- مهندس بترول تحول مجرى حياته بعد مسابقة نشرتها مجلة فنية ودور "المعلم كرشة" بداية تألقه.
- لم يربي شاربه أبدا وتم تركيب "كرش صناعي" له في أول أدواره
حلت علينا في 21 فبراير الماضي ذكرى وفاة أشهر معلم في السينما المصرية، الفنان محمد رضا، الذي اشتهر بخفه ظله ووجهه الطفولي البشوش ، لكنه أجاد ايضا دور الشرير بتفوق عندما شاهدناه في دور المعلم ياقوت في فيلم فقراء لا يدخلون الجنه عام 1984 إخراج مدحت السباعي، ففي هذا الفيلم جسد دور المعلم ياقوت الشرير صاحب البيت الذي تقطن به آثار الحكيم العاجزة عن دفع الايجار، حيث يطمع في جسدها، ويهدد بطردها من المنزل هى وأمها، ورغم أنه شارك بدور جديد لم يألفه جمهوره، ربما تحدي به نفسه وأراد أن يثبت لجمهوره أنه كما أجاد أدوار الكوميديا ببراعة يجيد أيضا أداور الشر.
فمن هو الفنان الذي اسعدنا وترك بصمة في السينما المصرية، فتحنا باب الذكريات مع نجله أحمد، الذي كان لنا معه هذا الحوار
* من هو محمد رضا وكيف اتجه للفن؟
- لم يكن في ذهنه أن يتحول إلى ممثل كوميدي، بل كان يريد أن يكون فتى أول، بدأت هواية والدي الفنية منذ أن كان طالبا في المدرسة، يهوى الخطابة رغم أنه لا يوجد أحد من اسرته يعمل في المجال الفني، فكان والده يعمل بالسكة الحديد، ورغم شغفه بالفن إلا أنه تمكن من الانتهاء من دراسته والحصول على شهاده الهندسة وعمل في شركة بترول بالسويس، طبيعة عمل والده جعلته ينتقل من بلد لأخرى، فقد ولد في قرية الحمرا التابعه لمحافظة أسيوط ثم انتقل مع والده الى السويس، حيث استقر بها وتعلم وقضى بها فترة شبابه وتزوج وانجب أول طفل له بها ، كان له أخوان يعملان في التدريس
رغم عمله بشركة البترول ونجاحه فيها، إلا أن شغفه بالفن ظل مسيطرا عليه، وأثناء مسابقة أجرتها عام 1947 مجلة تسمى "دنيا الفن " قرر خوضها وتمكن من الحصول على الجائزة الثانية رغم تقدم عدد كبير لها، وكان صلاح ابو سيف أحد أعضاء لجنة التحكيم فتخيل ان نجاحه في تلك المسابقة كفيل بوضع قدمه على طريق الفن ليكتشف أن ذلك غير صحيح.
* ماهي الصعوبات التي واجهته في اقتحام عالم الفن؟
- صعوبات كثيرة خاضها ليتمكن من التمثيل في النهاية بعد نصيحة بأن يلتحق يمعهد التمثيل، وبالفعل خاض المغامرة وقرر ترك عمله بشركة البترول وقدم للقاهرة للالتحاق بالمعهد، وذلك في بدايات الخمسينات، ثم بدأ بتمثيل أدوار صغيرة وعمل كملقن، ويوميا كان يذهب إلى المسرح ليقتنص أي دور اذا ما غاب احد الفنانين فيحل مكانه، ويعمل دون أجر. في احد الأيام لم يذهب المسرح لان والدتي أرادت الذهاب للسينما وذهب معها، لكن تصادف أن اعتذر أحد الفنانين في هذا اليوم، فبحثوا عنه ليحل محله ولم يجدوه.
* هل عمل في المسرح؟
- اشترك في المسرح الحر مع عدد من الشباب وقدموا عروضا عليه حتى ظهر التلفزيون في الستينات.
