02 - 07 - 2025

وجهة نظري| بائسون بدرجة موظفين

وجهة نظري| بائسون بدرجة موظفين

حالهم كما يخبرنا واقعهم البائس يصعب على الكافر.. ضنك المعيشة تشى به كل تفاصيل حياتهم ماظهر منها، أما مابطن فبالطبع تخفى فيه ماهو أشد قسوة. ملامح وجوههم المتعبة.. آثار الفقر الذى حفر خطوطه بوضوح ليزيد الأعمار هما وقلقا وقلة حيلة.. عيون حائرة .. نظرات هائمة.. عقل مشتت.. كلمات تخرج من غير وضوح.. حوار متقطع.. مبعثر.. يتحدثون إلى أنفسهم أكثر مما يصغون إلى غيرهم.. أصوات واهنة خافتة وأحيانا صارخة عصبية حادة.. خطوات مثقلة ضعيفة.. نفوس تائهة.. لاتبالى كثيرا بما يدور حولها.

فى دوامة دائمة مرهقة لاترحم.. تستنزف كل ماتبقى فيهم من طاقة.. بين إحتياجات ضرورية لامفر من توفيرها ودخول شحيحة عصية على توفير ربع هذه الإحتياجات.. لا تكف العقول المرهقة عن إعادة الحسابات. تجمع وتطرح وتقسم ثم تضرب أخماسا فى أسداس بعدما تكتشف فى النهاية أنها تعود لنقطة الصفر.. عجز دائم وميزانية مختلة وشعور بالخنقة يحول الحياة إلى جحيم.. تتنازل يوما بعد آخرعما ما كانت تعتبره يوما من أساسيات حياتها.. تحذف بنودا كانت لوقت قريب من أولوياتها.. تهبط رغما عنها درجات ودرجات لتنسحب تدريجيا من طبقتها الوسطى لتقترب أكثر من الفقر.. تتقلص أحلامهم لتتعلق بقشة العلاوة الدورية.. تنتظرها جيوبهم الخاوية عاما بعد عام وكأن جنيهاتها المحدودة عصى سحرية ستقلب ظلمة أيامهم إلى حياة وردية.. حلمهم البسيط كاد يتحول لسراب بعدما ألمح الرئيس يوما إلى التفكير في عدم صرف العلاوة الدورية واستغلال قيمتها لبناء المدارس!! فكرة من المؤكد أن وقعها الصادم أطار النوم من عقول الموظفين التعساء وزاد همهم هما.. تنفسوا الصعداء بعدما مرت أيام دون أن تتحول الفكرة لقرار.. وإن كان التخوف مازال يساورهم ويرعبهم حتى يمر يناير بسلام وتتلقف ايديهم القصيرة جنيهات العلاوة المنتظرة.. لكن ما إن خرجوا من نقرة العلاوة حتى وقعوا فى دحديرة صندوق ذوى الإحتياجات الخاصة بعدما ألمح الرئيس عن رغبته فى مساهمة الموظفين بجزء من مراتبهم لصالح الصندوق.. بؤس حالهم يجعلهم عازفين عن المشاركة، ليس بخلا أو جحودا أو قسوة أو إفتقادا للإنسانية، والتعاطف مع تلك الفئة، لكنه الفقر والعجز والضنك يجعل كل منهم يشعر أنه لايقل عن ذوى الإحتياجات الخاصة دعما ومساندة وتعاطفا، وإن كان أحد لم يتحمس لعمل صندوق مخصص لهم، يساهم فى تحسين أوضاعهم البائسة.

إحساس بالظلم من الصعب ألا يشعر به كل موظف، بينما يرى كل قرارات المسئولين تستهدف جنيهاته القليلة التى تكفيه بالكاد أو بالأدق تكفيه بستر ربنا وببركة دعاء الوالدين.. بينما يغضون النظر عن أصحاب المليارات فتتوقف كل قوانين فرض الضرائب  التصاعدية عليهم ولاتتناسب حجم الضرائب المفروضة على ثرواتهم وممتلكاتهم وفواتير إستهلاكهم للكهرباء والغاز والمياه، مقارنة بحجم تلك الثروات بينما يكبل البسطاء بما لا تتحمله دخولهم المحدودة.. ميزان العدالة المختل لا يتحمل مزيدا من الغبن. فإرحموهم يرحمكم الله. 
------------------
بقلم: هالة فؤاد  

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | نذر الحرب تقترب .فماذا نحن فاعلون؟؟