الست أحادية والرجل تعددي
أمينة صحفية شاطرة ترأس قسم التحقيقات بإحدي الصحف المعروفة ودائما تتبادل الآراء والأحاديث مع زميلتها وصديقتها في المكتب كريمان أو "كوكي" كما تحب أمينة أن تناديها، ونظرا لأن "كوكي" هي الصديقة الصدوقة التي تجيد الإنصات لأمينة، ولا تبخل عليها بالنصيحة التي غالبا ما تؤدي إلي كارثة ، إلا أن أمينة تحبها وتفضفض لها بجميع خباياها.
لذا سألتها امينة في لهجة استجداء:"كوكي" تفتكري الراجل بطبعه ما بيكتفيش بست واحدة ؟
رمقتها كوكي بنظرة مستنكرة: يا عزيزتي الراجل دوما لا يملأ عينه ولا عشر نساء، فأندهشت امينة وسألتها مستنكرة حتي وان كانت تلبي كل طلباته!
كوكي: بصي حواليكي شوفي كم راجل مخلص وكم راجل بيلعب بديله.
امينة : لكني تزوجت علي عن حب ، ودائما أحاول أن أرضيه
كوكي: وايه خلاكي فجأة تشكي فيه؟
اعتدلت أمينة في جلستها، وكأنها ستلقي بخبر خطير: لأنه ببساطة كثير الخروج، ودايما مش مركز وطول الوقت بيتكلم في التليفون وبيشيت علي الانترنت
كوكي: بس يبقي أكيد فيه مزة!
أمينة: يا نهار أبوه أسود ؟! أبقي أنا دايخة طول النهار بعياله وهو مقضيها!
كوكي: اصبري بس بلاش تتسرعي راقفبيه وركزي.
عادت أمينة إلي المنزل، وهي تفكر طول الوقت في الطريقة التي ستصل بها إلي معرفة السر الذي يخبئه سي السيد ، أعدت طعام الغداء وهي مازالت تفكر، والله يا علي لو طلع ده صحيح لأعمل عليك شوربة!
جلست تتناول الطعام مع سي السيد وما أن فرغوا، حتي قالت محاولة تصنع الدلال:- حبيبي حلو محشى ورق العنب , فنظر لها علي ممتعضا: -أيوه كويس
- ده أنا عملهولك صوبع صوبع
نظر لها في بلاهة ولم يعلق، فجزت علي أسنانها وهي تقول طيب هاجيب لك الشاي في الليفينج.
وبينما هو منهمك في تصفح الموبايل، إذ بأمينة تطل من فوق رأسه، حلوة صورة المزة دي؟؟
انتفض سي السيد فزعا كمن لدغته عقرب، وهو يتلعثم دي صورة حد مشيرها علي الفيس بوك، فقالت أمينة بابتسامة صفراء، وهي تجز علي اسنانها غيظا، حلوة الناس اللي علي الفيس بوك بس أنا عمري ما شفتها علي الاكونت بتاعك، تلعثم سي السيد وهو يتمتم بصوت خفيض: -"انهي أكونت فيهم"!
قالت أمينة: - بتقول حاجة ياحبيبي؟ فقام سي السيد مسرعا وهو يقول: -تعبان، تعبان هنام شوية وأنزل العب بلاي استيشن مع الأوباش!
نهض وأمينة مازالت ترمقه بنظرات نارية وهي تتمتم: -"جوه وبره فرشت لك وانت مايل وإيه يعدلك!"
-------------
أهم حاجة في الجهاز النيش
ربما يعد النيش سبب أغلب المحادثات شديدة الأهمية، في مباحثات ما قبل الزواج بين العائلتين، ورغم اقتناع الجميع بعدم جدوي هذا النيش الذي يزين حجرة السفرة ويوضع بداخله طقم الصيني الفخيم الذي نادرا ما تمتد يد أحد من البيت لاستخدامه، وإن حدث لأعتبر ذلك حدثا جللا، يستوجب اللوم والعتاب وربما الخناق، وكأن هذا الصرح المقدس ممنوع لمسه، أذكر حديث الست والدة زوجي المصون، حينما جلست منتشية في بدايات الزواج، كديك ينفش ريشه، استعدادا لخوض المعركة ، لإثبات أنه الديك الوحيد ولا ديك آخر يعلو صوته داخل العشة سواه، ولا صوت يعلو علي صوت ديك البرابر!
هكذا بدت حماتي المصونة وهي تنتقي الجهاز الذي لابد ان يكون في منزل ابنها المصون ، قرة عين الست الوالدة ! ورغم حبي للأثاث الكلاسيكي ذي القيمة العالية التي لاتقل علي مر الأعوام، إلا أنني لم أجد أبدا أي فائدة لذلك النيش القابع في غرفة السفرة، كمخزن مغلق وعليه حراسة مشددة، لا يستطيع أحد من المنزل الاقتراب منه ، لذا لا أستطيع أن أنسي يوم قررت فجأة التخلص من هذا النصب التذكاري لزواجنا الميمون، فإذ بي حينما طرحت الأمر للنقاش، بسي السيد ينتفض كأنما أصابته حمي مفاجئة، وهو يرتعش صارخا: - نعم بتقولي إيه؟ النيش ليه بقي إن شاء الله؟ ماله النيش، تعبك في إيه؟ ده حتي شيك وعليه القيمة!، وعبثا حاولت أن أقنعه ان المنزل أصبح لا يتسع لمثل هذه الأشياء التي نستطيع الاستعاضة عنها بما هو عملي، وأكثر استخداما!
وبينما نحن في خضم النقاش، إذ بالست حماتي تقرع جرس الباب، دلفت إلى الداخل قائلة: -صوتكم جايب آخر الشارع ؟ فيه ايه ؟ فإذا بسي السيد وكأنه وقع من السماء وتلقفته أمه بين ذراعيها! عايزة تتخلص من النيش؟! وجدت حماتي تصرخ مستنكرة " النيييييش "وعلي طريقة ماري منيب في الأفلام القديمة! قلبي قلبي، ثم سقطت علي أقرب مقعد!
فما كان مني وأنا اري الست وقد شارفت علي مفارقة الحياة ، إلا أن أقول لها: - إهدي بس ياطنط، ده كان مجرد اقتراح والله، فنظرت لي بطرف عين وقالت: - ليه بس يا بنتي كده، استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، ما تخليش الشيطان يدخل ما بينكم! فتركتها وذهبت لأحضر لها كوبا من الماء وأنا أتمتم: - "يا قاعدين يكفيكم شر الجايين " ودخلت المطبخ وأنا أردد "النيش المكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين" !!
---------------------
حلقات تكتبها: إيمان أحمد