في الحرم الجامعي، وأخفت سلطات البشير مكان وجوده، وادعت بعدم معرفة أي شيء عنه لفترة طويلة، مما حدا بأسرته وبمحامين وزملائه الطلاب إطلاق حملة محلية وعالمية تطالب نظام عمر البشير بتحديد مكانه وتهمته على الأقل، مما اضطر السلطات الى الكشف عن احتجازه لديها لديه وإحالته للنيابة العامة، ثم وجهت له بعد فترة الاخفاء التي قاربت الشهر تهمة بقتل شرطي بقنبلة (مولتوف) تم القاؤها علي عربة شرطة (دافار)، واحالته لمحكمة لتصدر حكما ابتدائيا بإعدامه.

وقد اندلعت بجامعة الخرطوم ثم باقي الجامعات السودانية مظاهرات حاشدة رفضا لحكم الاعدام ،حيث اعتبرت أن الحكم "مسيس" يستهدف الانتقام من الحركة الطلابية السودانية، ومن عاصم عمر كونه احد نشطاء "مؤتمر الطلاب المستقلين" الذي كان يقود وقتها معارضة سياسية فعالة ضد حكم البشير، وتواصلت الحملة الشعبية المناصرة لعاصم حتى أحيلت قضية عاصم عمر الى المحكمة العليا التي  ألغت في أغسطس 2018، حكم الإعدام شنقاً بحقه، وأعادت ملف القضية إلى محكمة الخرطوم شمال، لمزيد من التحريات، وأطلقت المحكمة سراحه فورا بعد ان ثبت لديه تناقض أقوال الشهود وافراد الشرطة، ثم اصدر  قاضي محكمة الخرطوم  حكمه بالبراءة والافراج الفوري عن عاصم، في جلسة شهدت حضورا كثيفا من طلاب الجامعة والأحزاب السياسية وممثلي السفارات الأجنبية.

وقال قاضي المحكمة إنه تفحص ملف القضية جيداً منذ محضر التحري، وتحقق في أقوال شهود الاتهام أكثر من عشر مرات للاطمئنان على اتخاذ القرار، و"إنه بعد التحقق في النظر الجيد في القضية، وجد أن الشك يفسر لصالح المتهم بسبب تضارب أقوال الشهود". ونوهت المحكمة إلى أن محضر التحري كشف اختلاف شهادة الشاهد الواحد نفسه عند سماعها، كما أن معظمها تم أخذها في اليوم الثاني من الجريمة وقال القاضي  في حيثيات تبرئته أن شهادة شاهد الاتهام الأخير بأنها أتت لتبرهن وتؤكد أن المتهم كان موجودا بالجامعة يوم الحادث، وكأنه نجم ثاقب أضاء لنا حقيقة لم نكن نراها وأن معظم الشهود مالوا إلى الكذب وكانت إفاداتهم ملفقة ومعتمة كالظلام، ومن خلال إفادات الشهود وإنكار المتهم لم يثبت الركن المادي في الدعوى، عليه قررت المحكمة براءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه وإطلاق سراحه فوراً.

وقالعاصم عمر "ان الايام التي قضاهافي انتظار الموت بعد صدور حكم الاعدام، أيام لاتنسى كان نظام البشير لايعاملني كمعارض مختلف معه، وإنما كأسير  حرب  يسعى للانتقام منه"

وختم عاصم عمر حواره""ادعو جماهير الثورة إلي شيئين، المبدئية ، والحفاظ علي السلمية، لأن هذا وحده هو الذي سيحمي الثورة السودانية"  
----------------

هنادي صديق: كلنا عاصم عمر 

لم أحس يوماً أن عاصم خسر هذه السنوات بقدر ما أنا فخورة بأن في هذا الجيل من كالصخر لا يفت عضده مهما تكالبت عليه الضغوط ولن ينكسر لأي رهان بل يمد رفاقه بالمعنويات وهو من داخل الزنازين فلم تلن له قناة، وبذلك نال هذا الشرف (كلنا عاصم) وتوحد الجميع في الدفاع عنه.

يظل عاصم عمر أيقونة هذا الجيل في الصمود ورمزاً للعزة والثبات والوعي بالحقوق ويجب علينا جميعاً أن نكرمه التكريم الذي يليق به، إنه عاصم عمر وكفى!!

الجريدة -29-1-2019
------------------------

خاص –المشهد