أكد الفنان الكبير علاء قوقة في إجابته على تساؤلي بخصوص بلوغه قمة الأداء التمثيلي في دور "عامل التذاكر" بمسرحية "مسافر ليل"، المستمر عرضها منذ عام 2017 وحصل عنها على جائزة أفضل ممثل في المهرجان القومي للمسرح 2018، ما يضعه في مأزق؛ ماذا بعد؟ فإما أن يحافظ على القمة أو يسقط من فوقها، فأجاب: " لا يعني أنني قمت بتقديم دوراً مهماً كنت أحلم بأدائه أنني من الممكن أن أقبل أي دور يعرض علي فقط كي أكون متواجداً على الساحة، فأنا مع كل دور أقبله أضع يدي على قلبي مرتجفاً، لأنه لا يوجد فنان يضمن لحظة من لحظات وقوفه على المسرح، فالمسرح طلقة رصاص إذا خرجت لا يمكن الرجوع فيها عكس الفيديو والسينما الذين يتيحا فرصة إعادة المشهد عشرات المرات حتى يخرج بالصورة المرجوة، وحتى أؤمن نفسي من هذا الرعب يجب أن أختار الدور الذي يقدم لي المتعة ويشبعني كممثل وبالتالي أقدم متعة للجمهور وبالتالي أضيف لرصيدي، وإن كنت معترضاً على أنني بلغت القمة من الأساس".
وكان الفنان علاء قوقة ومخرج عرض مسافر ليل محمود فؤاد صدقي قد شاركا في المؤتمر الصحفي الذي أقيم اليوم ضمن جدول مؤتمرات العروض المسرحية التي يقيمها منظمو فعاليات المهرجان العربي للمسرح، وأدار المؤتمر الكاتب يسري حسان الذي قال أن " مسافر ليل" من العروض المهمة التى تم انتاجها مؤخرا فى مصر؛ الأمر الذى دفع الى إعادة تقديمه لأكثر من 8 مواسم وأضاف:العرض مغامرة فنية تُحسب لصنّاعه، الذين قدموا نصا سبق تقديمه أكثر من مرة على مستوى فرق الهواة والمحترفين، إلا ان المخرج هذه المرة خرج به من فضاء العلبة الايطالية الى فضاء اخر بديل أكثر رحابة.
وأضاف خلال المؤتمر الصحفى المقام ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربى فى دورته الحادية عشر أن صنّاع العرض المصرى "مسافر ليل" المشارك فى المسار الأول للمهرجان عن نص صلاح عبد الصبور ، إخراج محمود فؤاد صدقى وإنتاج مسرح الهناجر أزاح فكرة "الاسترابة" التى يقع فيها الكثير من الاكاديمين حينما يتصدون لإخراج عرض مسرحى بمقاييس السوق خارج اسوار الاكاديمية ، فالمخرج و بطل العرض ممن يقومون بالتدريس فى المعهد العالى للفنون المسرحية ، بل ان العرض نفسه قدم الدكتور علاء قوقة فى ثوب و دور جديد رشحه من خلاله للفوز بجائزة التمثيل فى مهرجان المسرح القومي فى دورته الأخيرة.
محمود فؤاد مخرج العرض قال : مسافر ليل نص ثرى و يحمل الكثير من الدلالات و هو ما دفعنى للتفكير فى اعادة تقديمه برؤية مختلفة، و قد استغرق البحث و الدراسة حول النص وما كتب عنه أكثر من عامين اطلعت خلالها على تجارب الاخرين الذين قدموه قبلى. واضاف انه يحب الفضاءات غير التقليدية بعيدا عن العلبة الايطالية، و لذلك استقر على الخروج الى ساحة الهناجر الخارجية لبناء عربة قطار كاملة وقام يتجهيزها بمعدات الصوت والاضاءة لتكون صالحة لتقديم الحدث الذى يدور بداخل عربة قطار، واستطرد:اخذت تجهيزات السينوغرافيا و تهيئة الفضاء حوالى شهرين درستخلالهما اتجاه الرياح و مساقط الاضاءة و توزيع اجهزة الصوت لتناسب طبيعة الفضاء البديل، فقد كانت مساحات التشخيص تتخلل أماكن تواجد الجمهور، وكانت ردود الفعل تأتى بشكل سريع بعد العرض مباشرة من خلال حديث الجمهور مع صناع العمل حول مدى استيعابهم للنص و للرؤية الفنية بعد ان كانت غامضة عليهم فى رؤى سابقة. و حول انطباعه عن مهرجان المسرح العربى و فعالياته قال صدقى أنه "شىء مشرف جدا ان اشارك فى فعاليات المهرجان و خصوصا انها التجربة الاخراجية الاولى لى فى مجال الاحتراف"
و فى رده حول طريقة تعامله مع شخصية عامل التذاكر بالنص قال الدكتور علاء قوقة أن الشخصية قدمت على الخشبة عشرات المرات و هذا ما يدفع اى ممثل الى التفكير كثيرا عندما تعرض عليه لتجسيدها، وأضاف: بمجرد ان عرض علىّ المخرج الدور وافقت على الفور دون اى تفكير ، ويرجع ذلك الى عدة أسباب لعل اهمها هو طبيعة الفضاء البديل المستخدم و الذى يتيح للممثل اداء مختلف وتنوع فى الظهور امام الجمهور، ولأن الشخصية فى حد ذاتها ثرية وعميقة و تتماس مع ذاتى كثيرا لأنى أعرف قيمة النص والتى تجعله صالحا للتقديم فى اى زمان ومكان .
