14 - 05 - 2025

وسلامتك يا حسن من اللى قرا واللى كتب

وسلامتك يا حسن من اللى قرا واللى كتب

أخيرا قرر الحاج حسن أن يذهب إلى الطبيب تحت ضغط من زوجته الحاجة بثنية و تحت ضغط أشد وطأة من المرض الذى لازمه أياما طويلة.

بعد أن طلب منه الطبيب إجراء بعض الفحوصات، شخص حالته وكتب له بعض الأدوية و نصحه بالابتعاد عن التوتر والقلق حيث أن جهازه العصبى منهك للغاية.

خرج الحاج حسن من عيادة الطبيب متجها إلى أقرب صيدلية وبعد كثير من التردد ومراجعة حافظة نقوده قرر الدخول .

إستقبلته الطبيبة الصيدلانية بإبتسامة عريضة : أؤمر ياحاج

أخرج الرجل الروشته الطبية وأعطاها للطبيبة ، نظرت إليها ثم توجهت إلى بعض الأرفف من خلفها وأعطت للرجل العلاج.

سألها الرجل على استحياء عن سعر الأدوية ، فأجابته بإبتسامة عذبة : مية وتمانين يا فندم وعشرين جنيه قراءة الروشته، يصبح المجموع ميتين جنيه.

قهقه الرجل ممتنا وقد إنزاح حمل ثقيل من على صدره : عشرين جنيه بس !!! ههه ربنا يكرمك يا بنتى والله ، تستاهلى الدنيا كلها، كفاية ضحكتك الحلوة.

ثم توجه إلى "الكاشير" وهو يخرج مبلغ المائتى جنيه الأخيرة التى كانت فى حافظته وناولها للموظف ووقف ينتظر الباقى، بينما أغلق الأخير الدرج وناوله الفاتورة، ظل الرجل منتظرا الباقى لدقائق.

نظر إليه الموظف مستفهما : فيه حاجة يا حاج؟

الحاج حسن بخجل: أيوة يابنى ، الدكتورة قالتلى الدوا بمية وتمانين ، أنا كدة لسه ليا عشرين جنيه.

الموظف مبتسما: حضرتك راجع الفاتورة ، دول رسم قراءة الروشتة .

الحاج حسن يقلب النظر بين الصيدلانية والموظف ببلاهة : إنتو بتهزروا ولا بتتكلموا جد؟ 

الموظف مؤكدا: دا قرار جديد يا فندم ، أعتقد الدكتورة بذلت مجهود فى قراءة الروشتة.

الحاج حسن بغضب: ليه هى بتقرالى إسم دوا ولا بتقرالى الطالع ؟ 

الموظف ببرود: آدى روشتة حضرتك ، لو قدرت تقرأ حرف فيها حنرجعلك فلوسك.

الحاج حسن وقد أعماه الغضب: طب وعلى إيه ؟ هاتلى الروشتة دى أديها للخواجة شامبليون اللى فك حجر رشيد وتدونى فلوسى وبلاها الدوا من عندكو.

الموظف ببرود أشد: وماله ، إتفضل مية وتمانين جنيه أهم، وهات الدوا يا عم ولا يهمك.

الحاج حسن وقد شارف على الجنون: أظن أنا دفعتلك ميتين جنيه ورقة واحدة.

الموظف دون أن يلتفت إليه: وأظن إحنا ماقصرناش معاك، العشرين جنيه دول تمن أتعاب الدكتورة.

الحاج حسن وهو يكاد يغلى: طب أروح ازاى أنا دلوقت؟ 

الموظف باستظراف: طب وتروح ليه خليك قاعد مآنسنا .

نظر إليه الرجل وهو يتميز من الغيظ وقد قرر أن يؤنسهم بالفعل، و ظل واقفا مكانه لا يدرى ماذا يفعل، خاصة وأن أجرة الميكروباص لم تكن معه، فشعر بالقهر وقلة الحيلة .

رقت الصيدلانية الشابة لحال الرجل فإقتربت منه وهمست فى أذنه: والله ياحاج دا قانون، ومن يوم ما إتطبق والحكومة غلت علينا الضرايب والكهربا وحتى رسوم القمامة، ثم دست فى يده ورقة مالية، فأعادها إليها بعزة نفس و قد رفع رأسه قائلا: أنا مش شحات، حاروح مشى وأمرى لله.

الصيدلانية بتأثر: هو حضرتك ماعندكش تأمين صحى؟

هز الرجل رأسه بالنفى، سكتت برهة ثم قالت بحماس: أنا أعرف الأستاذة "منى العراقى" معرفة شخصية، إيه رأيك تطلع تحكى مشكلتك فى برنامجها؟

الحاج حسن وقد أشاح بيديه فى وجهها بذعر: يا ست هانم دى واحدة مش طايقة الرجالة خلقة، أروحلها برجلى عشان تحرض أم سيد عليا وتخلعنى وأمشى فى الشارع يقولوا جوز "الاندبندندت وومان" راح، و"جوز الاندبندندت وومان" جه!!!

