15 - 07 - 2025

سر إدلب .. لماذا أصبحت آخر فصول المعركة نهاية للمعارضة المسلحة والإرهاب؟

سر إدلب .. لماذا أصبحت آخر فصول المعركة نهاية للمعارضة المسلحة والإرهاب؟

الأسد يستعد لنخب الانتصار.. وتوقعات بنزوح 250 ألف شخص  

خسارة إدلب تهديد لجميع المكتسبات الميدانية التركية منذ اندلاع عملية "غصن الزيتون"

 تتأهب مدينة إدلب آخر المعاقل التي تسيطر عليها الجماعات السورية المسلحة، لهجوم شامل لقوات الأسد والجماعات الإيرانية واللبنانية الرديفة له. وباتت جميع القوى الفاعلة في الأزمة (بما فيها تركيا الداعم الأول للمسلحين) على قناعة بأن الهجوم أصبح مسألة وقت، ولن تفضي جهود الاستعطاف لوقف زحف الجيش السوري على المدينة.

تطورات الوضع الميداني في سوريا التي تشهد اقتتالًا أهليًا منذ العام 2011، لم يكن لأحد أن يتصورها؛ فكفة الأسد المدعوم بقوة من إيران وعناصر ميليشيا "حزب الله"، باتت هي الرابحة بعدما تمكنوا من استعادة زمام الأمور وبسط السيطره على الأراضي التي انتزعتها الجماعات الإرهابية والمسلحة من قبل.

شهدت إدلب خلال الفترة الأخيرة تدفق جميع العناصر المسلحة في سوريا خاصة بعد معارك حلب والغوطة، حتى أصبحت المدينة بمثابة سلة تحوي الأطراف المحاربة للأسد كافة. 

وأكد مراقبون وقتها أن ذلك التجمع سوف يشكل خطرًا وجوديًا على مستقبل الجماعات المقاتلة في سوريا فيما بعد. وبالفعل استغل الأسد الأمر في صالحه ويجهز حاليًا لاقتحام المدينة التي تضم جميع خصومه.

خسارة إدلب قبل أن تكون بمثابة شبه نهاية للمعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية في سوريا، ستعكس بشكل عام خروج إردوغان من الأزمة "بخفي حنين"، وستجبره التطورات على الإصغاء إلى صوت المنتصر الذي غالبًا ما سيكون الأسد، الذي أصبح هو الآخر ليس له من الأمر شيء وأن روسيا وإيران هما المتحكمتان في الأمر

أم المعارك

تحركات الأسد تؤكد إصراره على الهجوم. كما أن إعلامه يحشد للعملية بقوة ويطلق عليها "أم المعارك"، ويعتبرونها الفصل الأخير في العمليات العسكرية على الأرض.

تناسى الجميع كم أصبحت سوريا تلالًا من الأنقاض، وأن إعمارها بحاجة إلى نحو 200 مليار دولار؛ لكون جميع البنى التحتية تم تدميرها تمامًا، فضلًا عن انتشار السلاح بيد الجميع، وأن التحديات الأمنية المقبلة لا تقل خطورة عن العمليات الكبرى.

يحشد الجيش السوري آلاف الجنود والمقاتلين لتعزيز قوّاته على حدود إدلب، كما بدأت 26 سفينة حربية تابعة للأسطول الحربي الروسي القيام بمناورات عسكرية، تشارك فيها نحو 36 طائرة بما فيها قاذفات استراتيجية. وتؤكد التقارير أن التمركز البحري الروسي سيؤمن للحكومة السورية، قوّة نيران ضخمة في حال اندلاع الحرب.

حشد القوات يأتي بالتزامن مع اندلاع حرب التصريحات، فروسيا وإيران تؤكدان على حق الحكومة السورية في "تصفية الإرهابيين" في إدلب، في حين تخشى تركيا من عواقب خسارة المدينة، فتُحذر من تداعيات الهجوم، مدعية أنه سيتسبب في كارثة إنسانية، وموجات نزوح جديدة لا تقدر على استيعابهم مما يجعلها مضطرة إلى تسفيرهم إلى أوروبا

      لكن بعدما بات في حكم المستحيل الوصول إلى تفاهمات بين القوى الإقليمية والدولية المتورّطة في الشأن السوري، أصبحت فرضيّة اندلاع مواجهة عسكرية في المحافظة، على غرار ما حصل في مناطق أخرى من سوريا (حلب والغوطة)، أمرًا مؤكدًا.

أهمية إدلب

تعد مدينة إدلب استراتيجية لجميع القوى المتصارعة على الأرض:

بالنسبة إلى سوريا:

ينظر الأسد إلى تحرير إدلب، بوصفه نهاية للمعارك على الأرض، وانتصارًا على الجماعات المسلحة والإرهابية؛ لكونها هي أخر معاقلهم

يرى الأسد أيضًا أن إعادة انتشار القوات الحكومية في هذه المحافظة مهم؛ لأنه بمثابة كسر لشوكة تركيا المجاورة التي دعمت المعارضة.

بالنسبة لروسيا:

قرب إدلب من مياه البحر المتوسط، معقل النفوذ الروسي في سوريا جعل موسكو تهتم بحسم مصير المدينة، وجعلها في قبضة قوات الأسد؛ وذلك بعدما شنت المعارضة في المدينة هجومًا بالطائرات المسيرة وقذائف الهاون على قاعدة حميميم الروسية، وهذا ما يفسر إصرار بوتين على تحرير المدينة من يد المسلحين لتأمين مناطق نفوذه.

الكرملين يحتاج أيضًا إلى إثبات نجاحه في التعامل مع الأزمة السورية، وأن نفوذ روسيا وتعاملها مع ملفات الشرق الأوسط أصبح أقوى من الأمريكان عدوهم اللدود.

  ما هي خسائر أنقرة من تحرير إدلب؟

تعتبر المدينة السورية نقطة جغرافية بالغة الأهمية لتركيا، وأن خسارتها تعني تهديد جميع المكتسبات الميدانية التي حققتها أنقرة منذ اندلاع عملية "غصن الزيتون" التي احتلت من خلالها مدينة عفرين في الشمال

ستفقد تركيا بذلك نحو 12 مركزًا عسكريًا مهمًا في المدينة، وأن خسارتها لإدلب يعنى ضياع عفرين، وفقدان السيطرة على معبر "جلفاكوز" الحدودي المقابل لمعبر باب الهوى السوري، والذي يعد من أكبر المنافذ الحدودية مع سوريا، المستخدم في توصيل الدعم اللوجستي للإرهابيين

تتخوف تركيا كذلك من موجات نزوح كبيرة حال الهجوم على المدينة، ومن المرجح أن تصل إلى 250 ألف نازح سوري سيحاولون اللجوء إلى تركيا في حال تمّ الهجوم على إدلب. وذلك لا يناسب الحكومة التركية التي تواجه ضغوطاً من بروكسل لحدّ تدفق اللاجئين إليها.

وتحاول أنقرة الضغط من أجل تحويل إدلب إلى "منطقة لتخفيف حدة التصعيد" كمّا أقر في اتفاق عملية أستانة للسلام، غير أن إيران وروسيا والأسد يدفعون باتجاه عملية عسكرية كما حصل في غوطة دمشق الشرقية.
 -------------------
تقرير - باهر عبد العظيم
من المشهد الأسبوعي