20 - 04 - 2024

فقهاء النخبة.. ونخبة الفقهاء

فقهاء النخبة.. ونخبة الفقهاء

ابتلينا مؤخرا وللآسف الشديد بمن يسمون أنفسهم النخبة المثقفة والذين يعتبرون أنفسهم آلهة فوق درجة البشر ..كلامهم مطلق لايجوز مناقشته ولا تكذيبه ولا حتى الاقتراب منه وكأنه كلام الله المنزل من فوق سبع سموات .. في البدء كان الحديث عن السياسة وكانت النخبة السياسية التي تطالعنا على فضائيات العار التي ألحقت بمصر أشد الأضرار بحجة حرية الرأي وحرية التعبير

تلاعبوا بالعقول ونشروا الأكاذيب وكانت الاتهامات سابقة التجهيز معدة سلفا لكل من يحاول أن يفند أكاذيبهم أو يناقشها فما يقولون هو الحق المبين الذي لايجوز لبشر أن يقترب منه

تسببوا في كل مايحدث على أرض مصر الان .. وبعدها اختفى بعضهم واكتفى البعض الآخر بما حققه من أرباح وهجر مصر وبعضهم مازال يحاول نشر الفتنة السياسية على أرض مصر بأفكار ما أنزل الله بها من سلطان

والآن اعتبرت هذه النخبة المدعية أن من حقها أن تناقش ثوابت الدين وتغير المفاهيم والثوابت بتفسيرات جديدة للقرآن أو برفض أحاديث معينة لاتسير على هواهم .. بل وصل الأمر بهم إلى إنكار السنة النبوية بكاملها على اعتبار أن الإسلام هو القران فقط كلام الله المنزل .. وللأسف كثير من البسطاء يقتنع بكلامهم ويسر خلفهم بحجة أن التفكير فريضة حتى لو كان في كلام الله وسنة رسوله

الآن منح السادة النخبة أنفسهم حق الحديث فى الأديان ومناقشتها وبكل يسر وسهولة دخلوا إلى مناطق محظورة ليصطادوا في الماء العكر وليشككوا المسلمين في ثوابتهم دون داع أو ضرورة تستدعي الحديث في هذه الأمور

خرج علينا فجأة أحدهم لينكر عذاب القبر .. هكذا فجأة وبدون مقدمات.. ثم تبعه بالضرورة الحديث عن إنكار ورفض بعض أحاديث مسلم و البخاري بحجة أنها غير موثقة ومكذوبة وتتنافى مع الواقع والمعقول ..

الخطر هنا ليس في مناقشة حجية الأحاديث أو رفضها أو الاعتراف بعذاب القبر أو إنكاره ولكن الهدف هنا هو إثارة الفتنة في وقت نحتاج فيه للوقوف يدا واحدة في مواجهة الفتن والمؤامرات التي تحيط بمصر .. وليس من المطلوب الآن أن نبحث عن مواطن الخلاف لنشعلها ونؤججها حتى نصل إلى الفتنة الكبرى

ألا ترون مايحدث بين الشيعة والسنة في العراق وسوريا .. ألا تتذكرون واقعة قتل الشيخ حسن شحاتة الشيعي في مصر فترة حكم الإخوان على أيدي مصريين مسلمين في سابقة لم تحدث في مصر من قبل

هل المقصود أن تشتعل الفتنة من جديد بعد أن بدأت مصر تقف على بداية طريق الاستقرار ؟ وما الداعي الآن لفتح موضوع عذاب القبر ثم فتح الباب على مصراعيه للتشكيك في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ؟

وهل أصبح من حق النخبة المثقفة أن تثير الفتن وتفتي فيما لاتعلم بحجة حرية التفكير والتعبير والرأي فتنكر المعلوم من الدين وتشكك العامة في دينهم كما أفسدت عليهم حياتهم بعد العبث السياسي الذي أوصلنا لما نحن فيه الان على أيدي هؤلاء المدعين ؟

النخبة المثقفة نفسها هي من كانت ترفض فتاوى المشايخ والفضائيات وتطالب الأزهر بالتدخل لمنع فوضى الفتاوى .. والآن هم أنفسهم الذين يرفضون رأي الأزهر وحكمه فيما يحدث من تطاول على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ..

الأزهر حسم الأمر وقال بصحة أحاديث البخارى ومسلم فهل نرفض حكم الأزهر لأنه لايأتي على هوى النخبة المدعية التي لاترى إلا ما تراه  ولاتسمع إلا ما تقوله هي فقط ولو جاء الحكم من أهل العلم والفقهاء غلى غير هواهم رفضوه بحجة أننا يجب أن نحكم عقولنا فيما نسمع .. نعم تحكيم العقل واجب وفرض أمرنا به الله ولكن التشكيك في سنة الرسول مرفوض مرفوض مرفوض .. وتفسير القرآن بالرأي مرفوض .. وعلى من يعتبرون أنفسهم نخبة مثقفة أن يتركوا الأمر للمختصين الذين أفنوا أعمارهم في البحث والدراسة فليس كل من قرأ كتابا أصبح فقيها وهو ما كنا نرفضه من جماعات التطرف والفتنة ونرفضه أيضا من دعاة الفتنة

مصر الآن في حاجة للوقوف صفا واحدا أمام مخططات ومؤامرات الغرب ومواجهة الخونة والعملاء في الداخل والأعداء في الخارج .. فارحموا مصر من فتاوى الفتنة واتركوا الأمر لمن يفهم فيه فليس كل قارئ مثقف وليس كل كاتب نخبة وتفسير القرآن والسنة ليس بالهوى ... كفانا فتنة وخلافا .. وكفانا نخبة وادعاء .. ارحمونا من فقهاء النخبة واتركوا الأمر لنخبة الفقهاء .. انتهى  

مقالات اخرى للكاتب

الأيدي المرتعشة.. و حقوق الشهداء





اعلان