الصيدلانية بعد تفكير: عندك حق، طب ريهام سعيد حنينة عنها شوية، تحب تطلع فى برنامج "صبايا الخير"؟

الرجل وقد نقحت عليه كل أعضائه: أهو دا اللى ناقص !!! عشان تقوللى بص فى عينى وقوللى مش ندمان دلوقت إنك مافكرتش فى شبابك فى التأمين الصحي؟ و تقعد بقى تخرط على قلبى بطاطس، حضرتك عارفة كيلو البطاطس النهاردة بكام؟ ثم ضرب كفا بكف وخرج بالدواء وهو يحسبن ويحوقل.

عاد الرجل إلى منزله سيرا على الأقدام، وقد إشتد عليه الإعياء ولم يفلح الدواء الجديد فى التخفيف من آلامه، فقرر العودة إلى الطبيب ولم ينتظر موعد الإستشارة .

إستقبله الطبيب بود بالغ كعادته وطلب منه أن يحكى له بالتفصيل عما حدث له منذ أن غادر عيادته حتى هذه اللحظة.

تأثر الطببب تأثرا بالغا عندما سمع قصته و عاتبه قائلا: مش قلتلك تبعد عن أى توتر !!! ثم أمسك بدفتر "الروشتات" قائلا: سأضيف دواء على الأدوية السابقة بس أهم حاجة، أرجوك إبعد عن أى حاجة بتضايقك.

الحاج حسن متوددا: طب لو سمحت ممكن لو مفيهاش إساءة أدب منى توضح خطك وإنت بتكتب إسم الدوا بدل ما ياخدوا منى عشرين جنيه تانيين؟

الدكتور وقد إنتفض غاضبا: إنت إزاى تطلب منى طلب زى دا! أنا دكتور، لو حسنت خطى أتحرق، لا حول ولا قوة الا بالله.

الحاج حسن بإستعطاف: طب ممكن تمليه ليا حرف حرف وأنا أكتبه فى ورقة.

هرش الطبيب رقبته بعصبية، ثم قال بعد تفكير: أوك ، إتفضل إكتب.

دخل الحاج حسن إلى الصيدلية وكان الموجود هذه المرة صيدلانيا رجلا، نظر إليه بإبتسامة عريضة قائلا: اؤمرنى.

أخرج الحاج حسن الورقة من جيبه بإنتصار وكان قد كتب إسم الدواء فى سطر كامل وبالخط النسخ، وناولها للطبيب الصيدلانى ووقف يرقبه فى شماتة وتربص.

قرأ الطبيب الورقة ثم نظر إلى الرجل وهو لا يزال محتفظا بإبتسامته العريضة قائلا: إسم الكريم إيه؟

الرجل بزهو وكأنه أحد أفراد جمعية المحاربين القدامى: إسمى حسن يا دكتور.

الصيدلانى: طب دلوقت يا حاج حسن مش مكتوب فى الورقة تركيز الدوا كام ولا بيتاخد إزاى؟ 

الرجل وقد تقهقر للخلف: طب إنتو ما تعرفوش؟

الصيدلانى موضحا: أكيد نعرف، بس حتضطر تدفع عشرين جنيه رسوم، قلت إيه؟

تلعثم الحاج حسن ولم يدر ماذا يفعل وفجأة خطرت له فكرة، فقال: طب بص حضرتك أنا حاكلم الدكتور بتاعى دلوقت فى الموبايل وحاشغل الميكرفون عشان تسمعه .

هز الصيدلانى كتفه قائلا: زى ماتشوف ، ثم إستدرك قائلا: إستنى حاطلبهولك أنا، قال ذلك ثمآ  أمسك بهاتفه المحمول قائلا: كام رقم الدكتور يا عم حسن.

أملاه الحاج حسن الرقم بإمتنان، فقام الآخر بطلبه مستخدما خاصية (الإسبيكر) وعندما سمع صوت الطبيب هاتفه قائلا: دكتور محمد، معك دكتور هيثم بيكلمك من صيدلية "إدفع وإستنفع"، معك تلاتين ثانية فقط لما يبدأ زبونك الحاج حسن بالكلام... إتفضل .

الحاج حسن: سلامو عليكو يا دكتور ، إلحقنى يا حبيبى إلهى لا يسيئك، أنا نسيت أكتب التركيز وطريقة الإستخدام، مرتين ولا تلت مرات، قول بسرعة يا دكتور، الو يا دكتور، يا دكتور، وآ  

هنا يسمع رنينا متواصلا تيت .. تيت .. تيت، فيرجع الهاتف إلى الصيدلانى محبطا، بينما يقول له الأخير : ما بقى عندك خيارات يا حاج حسن، قلت إيه؟ تنسحب ولا تدفع العشرين جنيه وتاخد الدوا؟
 ------------------------------

بقلم: أماني قاسم


آ 

مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف