عندما تناقش مشكلة ما وتدخل في التفاصيل دون الارتكان إلي المحاور الرئيسية التي تأسست عليها هذه المشكلةلتتعاظم ويصعب حلها، لينتج عنها مشاكل فرعية متعددة،وتنفصل المشكلة الأم، وتتعدد المشاكل منها لتصل إلي حد الأمراض المزمنة،غير القابلة للعلاج.
وهذا ما وجدناه في تصريحات السيد وزير قطاع الأعمال السبت الموافق 29/9/2018علي قناةextra news .
تحدث سيادته عن الشركات الخاسرة وأوجد مبررات صحيحة إلي الحد المعقول،لكنه لم يتطرق في حواره عن الأسباب الحقيقية لخسائر هذه الشركات، ومن قبل الشركات التي تم تصفيتها،لأسباب إما لعدم معرفته بها وهذه كارثة، أو لأسباب أخري لا يدركها سوي ضمير سيادته الوطني.
ومن ذلك لن يتم تصحيح أوضاع هذه الشركات ما لم يتم تصنيف المسببات ووضعها علي ميزان العلم والضمير، ليتم العلاج بزوال الأسبابوهذا ما غاب عن رؤية وفلسفة وخطط سيادته.
وسأحدد هذه الشركات والأسباب التي أدت إلي تصفيتها، أو خسائر مثيلاتها لاحقا.
لكن علينا الاتكاء علي بدايات الأسباب التي كانت المعول الهادم الذي تناسيناه بشكل متعمد، وهو ما أدي إلي وصوله إلي هذا الحال وأسباب أخري تخص الضمير سأعرج عليها أيضا لاحقا.
عندما بدأت شركات القطاع العام أنشطتها الصناعية، كانت الأهداف لم تصل إلي خطط الخسارة أو المكسب، بل كانت الأهداف الاستغلال الأمثل للخامات المتوفرة داخل الوطن، وأن تبدأ مصر مشروعها الصناعي كي يتجاور مع المشروع الزراعي الذي اشتهرت به مصر وقتها،وكان القطن المصري يمثل الإنتاج الأهم ولابد من إنشاء المصانع الخاصة بالحلج والغزل وغير ذلك.
كما أن خام الحديد ووفرته في أسوان والواحات البحرية،لابد من استغلاله لإقامة مصانع الحديد والصلب.
وبدأت الدولة في تشغيل المصانع لكن بدون ضوابط تحدد آليات التشغيل بجانب القيود علي أسعار بيع المنتجات, بسبب القوانين المانعة للاحتكار، أو القوانين التي تلزم الشركات المنتجة بعدم رفع الأسعار من دون الرجوع إلي الدولة، بحيث لا يتم رفع أسعار الشركة لمنتجاتها حسب أصول أداءات الأسواق العالمية وبورصتها
ويكون تمويل الشركات الصناعية التابعة لهذا القطاع من البنوك عن طريق القروض التي تمنح الشركات التي تحتاج إلي خامات أو سيولة نقدية لازمة للتشغيل للشركات ذات الإستراتيجيات المتعاظمة أو الأخري ذات الأنشطة الإستهلاكية ، كما أن علي الشركات أن تتعاون مع بعضها وتتحصل علي الخامات ذات الاحتياج من دون دفع نقدي لقيمة المنتجات المطلوبة من دون دفع قيمةالشراء ووضعها علي "النوتة"، وعلي البنوك الوطنية أن تمنح الشركات التي تحتاج إلي سيولة نقدية لشراء خامات أو دفع مرتبات أو ما شابه بأن تدفع لها في أشكال قروض وبنسبة الفائدة التي يقرها البنك المتاح لديه سيولة لهذه القروض.
كانت هذه السياسة التي تمت في إدارة القطاع العام حتي جاء حكم السادات وبدأت الدولة في تفيير نمطية الأداء الإقتصادي بما يتوافق مع المعطيات العالمية
لكن دون النظر إلي كيفية التحويل من نظام اشتراكي مقيد للنظم الإدارية إلي حد كبير، وبين نظام مفتوح يدار بسياسة الخبرات التي ترتكن إلي الإدارة المفتوحة دون تدخل الدولةوالكارثة كانت، أن لا توجد هذه الخبرات في مصر، وإن وجدت لن تسمح الدولة لها بالعمل وفق الآليات العالمية المتعارف عليها ومن هنا جاءت فكرة إنشاء قطاع الأعمال العام في بداية التسعينات.
حيث مرت سنوات حكم السادات رغم مرور العالم بأنظمة العولمة،والخصخصة ومصر خلال هذه الفترة في واد آخر، حتي استنزف هذا القطاع أعماله من دون بنية إقتصادية تحكمه،أو خطط لصيانة الوحدات الإنتاجية التي تساهم في تصحيح مساراته، أو رؤية لتطوير هذه المصانع ووحداتها الإنتاجية بما يتوافق مع التطور التقني العالمي.
ورغم سيطرة بعض رجال الأعمال الجدد مثل عصمت السادات، ورشاد عثمان والهواري وتوفيق عبد الحي وغيرهم من الاستفادة من علاقاتهم برجال الدولة، وتحققت لهم الفوائد الكبيرة من نهب هذا القطاع وشاهدي في ذلك التيسيرات التي تمت للأشخاص من بنك القاهرة، بنك السويس،وشركة الحديد والصلب المصرية،وهذا مثال للتأكيد وليس لحصر أسماء من تربحوا علي حساب هذا القطاع وبرعاية الدولة وقتها، حتي أن قامت الدولة بمكافاة أحد رؤساء الشركات فيما بعد بتعيينه وزيرا للصناعة بعد منحة الحديد لأحد أقارب كبير الدولة وقتها بعد تسهيلات قدمها معروفة وكتبت عنها الصحف وقتها.
وكان هذا علي حساب هذا القطاع الصناعي المهم الذي مات اكلينيكيا من لحظة وجوده من دون نظام اقتصادي يديره من غير قانون 48 الذي كان ينظم علاقة العمل والأجور ومواقيت العمل والحوافز والبدلات وغير ذلك من دون وضع آلية إدارية صحيحة تحدد منهجية وخطط الإداءات الصحيحة وفق نظم إقتصادية صحيحة،ومن لحظة تحويله إلي تكية يتحقق منها الاستفادة القصوي للأفراد علي حساب الدولة.
---------------------
بقلم: عمارة إبراهيم