13 - 05 - 2025

الكبير أوى

الكبير أوى

أحيانا تأخذ الحكمة من شخصية كوووول جدا ياما ( شهصينا ) وفرفشنا وضحكنا فى افلامه ومسلسلاته ..حكمة كبيرة من ( الكبير اوى ) .

لست هنا بصدد تناول أعماله الفنية بالنقد ، فأن غير متخصص فى ذلك ، ولكنى تفاعلت معه كإنسان لمس شغاف قلبى وهز اوتاره ، حينما تم استضافته فى برنامج ( معكم مع منى الشاذلى ) .

شخصية الفنان أحمد مكى بالكاركتر الذى وضعه لنفسه : بشعره المنكوش ، وعباراته وألفاظه المندفعة السريعة وحركاته الغريبة التى تجسد الواقع لبعض الشباب ، كان شخصا آخر فى الحوار : شخصية هادئة ، متزنة وحكيمة ، تختلف تماما عن الشخصية الفنية التى وضعها لنفسه والذى ظن الكثيرون انها تعكس شخصية ( مكى ) الحقيقية !!

جلست أستمع باهتمام شديد ( لمكى ) بدون أن (أكبر الجى وروق الدى ) ، استمعت إليه هذه المرة بتركيز شديد ، بقلبى لا بأذنى ، فقد كانت كل كلمة يطلقها صادقة نابعة من سويداء قلبه ، توزن بميزان من الذهب خاصة عندما أخذ يسرد تجربته المريرة مع مرض نادر جدا افقده نصف وزنه ، وجعله يشعر وكأن سكاكين حادة تقطع حلقه فى حالة تناوله مضطرا لشربة ماء.

..يقول مكى : كل مالذ طاب من طعام وشراب كان أمامى فى الثلاجة لكنى لم أستطع أن أتناول شيئا منه، وكنت أضطر إلى النوم اثنتين وعشرين ساعة فى اليوم دون أن أدرى مايدور حولى بفعل هذا المرض اللعين .

ويستطرد مكى قائلا : - وهذا مربط الفرس - :أدركت كم هى نعم الله كثيرة، لكننا ألفناها فلم ندرك كم هى عظيمة ، ولا نعرف قيمتها الحقيقية إلا عندما نفقد واحدة منها وهى بالآلاف .

ويقول : أنه تعلم جدا من هذه التجربة المريرة القاسية : أن الحياة قصيرة جدا ، ويجب علينا أن نستثمر كل لحظة فيها فى كل ماهو مفيد ونافع للمجتمع ، فحياتنا معرضة للتبديل والتغيير ، فقد تكون اليوم سليما معافى ،وسرعان مايمتحنك الله بالمرض ، فتتحول إلى إنسان آخر : من كائن قوى تهز الأرض تحت قدميك إلى إنسان منهك ضعيف هزيل لايقوى على تناول شربة ماء .

كان حديث مكى ينبض بالمشاعر الصادقة ،مما جعل عيناى تذرفان بالدمع رغما عنى ، فما صدر من القلب لابد أن يصل إلى القلب ، ورحت أحمد الله حمدا كثيرا على مانحن فيه من نعم كثيرة ، والتى ننساها أو قد نتناساها فى خضم معاركنا مع الحياة ، والتى بحكم تعودنا عليها ألفناها وحسبناها أمرا هينا !!

فى الحقيقة كان حديث مكى ( جامد جدى ) ، ولم يكن موجها هذه المرة ( للناس اللوكال الشعبيين ) ، بل كان موجها لمن يريد أن يتعلم من تجارب الآخرين ، ولمن يريد أن يقتنص الفرصة للتغيير من طباعه الشريرة وأخلاقه السيئة ، ليكون إنسانا جديدا يحب الخير لنفسه وللآخرين ، فلا يغتر بسلطته ونفوذه ، ويدرك أن وعد الله حق ، وأن ساعة الحساب فى الدنيا قبل الآخرة آتية لاريب فيها ، فلا القوة ولا الجاه والمال والسلطان والنفوذ ستنجيه من الهلاك بفعل اعماله .

لاينبغى علينا أن نألف النعمة ولا نشكر الله عليها مع كل نفس نتنفسه ، بل يجب أن نستحضر الحمد والشكر عليها فى كل لحظة وكل حين .

نحن لانشعر بالصحة والعافية إلا حينما نرى المرضى فى المستشفيات وهم يأنون ويتوجعون من آلام المرض ، ولا نشعر بالدفء - والذى قد نراه أمرا عاديا - إلا حينما نرى العجائز والأطفال المشردين وهم يرتجفون من برد الشتاء القارس ، ولا ندرك قيمة اللقمة التى نأكلها حتى ولو كانت من العيش والملح إلا حينما نشاهد بأم أعيننا ثريا فاحش الثراء وقد انهكه المرض ، فلا يستطيع أن يستمتع بهذه اللقمة البسيطة التى نأكلها ، ويتمنى لو ينفق عليها كل ثروته !!

نعم الله علينا لاتعد ولاتحصى ، وعلينا أن نكون دائما من الحامدين الشاكرين ، والأهم أن نوظف تلك النعم فى طاعة الله قبل فوات الأوان (( وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت ..إن الله عليم خبير )).
---------------------

بقلم: محمد عويس

مقالات اخرى للكاتب

فتيات البحيرة واللغز المحير!