16 - 04 - 2024

"صونوا تصحوا"

نبضة
الصيانة الفريضة الغائبة فى ثقافتنا العربية،على كل المستويات من صيانة الجسد لصيانة الماكينات، تظهر علينا أعراض المرض نظل نتعامل بالمسكنات لنتعايش مع المرض ثم نفاجأآ  برفض المرض لمبدأ التعايش السلمى ليكشف عن وجهه الشرس، ونجد أنفسنا ليس فقط أمام مرض شرس وإنما نفاجأ أيضا بظهور تأثير المسكنات على أجهزة الجسد الحيوية كبد وكلى، الشعوب العربية حسب نتائج البحوث هى الأكثر إستخداما للمسكنات وللمصريين قصة حب مع المسكن الشهير بأبو ورقة خضرا "الريفو"، لدرجة إن بعض الصيدليات تصرف المسكنات بديلا للفكة مثلما تفعل محلات البقالة بصرف الفكه علبة كبريت أو مكعب مرقة دجاج.

ما يحدث مع الأجساد يحدث مع الآلات والمنشآت، نستورد آلات بمليارات الدولارات دون أن يكون لدينا كفاءات مدربة على الصيانة وأحيانا يكون تصميم الآلات والمعدات المستوردة لايراعى الصيانة، أو إن الجهة المصدرة تعتبر الصيانة "سر الصنعة" تخفيه عن الجهة المستوردة ليظل الإحتياج لها مستمرا، ولدينا نموذج يشهد بذلك مصانع توليد الطاقة "البيوجاز" من قش الأرز التى أقامتها وزارة البيئة فى "تمى الإمديد" بالدقهلية و"العزيزية" بالشرقية وتوقف المعدات عن العمل بعد شهور وعندما تم اللجوء للجهة المستوردة، وهى صينية، جاء الرد بأن التكنولوجيا الخاصة بالمعدات قديمة لاتنفعها صيانة ويجب إستيراد معدات أخرى.

أعجبتنى عبارة "صونوا تصحوا" التى صكها الدكتور زهير بن محمد السراج- رئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية للصيانة والأمين العام للمؤتمر الدولى للتشغيل والصيانة- وجاءت العبارة ضمن كلمته فى المؤتمرالصحفى الذى تم بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة برئاسة الكاتب الصحفى خالد مبارك ،وتم خلاله الإعلان عن الموضوعات التى سيناقشها المؤتمر الدولى الذى ستشهده القاهرة خلال الفترة من 18- 20 نوفمبر الحالى تحت رعاية د.مصطفى مدبولى –رئيس الوزراء- وبدعم ومشاركة من جهات ومؤسسات حكومية فى عدد من الدول العربية والعالمية .

يناقش المؤتمر مشكلات وموضوعات تتصل بحياة الناس مثل تشغيل وصيانة مرافقآ  المياه ومعدات تحلية المياه المالحة، وتشغيل وصيانة مرافق النقل العام والسكك الحديدية، وصيانة أنظمة الإتصالات والأنظمة الإلكترونية، وإدارة مواد الصيانة.

ولأن جزءا من مشاكل الصيانة عدم وجود كوادر مؤهلة يتضمن المؤتمر ورشة عمل تحت عنوان "حلقة نقاش حول المستجدات والتوجهات العالمية فى مجال التدريب والتأهيل لوظائف التشغيل والصيانة"

الصيانة ثقافة نفتقدها لأسباب تتعلق بالتعليم الفنى والجامعى – بالنسبة للكليات العملية- وأسباب إقتصادية، فبند الصيانة ليست له المكانة التى تناسبه فى الميزانيات إن وجد، وأسباب تتعلق بالتشريعات فبعض القوانين تعادى الصيانة على سبيل المثال قوانين الإسكان فى مصر قانون الإيجارات القديم التى يدفع المستأجر فيه ملاليم لمالك كل أمنيته أن ينهار المنزل أو يأتى له قرار إزالة ليسترده من المستأجرين فلا يلقى بالا لصيانته، وقانون الإيجارات الجديد الذى إستنزف الناس وحولهم لرحالة من شقة لأخرى، وأفقدهم الإنتماء لسكن مستقر،هؤلاء لا تشغل بالهم الصيانة وإنما تدبير أجرة الشهر التى تقصم ظهورهم.

الصيانة ثقافة نفتقدها لأننا لا نجيد العمل الجماعى ولا نقدس الملكية الجماعية والمال العام ممثلا فى مرافق الدولة ..نحتاج لأن يكون شعارنا فى الحياة "صونوا تصحوا"
 ----------------------------

بقلم: نجوى طنطاوي


منشور في العدد 263 من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

أنا وانت والمناخ | الموضة المستدامة





اعلان