03 - 08 - 2025

دراسة حديثة تكشف عن علاقة اضطرابات الأمعاء بتصلب الشرايين

دراسة حديثة تكشف عن علاقة اضطرابات الأمعاء بتصلب الشرايين

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أن اضطراب فلورا الأمعاء عند المسنين هو المسؤول عن تصلب الشرايين المسؤول بدوره عن الكثير من أمراض القلب والدورة الدموية التي يعاني منها الإنسان، بما في ذلك الجلطات وقصور عمل القلب وخفقان حجرات القلب والذبحات وألم القلب وصعوبة التنفس.

ويقول الباحثون من جامعة كولورادو بولدر أن صحة القلب من صحة فلورا الأمعاء، وتشير مؤسسة القلب الأميركية إلى بدء تصلب الشرايين بتأثير تقدم السن بدء من عمر خمسين سنة. ويعاني70% من الأميركان من سن 60-79 من تصلب الشرايين. ولا يسلم من تصلب الشرايين بعد سنة 80 سوى ربع السكان.

وكتب العلماء في "جورنال أوف فيسيولوجي" ان التغيرات الاعتيادية على بكتيريا الفلورا (النبيت الجرثومي المعوي) عند تقدم السن تتحكم في صحة الشرايين، وبالتالي بصحة القلب وكامل الدورة الدموية.

وكتب الدكتور فيينا برنت، رئيس قسم الفيسيولوجيا التكاملية، أن هذه هي الدراسة الأولى التي تكشف علاقة بكتيريا الأمعاء المفيدة بسلامة الأوعية الدموية، مؤكدا على أن الكشف عن علاقة الفلورا بتصلب الشرايين سيفتح آفاق علاجات جديد لأمراض القلب والدورة الدموية الملازمة لتقدم السن.

وفي هذا المجال أجرى فريق العمل تجاربه على فئران شابة وأخرى متقدمة في السن، وتعمد الباحثون قتل معظم بكتيريا الفلورا في أمعاء المجموعتين عن طريق حقن الفئران بالكثير من المضادات الحيوية.

ثم فحص العلماء بطانات الشرايين الكبيرة ومدى تصلبها لدى فئران المجموعتين، وقاس العلماء مدة انتشار الراديكالات الحرة ومضادات التأكسد وأول أوكسيد النتريك في الدم.


وكانت النتيجة، بعد 3-4 أسابيع من الفحوصات، عدم ظهور علامات التهابية في دماء الفئران الشابة، إلا ان الفئران المسنة، التي كانت تعاني اصلاً من أضرار في شرايينها، استعادت صحتها واصبحت مثيلة لصحة شرايين الفئران الشابة المسنة بعد قتل الفلورا في أمعائها.

واستنتج العلماء من النتائج ان قتل فلورا الأمعاء حسن سلامة الشرايين في الفئران المسنة، وهذا يعني الفلورا هي المسؤولة عن تصلب شرايين الفئران المسنة.

وللتأكد من النتائج أخذ العلماء عينات من براز مجموعتي الفئران، ومن براز مجموعة فئران أخرى لم تشارك في التجربة، وتمت مقارنتها من الناحية الوراثية في البراز.

وكشفت فحوصات البراز الوراثية في الفئران المسنة وجود علامات التهابية ظاهرة وجراثيم لها علاقة بأمراض الشرايين. وفي الفئران المسنة، كان هناك بكتيريا بروتينية أكثر بكثير، بما في ذلك السالمونيلا وجراثيم مرضيةأخرى، وكذلك ديسولفوفيبريو (النازعة للكبريت) الالتهابية.

فيما كشفت فحوصات الدم لدى الفئران المسنة وجود TMAO (Trimethylamin-N-oxid) أكثر ثلاث مرات مماهو في دماء الفئران الشابة، وكانت دراسات علمية سابقة ربطت بين ارتفاع معدلات TMAO في الدم وبين تضاعف مخاطر تصلب الشرايين وجلطات القلب والسكتات الدماغية.

ومن المعروف في الطب ان"التوتر التأكسدي" والالتهابات تنعكس على الشرايين بشكل تصلب، إلا أن سبب ذلك بقي غير معروف. والمعتقد ان بكتيريا الأمعاء تطلق عند تقدم السن مواداً سامة لبطانات الشرايين بينها TMAO.


وتقول الدراسة انها لا تنصح باستخدام الكثير من المضادات الحيوية التي تبعث الاضطراب في فلورا الأمعاء بدعوى انها ستوقف تأثير الفلورا على الشرايين، لأنها استخدمت هنا فقط كأداة للتجارب.

وينصح الباحثون المسنين بتناول اللبن الزبادي والكفير والكيمتشي لأنها تعزز فلورا الأمعاء. كما وقع فيينا برنت وزملاؤه على مادة ميتابولية أخرى اسمها "دايميثايل بوتانول Dimethylbutanol يمكن أن توقف عمل انزيم يشارك في تكوين TMAO.

تتواجد مادة دايميثايل بوتانول في بعض أنواع زيت الزيتون والخل والنبيذ الأحمر، ويمكن في المستقبل النصح بها صحياً لوقف التأثير السلبي للتغيرات على الفلورا على الشرايين. كما انه من الممكن مستقبلاً انتاجها كمادة غذائية اضافية عند تقدم السن.

وقدر الطبيب الباحث شتيفان بيشوف، من معهد الصحة الغذائية في جامعة هوهنهايم الألمانية، وزن بكتيريا الأمعاء (المسماة الفلورا، أو النبيت المعوي)، بنحو 1500 غم، وقال إن كتلة حيوية من بلايين البكتيريا لا بد أن تؤثر على صحة الإنسان. ووصف الطبيب بكتيريا الأمعاء على أنها "ورشة عمل" هائلة تفرز عدداً لا يحصى من الانزيمات والمواد الكيميائية التي يمكن أن تلعب دوراً سلبياً على صحة الإنسان إضافة إلى دورها الايجابي في الهضم وتوفير الطاقة.

والفلورا تختلف في حجمها ودورها من إنسان آخر، كل حسب طريقة تغذيته ووزنه ومكونات طعامه اليومي.

وكمثل فإن الطفل الحديث الولادة يأخذ كمية كبيرة معه من فلورا الأم ويمكن بالتالي أن يحمل جزءا من تركيبتها معه، ولأن هذه البكتيريا "المفيدة" تحسن عملية الهضم وتخزن الشحوم والسكر، فهي مسؤولة عن توفير 10% من الطاقة اليومية التي يحتاجها الإنسان.