09 - 07 - 2025

ضابط بالبحرية التركية بالناتو يروي قصة اعتقاله بتركيا عقب الانقلاب وكيف هرب

ضابط بالبحرية التركية بالناتو يروي قصة اعتقاله بتركيا عقب الانقلاب وكيف هرب

قرر ضابط البحرية التركي بالناتو السابق، جعفر توبكايا، الخروج عن صمته، والبوح بما لاقاه خلال عتقاله عقب الانقلاب المزعوم على الرئيس رجب طيب أردوغان،يوليو 2016،  ولكنه تمكن من الفرار، وكما قال أنه أصبح بعيدا عن يد أردوغان، تكلم لوكالة دويتش فيليه الألمانية

وقرر توبكايا أن حديثه سيكون نيابة عن جميع "الذين لا يستطيعون الوصول للصحافة، ولا مقابلة محاميهم أثناء وجودهم في السجن ولا يمكنهم إثبات براءتهم"،مؤكدا على أنه "ليس خائفاً من أردوغان أو المخابرات التركية، وأريد أن يعرف الغرب ما يحدث في تركيا".

توبكايا هو واحد من آلاف الضباط الأتراك الذين يتهمهم أردوغان بدعم رجل الدين التركي فتح الله غولن، ويتهم اردوغان غولن، الذي يعيش في المنفى في ولاية بنسيلفانيا الأمريكية، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب عليه صيف عام 2016.

ومنذ الانقلاب صار الضباط والجنود الذين يتدربون ويقومون بمهمات خارج البلاد خاصة، هدفاً للاعتقالات التي تحدث في تركيا اليوم، وقد أمر أردوغان جميع ضباط الجيش تقريباً بالعودة إلى أنقرة من أجل "استجوابهم"، وكان ذلك الفخ للإيقاع بهم واعتقال من يتهمهم بالتآمر.

واختار الكثيرون من الجنود عدم الانصياع لطلب أردوغان وقرروا البقاء في الخارج دون أن يكون لديهم ما يسد رمقهم ويكفل معيشتهم، فأبطلت الحكومة التركية جوازات سفرهم، وكأنهم مجردين من الجنسية

 

لكن توبكايا، لبى دعوة أردوغان إلى اجتماع عاجل في أنقرة في أكتوبر عام 2016، انطلاقاً من إحساسه بالواجب، "لم أكن قريباً أبداً من حركة غولن"، ويضيف "أنا شخص علماني، تربيتي غربية، أحترم جميع الأديان والمعتقدات، لكنني لا أنتمي لأي منها".

وبصفته ضابطاً بحرياً منذ فترة طويلة مع تصريح أمني كبير من الناتو، فقد شعر بالأمان كما اعتقدت زوجته بأن الرحلة ستكون رحلة قصيرة، استمرت الرحلة لأكثر من ستة عشر شهراً، وكان الاجتماع المزعوم مجرد خدعة لاصطياده في وزارة الدفاع، حيث تم إبطال جواز سفره وأعتقله رجال الشرطة، ومنذ تلك اللحظة وصفه زملاؤه السابقون بـ"الإرهابي"، زاعمين أنه أساء إلى أردوغان من خلال تغريدة له على حسابه على "تويتر"،بالرغم من توضيحه أنه حتى ذلك الحين لم يكن يمتلك حساباً قط على موقع التواصل الاجتماعي إلا أن ذلك لم يساعده.

في البداية احتجز في صالة ألعاب رياضية تم تحويلها لسجن،ثم  تم نقله إلى سجن سنجان سيئ السمعة، ظل هناك لـ12 يوم، كان ينام في نفس الملابس على الأرضية الإسمنتية وبالكاد يحصل على أي طعام، وقال تبكايا أن زملاؤه السجناء كانوا من "كبار رجال الجيش والأكاديميين والقضاة ونشطاء المجتمع المدني وحتى من العاملين في المجال الطبي، لكن على الأقل لم أتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي، كحال السجناء الآخرين، الذي تعرضوا للضرب أثناء استجوابهم".

في اول الأيام، وضع توبكايا جدولاً زمنياً في دفتر يومياته، في نهايته كانت مكتوبة كلمة "بروكسل"، وكان يقوم بشطب كل يوم يمر عليه، لأنه كان يعتقد أن الأمر لن يستغرق سوى بضع أيام حتى يعود إلى بروكسل. لكن بعد مرور اليوم الـ 39 له في السجن توقف الضابط عن شطب الأيام.

وفي أول جلسة تحقيق معه، كان من الصعب على توبكايا الوقوف أو التفكير من شدة الجوع، وتحول ولاؤه للناتو، الذي كان يعتقد بأنه حجر أساس في دفاعه عن نفسه، إلى جزء من جريمته.

 وقالت القاضية "أنت تعمل لصالح الناتو، صحيح؟" أجبتها بـ"نعم، و أوضحت أني أعمل هناك لصالح الجيش التركي في المقر الرئيسي وأن قائد الجيش التركي قد أمرني بذلك. لكن لم أتمكن من إقناعهم بإطلاق سراحي، الموالاة للغرب وللناتو تعد جريمة كبيرة في تركيا اليوم"، على حد تعبيرتوبكايا.

وفي النهاية قيل له إن التحضير للمحاكمة سيستغرق وقتاً طويلا،. بعدها تم الإفراج عنه شرط أن يعيش مع والديه، ويزور مركز الشرطة بشكل أسبوعي، وحذره محاميه من وجود دلائل على احتمال اعتقاله مرة أخرى.

وجد توبكايا في منزل والديه جواز سفر قديم له، لا يزال ساري المفعول لبضعة أشهر أخرى، يبدو أن الشرطة لم تنتبه له خلال عمليات التفتيش، فقرر الهرب.

ورفض توبكايا الكشف عن طريقة هربه "حتى لا يعرقل ذلك الطريق أمام من يريدون الفرار في المستقبل"، موضحا أنه نجح في الهرب مع الكثير من المساعدة والحظ .

عاد توبكايا إلى شقته في بروكسل بعد أسبوع من رحلة الهروب، واستراح لبضعة أشهر، ثم قرر أن يروي قصته من خلال موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"

ويقول توبكايا أنه يتلقى ردود فعل إيجابية بنسبة 90% على تغريداته، بينما تصفه الصحف التركية الحكومية بـ"الخائن"، كما نُشرت تقارير تفيد بأنه وغيره من الضباط المعتقلين سيعقدون اجتماعات تآمرية في ألمانيا، وعن هذا يجيب توبكايا مبتسماً "مع كل تغريدة أشعر بالراحة أكثر، وأعرف أنهم خائفون من ذلك،إنهم حكام أنقرة والحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية والجيش الموالي لأردوغان".