ألقى سامح شكري وزيـر الخـارجـيـة كلمة مصر أمام القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي، وهى الثانية خلال أقل من ستة أشهر، وقال شكري، «إن سجل المآسي الفلسطينية زاد مأساة جديدة، بسقوط أكثر من 60 شهيدًا ومئات الجرحى بفعل إمعان سلطات الاحتلال في سياسة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي يأبى الاستسلام لسياسة فرض الأمر الواقع، ويدفع عن طيب خاطر باهظ الأثمان للتمسك بحقه في الحرية والحياة والكرامة.
وأضاف، نحتاج لوقفة حاسمة مع سياسة الانتهاك الممنهجة التي يتبعها الاحتلال في مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، وعلى المجتمع الدولى مسئولية واضحة لحماية الشعب الفلسطيني، وتمكينه من استعادة حقوقه المسلوبة، والعمل على إنهاء واقع الاحتلال، والمحافظة بشكل خاص على وضع القدس الشرقية القانوني، بوصفها أرضًا خاضعة للاحتلال، ولا شرعية لأى إجراءات يقوم بها هذا الاحتلال لفرض سلطة الأمر الواقع عليها.
وتابع، سبق للقمة الإسلامية الاستثنائية التي انعقدت في 13 ديسمبر 2017 أن أكدت بوضوح رفض جميع الدول الإسلامية لأى إجراء أحادى يحاول المساس بالوضعية القانونية للقدس أو إضفاء الشرعية على واقع الاحتلال، وحق الشعب الفلسطيني في أرضه، ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، هو حق ثابت وأصيل، لا يسقط بالتقادم، ولا يؤثر عليه قرار أحادى أو ممارسة باطلة تستهدف خلق أمر واقع جديد. فمثل هذه الممارسات كانت وستظل باطلة، لا شرعية لها في القانون الدولي، غير قادرة على أن تنشئ حقوقًا لقوة الاحتلال، أو أن تسقط الحقوق التاريخية والثابتة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
وأضاف، هذا ليس فقط رأى الدول الأعضاء في هذه المنظمة، وإنما رأى الغالبية الساحقة من دول العالم، كما يشهد على ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي شاركت مصر في إعداده، وأقر بأكثرية 128 دولة في شهر ديسمبر 2017، فأين الخلل إذن؟ وكيف يمكن أن تستمر سلطات الاحتلال في تجاهل إرادة الغالبية الساحقة للمجتمع الدولي، والإمعان في انتهاكاتها، ليسقط الضحايا الأبرياء وسط صمت عالمي مخجل، وسقوط أكثر من 60 شهيدًا من أبناء الشعب الفلسطيني في الأيام الماضية، هو عار حقيقى. عار على قوات الاحتلال. وعار أيضًا على المجتمع الدولى العاجز عن الانتصار للحق في مواجهة القوة، أو حتى بالحد الأدنى منع الجرائم المستمرة التي تمارسها سلطات احتلال ضد شعب أعزل. إن أقل ما يمكن القبول به هو اتخاذ قرار فورى بإجراء تحقيق دولي، عادل ونزيه، في واقعة استخدام الرصاص الحى ضد المتظاهرين الفلسطينيين العزل من قِبَل قوات الاحتلال.
وقال: إن المأساة التي شاهدناها جميعًا في الأيام الماضية لم تحدث من فراغ، وإنما جاءت على خلفية وضع سياسي لا يمكن قبول استمراره دون تغيير. فأصل المشكلة هو الاحتلال، والأمانة تقتضي أن نعترف بأن استمرار هذا الاحتلال سيعنى أن السؤال سيصبح: كم من الوقت سيمر قبل أن تتكرر الانتهاكات ويتكرر سقوط ضحايا أبرياء إضافيين؟ لهذا، فإن التحقيق الدولى في واقعة استخدام الرصاص الحي من قِبَل قوات الاحتلال، وإعادة التأكيد على بطلان أي محاولة لإضفاء الشرعية على احتلال الأراضى الفلسطينية، هما شرطان ضروريان، ولكنهما غير كافيين لمنع تكرار المأساة التي شهدناها على مدار الأيام الماضية، ومطلوب أيضًا أن نعالج الجذر السياسي للمشكلة، ونعمل على العودة الفورية لمائدة المفاوضات، لإنهاء الاحتلال وتجاوز سبعة عقود من الصراع المدمر، الذي صادر حياة وحقوق أجيال متلاحقة من أبناء المنطقة في الحرية والحياة الكريمة والآمنة، في ظل سلام عادل وشامل، يتأسس على إنهاء الاحتلال وإعادة الحق المسلوب لأصحابه.
وتابع، هذه هي المسئولية الواقعة علينا جميعًا، وعلى سائر المجتمع الدولى، وعلى كل مهتم بالحفاظ على ما تبقى من قيمة للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية التي باتت تنتهك يوميًا في الأراضى الفلسطينية، دون أي إجراءات توقف هذه الانتهاكات وتردع مرتكبيها، وتفتح الباب أمام السلام والاستقرار في المنطقة.
ننشر كلمة مصر أمام القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامية
