في بداية فيلم لعبة الست بيظهر نجيب الريحاني وهو داخل محاضرة عنوانها البحث عن السعادة ،ويظهر واحد بيوعظ في الناس ويقول : "يظن الكثير من الأغنياء أن السعادة في جمع المال، يا للسخف المركب و يا للجهل المبين، ليست السعادة كائناً مادياً، ليست لذة حيوانية، ليست شهوة بهيمية جسمانية، ليست السعادة في جمال النساء، ليست السعادة في الملابس البراقة ..ليست السعادة في المآكل الشهية أتريدون أن أدلكم أين هي السعادة ؟ السعادة أيها الإخوان في الإخلاص في التضحية في إنكار الذات، السعادة في الوفاء ."
طبعا نجيب الريحاني بيرد عليه ويرصهم له ويقول له : أنا راجل مليان وفاء مليان إخلاص و تضحية و غلب أزلي، قاعد عاطل جعان مش لاقي لقمة، وروني جزار يديني حتة لحمة، يديني حتة عضمة و ياخد تمنها وفاء .وبيطردوه بره
لكن الفيلم بينتهي والريحاني بقى غني ومرتاح ولابس حلو وقاعد جنب تحية كاريوكا في عربية فخيمة وصوت الواعظ في الخلفية بيقول : ليست السعادة في المال ..ليست السعادة في النساء .
رغم ان الفيلم انتاج 1946 الا انه انتبه كويس جداً للمنطق التعريضي اللي بيستخدم علشان تصبير الغلابة والضحك عليهم بكلام فاضي ، اللي هو اوعوا تكونوا فكرين الغني مرتاح ولا باله رايق ..ابسلوتلي ..
ده الفقير هو اللي بيضحك بسعادة ومن قلبه وبينام ملء جفونه وجو "التعريض" الجميل ده بتاع اغلب افلام اسماعيل ياسين ولا اغنية محلاها عيشة الفلاح اللي غناها محمد "بك" عبد الوهاب نجم الطبقة الراقية وقتها وفتاها المدلل.
أو الهمبكة بتاعة التنمية البشرية اللي بتعلمك "بفلوسك" ازاي تقدر تتحمل قرف الحياة أو تكسب مديرك اللي قارفك وتحطه في جيبك..
بينما هي بتفهّم المدير ازاي يقدر يدوس على بطن الموظف فيسقف من غير تعب .
أو لما تفتح فيس بوك وتتفرج على الصور اللي الناس بتنشرها بغرض ، وزي مابيقول الصديق والاستاذ محمد زهيري وهو بيعلق على الصورة المرفقة : "السعادة انك تجيب كرتونة فاضية وتقعد تشوطها مع اصحابك .. حد يخيرهم بين الكرتونة الفاضية دي وبين ال PS4 مثلا..ونشوف هيسعدوا بإيه اكتر نفختونا بشعارات كلها كذب لإقناع الفقير بأنه في وضع افضل من الغني ..فهو عنده الصحة.. والغني عيان ..وهو بينام على طول لكن الغني عنده أرق.."
هو ده اللي المفروض نشغل الناس بيه عن الحر والاسعار الغالية والظروف اللي بيمر بيها من فقر وحرمان ومرض وزيف ، عن السنين اللي بتفلت من بين صوابعه وهو مش لاحق ياخد نفسه ..وكل يوم بيعدي ..بياخد من روحه حتة ..
----------------
بقلم: خالد الدخيل