الواقعة تسلط الضوء على عنصرية الأمن تجاه أبناء سيناء، وعلى تهاون نقابة الصحفيين تجاه حقوق أعضائها.
في الثامنة من مساء الثلاثاء الماضى (4 أغسطس) وصلت الى معدية القنطرة للسيارات قادما من مدينة العريش، وقفت فى طابور طويل للتفتيش استمر لثلاث ساعات لم تتحرك فيه السيارات وسط حالة من سخط وغضب من المواطنين.
بعد ثلاث ساعات وصلت الى التفتيش، تم تفتيش سيارتى، وانطلقت لألحق بالمعدية من القنطرة شرق الى القنطرة غرب عبر قناة السويس.على بعد 300 متر قابلنى كمين امنى تابع لوزارة الداخلية، سألنى امين شرطة فى الأمن الوطنى عن البطاقة والرخص، اعطيتها له ومعها كارنية نقابة الصحفيين، ثم قام بطلب بطاقة ابنتى التى كانت برفقتى، وقال: اركن على جنب، جلست فى سيارتى وبعد ساعة طلبنى.
* أنت عرضت على الأمن الوطنى قبل ذلك
قلت : لا
* بس أنت عرضت فى شهر يوليو
قلت: لم يحدث ولم يتم طلبى من اى جهاز بالدولة
* أنت ساكن فين ورايح القاهرة ليه، وبتشتغل إيه ؟
وكلها أسئلة سخيفة لا طائل من ورائها ، لاحظت أنه كان يبلغ إجاباتى إلى شخص آخر على التليفون، وبعد ذلك قال لى: انتظر دقائق
أثناء وجودى بالسيارة، مرت علينا مئات السيارات دون أن يتم سؤال أصحابها من قبل كمين الداخلية .
خلال ذلك أبلغت الأستاذ عبدالمحسن سلامة نقيب الصحفيين بما جرى، وبأن كمينا بالقنطرة شرق يستوقفني وكذلك الزميل حسين الزناتى عضو مجلس نقابة الصحفيين ونائب رئيس تحرير الأهرام، قال لى سوف نقوم بالواجب وبعدها لم يتصل بى أحد من النقابة رغم إبلاغ النقيب شخصيا.
عند الساعة الثانية عشر قال لى أمين الشرطة بالأمن الوطنى: تعال معنا فى البوكس، عايزين نروح القنطرة غرب، وشوف واحد يقود السيارة للجانب الآخر.
رفضت وقلت له تعال أنت معي، لن أترك سيارتى وابنتى بها، ورفضت بشدة، فاستجاب لطلبى وركب السيارة معى، ودخلنا المعدية إلى الضفة الغربية من القناة، وخلال ذلك قال لى: لقد قمت بإبلاغ الأمن الوطنى بالاسماعيلية، وجارى فحصك، ولن نتركك إلا بعد أن يردوا علينا.
وصلنا إلى القنطرة غرب، وتم احتجاز سيارتى وابنتى بداخلها، وطلبنى ضابط بمكتب الأمن الوطنى بالقنطرة غرب.
دخلت عليه وجلست على الأنتريه أمامه، فقال: إيه العشم ده؟ قوم اقف وتعامل معى بغلظة وشدة وبأسلوب غير مهذب، وكأننى إرهابى أو أتسبب فى كل ما يحدث بسيناء.
سألنى الضابط أسئلة سخيفة جدا، لاعلاقة لها بعمله من قبيل: إنت بتشتغل فين؟ وبتكتب ايه؟ ورايح القاهرة ليه؟ وسايب العريش ليه؟
قام بتفتيش تليفونى الخاص والاطلاع على جميع الصور الشخصية الخاصة بى، دون اى مبرر، كما تصفح صفحتى الشخصية على موقع الفيس بوك، وقال: أنت ناصرى؟ يعنى مع حمدين صباحى؟ وظل يتحدث معى بكل سخرية، وكنت صريحا فى إجاباتى، فانا واثق من نفسى ومواقفى واضحة للجميع.
سألني: سايب العريش ليه؟
قلت: لأنى مستهدف من قبل الإرهابيين
رد بكل سخرية يعنى هما هيستهدفوا الناصريين!
قلت: يستهدفون حتى السلفيين لم يتركوا أحدا إلا ويستهدفونه
وبكل غلظة قال: روح اقعد هناك فى إحدى الغرف المجاورة.
استمر التحفظ علي بالأمن الوطنى لمدة ثلاث ساعات، حتى ردت الإدارة بالاسماعيلية: أطلقوا سراحه.
شعرت بالمرارة والإهانة، بسبب أسلوب هذا الجهاز، الذى يساعد فى اتساع فجوة الثقة بين المواطن السيناوى والدولة بتصرفات فردية من أمناء وضباط، فتيقنت أن الدولة تعض فى جسدها، عندما تقوم بالتمييز بين أبناء الوطن الواحد.
فكل هذه التصرفات، بما تحمل من إفساد العلاقة بين المواطن والدولة، تصب فى مصلحة الإرهاب.
كنت أنتظر أن يتم الاتصال بى من نقيب الصحفيين ومجلس النقابة للاطمئنان علي، ولم يحدث فلم تتحرك النقابة او مجلسها حتى كتابة هذه السطور، بما يؤكد أن الرهان على النقابة – في الدفاع عن أعضائها وحمايتهم - رهان خاسر، وأن الصحفى لا قيمة له فى عرف وزراة الداخلية ورجالها.
القضية هنا ليست فى شخصى، وانما هى قضية العنصرية والظلم والغطرسة التى يتعرض لها أبناء سيناء على يد جهاز الأمن الوطنى الذى يحتجزهم على الهوية، فمجرد أن تحمل بطاقة من سيناء، فأنت متهم لدى الأمن الوطني ، يتم احتجازك وإهانتك لساعات وأيام، وربما أسابيع وشهور على ذمة التحريات، فالمواطن فى سيناء متهم حتى تثبت براءته، عكس القاعدة القانونية الشهيرة، وكل مواطن فى شمال سيناء مشروع معتقل
كارنية نقابة الصحفيين لم يحمنى من تصرفات الأمن الوطني، غير المبررة وغير المسؤولة، فما بالك بالمواطن السيناوى البسيط الذى يسافر على مضض لقضاء حاجته فيتم احتجازه، ولا يجد من يدافع عنه أو يحفظ كرامته من أمناء الشرطة وضباط الامن الوطنى.
فى الحقيقة لم يزعجنى تصرف جهاز الامن الوطنى بالقنطرة، بقدر ما أزعجنى تصرفهم مع كل من يحمل بطاقة من شمال سيناء يمر عليهم فى كمين، يتم احتجاز المواطنين السيناويين ولا تعلم اسرهم عنهم شيئا، ومنهم الطالب والموظف وصاحب الحاجة .
سفر أبناء سيناء الى محافظات مصر يجعلهم عرضة للإهانة ، وكثيرون يقررون عدم التحرك خشية الاحتجاز، وما يزال الكثيرون رهن الاعتقال على ذمة الامن الوطني باقسام شرطة المحافظة، لا يعلم عنهم أهلهم شيئا، فى انتظار تأشيرة من ضابط بالأمن الوطني.
ويظل الصحفى فى عهد هذا النقيب وهذا المجلس، لا قيمة له ولا كرامة، فإرضاء الأجهزة لديهم أهم وأغلى من أى صحفى ينتمى الى النقابة.
-------------------
بقلم: عبدالقادر مبارك
عضو نقابة الصحفيين