و ذكرأن التحضير للشخصية اخذ منه وقتا كبيرا ، و كذا محاولة إيجاد حلول للمشاكل التى قد تصادف التحرك فى ذلك الفضاء البديل ورغم ذلك لم يلغ ذلك إستمتاعه بالشخصية وتأديتها على اكمل ما يكون خصوصا فى مناطق القهر الابداعى الذى يمارسه عامل التذاكر على الراكب مع اضافة الملمح الجروتسكى والكوميدى على الفعل العبثى حتى تصل منظومة القهر الى أبعد مستوياتها.
و اعتبران العمل لا يمكن ان نطلق عليه عرضا واقعيا رغم محاولات المخرج الجادة محاكاة الواقع فى خلق عربة قطار وتجهيزها فنيا لتماثل عربات القطارات العادية، إلا أن التناول الداخلى للنص نفسه فى لغته الحوارية لا يمكن اعتباره واقعيابقدر امتداده الى آفاق عبثية أو سيرالية، وهو هو ما يضع الممثل فى حالة استنفار عامة لطاقاته حتى يخرج بشكل جيد يرضى الجمهور.
و حول الجائزة الخاصة التى منحتها لجنه تحكيم المهرجان القومى فيما يخص اللغه العربية قدم قوقة التحية للجنة على شجاعتها في منح هذه الجائزة رغم تهكم البعض عليها مؤكدا أن الجائزة تكمن اهميتها في مستوى الضبط الشعرى الذى حافظ عليه العرض للنص الشعرى بالاضافة الى الاهتمام الكبير باللغة الذى اتفقنا عليه منذ بدء البروفات.
ورد صدقى على تساؤل حول تعامله مع بطل العمل باعتباره أحد أساتذته فى المعهد قائلا : الدكتور علاء كان الأكثر التزاما فى البروفات والعروض،وأضاف أ نه تعامل معه بإعتباره استاذا واخا اكبر يستمع لنصائحه ويستشيره فى كل ما يخص العمل، وتابع : فى اللحظات التى كنا نختلف فيها حول رأى معين كان يتركنى على حريتى، فالدكتور يتعامل معنا بعقلية المحترفين يعرف حدود تدخله و ينصحنا بهدوء.
و تساءل الدكتور يوسف العيدابى حول تعامل فريق العمل مع الجمهور الذى قد يتدخل بالحديث مع الممثلين اثناء العرض فى ذلك الفضاء البديل ، فرد المخرج بأن العرض له تصميمين صيفى وشتوى يسمح بتواجد الجمهور خارج العربة فى محطة الانتظار و فى نفس الوقت يستطيعون متابعة العرض و هو ما يتيح لعامل التذاكر ان يمارس سلطته على الجمهور كما يمارسها على الممثلين معه فلا يستطيع احد ان يتدخل او يفسد متعة الاداء. و حول مدى امكانية انتقال العرض للاقاليم قال أن العرض يستعد لجولة فنية فى المحافظات بعد انتهاء المهرجان، و ستحل مشكلة العربة بمجموعة من الأقمشة التى يتم تجهيزها فى الشارع او داخل المسارح لتحتوى الجمهور وتضفى احساسا بتواجد الجمهور بداخل عربة القطار .