* كيف أصبح دور المعلم أشهر أدواره؟
- دور المعلم أهم نقطة في حياته، حيث كان في بدايات حياته يمكن أن يؤدي دور ضابط، وكيل نيابة، وأدوار صغيرة بعيدة عن شخصية المعلم، في عام 1958 كانت هناك رواية لنجيب محفوظ أدى فيها دور المعلم كرشة، صاحب المقهى الذي يتجمع حوله الناس، وكان والدي في تلك الاثناء نحيفا، وطريقة تفكيره وكلامه لا توحي أنه معلم على الاطلاق حتى عندما أسند له الدور في البداية عارضهـ لأنه لا يليق به، لكن أسند له الدور وكان نوعا من التحدي، وقاموا بتفصيل "كرش" ووضعه له تحت الجلباب ليواكب الشخصية، وتمكن من أداء الدور باقتدار وفي العام التالي قام بأداء شخصية المعلم في مسرحية أخرى فعرف بهذا الدور ومع دخول التلفزيون عرف بها
* هل شعر باستياء بسبب تجسيده لشخصية واحدة؟
هو أحب الشخصية وتعايش معها، وأضاف لها فكان عبد الفتاح القصري، قد أدي دور المعلم قبله في السينما، لكن والدي أدى الشخصية بطريقه أخرى، وهو المعلم كبير المنطقة ويضيف أشياء من عنده، ويتحدث بشكل "ملخبط" في اللغة، احيانا كان يتمرد على شخصية المعلم وأدى في المسرح شخصيات اخرى مثل نمرة 2 يكسب
* هل الإضافات التي وضعها كانت تضايق المخرجين؟
- لا لم تضايقهم لأنها كانت مضحكة بالإضافة أنه لم يكن يخرج عن النص بشكل كبير فكان دقيقا في عمله
* هل حاول بالفعل أن يزيد وزنه ويكون له "كرش" طبيعي بدلا من التركيب ليليق على ادوار المعلم؟
- نعم وهو في الأصل كان يحب الطعام ووالدتي كان طعامها جيدا، فالكرش أضاف له في الدور والشكل رغم أنه كان خفيفا جدا ويتحرك على المسرح برشاقة، لكن الشوارب كان يلصقها، ومعي علبة بها شوارب مختلفه فكان يختار لكل شخصية شاربا مختلفا، ولم يربي شاربه ابدا
وقد اكتسب روح المعلم من الجلوس مع أصدقائه في أحد المقاهي بالجيزة، وكان له صديق يسمى المعلم ابراهيم نافع من الجيزة وعندما كان والدي يرتدي بدله كان يطالبونه بارتداء الجلباب-
* ما آخر أعماله الفنية؟
- مسلسل ساكن قصادي، وقد توفى في آخر حلقات المسلسل لكنهم صوروا بشكل معين وتغلبوا على تلك المشكله ولم يربط نفسه بأحد، فالكل كان يحبه أما المجموعه الأقرب له هى من كان يجسد معهم معظم الأعمال مثل نبيله السيد، وابراهيم سعفان، وعبد السلام محمد فبحكم العمل اصبحوا الأقرب له.
* هل شعر باختلاف حالة الفن في أواخر أيامه؟
- في التسعينات نعم، كان هناك تغيير لكنه كان دائما ملتزما وكان يتضايق من فنانين شباب يتاخرون عن موعدهم، في الوقت الذي ينتظر في الاستوديو، ويأتي بأوراق يقطعها بشكل معين واقلام ملونة، ويكتب حديثه وحديث الممثل الذي يؤدي الدور معه وكنا نساعده في حفظ الدور وكان مدير اعماله يساعده كذلك في اختيار اللبس، كان ملتزم حتى اخر اعماله.
* هل تعرض لأزمة مالية أثناء مشواره الفني؟
- لا رغم أنه شخصية كريمة، وكان يقول أنه كان يقبل بعض الأدوار من أجل المال وذلك أثناء حديثنا معه .
* من هم أبناؤه وهل منعكم من الفن؟
- أميمة ثم أنا، ولي أخوان آخران مجدي وحسين، وهو لم يمنعنا من الفن وقال إذا رأى أحد في نفسه الموهبه فليتقدم لكن لم نكن نرغب.
* الوصية التى أوصاكم بها؟
- أن نحب بعضنا أنا واخوتي، لذلك نحن دائما متواصلين وكان يجمع أحفاده معه
* ما الرساله التي تحب توجيهها له؟
- أعبر له عن مقدار حبي ، فقد كان أبا جميلا
* رسالة أخرى تحب أن توجهها فمن صاحبها؟
- للفنانين الحاليين الذين يشتهرون بسهولة، فما يأتي بسهولة يذهب بسهولة، أقول لهم: كيف كان جيل الفنانين في الزمن الجميل وما مقدار التعب والمعاناه حتى وصلوا بصعوبة وبسبب ذلك تمكنوا من ترك بصمة رغم وفاة والدي منذ اكثر من 20 عاما إلا أن بصمته لا تزال حاضرة.
---------------------
حوار- منار سالم
من المشهد الأسبوعي