19 - 04 - 2024

صناعة الصحافة.. إلى أين؟

صناعة الصحافة.. إلى أين؟

كثيرة هى التحديات التى تُواجه صناعة الصحافة -عالمياً ومحلياً- ولأنها مهنة مرتبطة بالإطار العام فى المجتمعات، ودورها الرئيسى فى نظام ديمقراطى, تظل الصحف وصُنَّاعها فى معظم الدول العربية على موعد مع الأسوأ فى المدى المنظور من خلال هذه المقاربة.

حيث تذهب العديد من الأدبيات الغربية المتخصصة فى علوم الصحافة إلى ربط "الكلمة" بـ المناخ الديمقراطى المُصاحب لها, ونحن عندما نقول "صناعة" فإن ذلك يعنى صحفيين وفنيين وكل ما يتعلق بالصحف من أمور, فالأرقام أصبحت شاهدةً على حالة من الممكن أن نثطلق عليها "موت سريرى" للصحف فى العالم العربى ليس فقط بسبب دخول التكنولوجيا لهذا الحقل، وإنما لحالات التضييق الممنهجة من قبل السلطة فى معظم - إن لم يكن كل الدول العربية- على حَملة الأقلام، والذى بدوره سيؤدى فى المدى المنظور – إذا استمر الأمر هكذا - إلى الإطباق على ما تبقى من المهنة.

فمن خلال البيانات والإحصائيات مثلت اللحظات الكاشفة فى تاريخ العرب القريب عند تفجُّر"الحلم العربى" فى (2010-2011) عن عدم اكتراثٍ من قبل الجمهور لوسائل الإعلام الرسمية - ومنها الصحف بالطبع – واستقاء الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعى, ففى تقرير "نظرة على الإعلام الاجتماعى فى العالم العربى 2014" جاءت نسبة وسائل التواصل الاجتماعى فى مصر 92%, وتونس 88% فى لحظة "الربيع" فى مقابل 40% و 35 % للوسائل الرسمية على التوالى لكل دولة, وهنا الأرقام كاشفة فاضحة وتُغنى الأرقام هنا عن الوصف والكلام.

حال الإعلام العربى لا يخفى على أحد وتكمن المشكلة أن حالة التداعى التى تضرب العديد من مجتمعات المنطقة ستستمر إلى فترة ليست بالقصيرة، خاصة مع وجود القوى المضادة للثورات، وبالتالى فالمشهد على ما يبدو قاتماً فى مقبل الأيام للصحافة.

أما عالمياً وتحديداً فى الغرب, فوفقاً لتقرير "معهد رويترز" عن الاتجاهات العالمية لعام 2018 فإن الذكاء الاصطناعى سيأخذ مكان البشر فى إنتاج معظم الأشكال الصحفية - إن لم يكن كلها- وقال التقرير بأن السؤال مستقبلاً سيكون هل تم إنتاج هذا الشكل الصحفى بواسطة البشر أم لا؟!

بالإضافة إلى أن الاتجاه نحو الرقمية ذهب بعيداً فى الولايات المتحدة الأمريكية, فوكالة الاسوشييتد برس الأمريكية تُنتج تقارير وقصصاً صحفية عن طريق "الرقمنة"، وكذلك صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية, ناهيك عن الضرر البالغ الذى يُصيب الصحفيين جراء التطور التكنولوجى وليس خرها دخول الروبوت لعالم الصحافة تحت مسمى "Robo Journalism", ومع كل ذلك فلك أن تتخيل بأن اللاف على سيبل المثال من الصحفيين فقدوا وظائفهم فى إسبانيا جراء تلك التطورات.

ومع التحديات الكثيرة - وعلى رأسها الن التكنولوجيا الحديثة – ما تزال كليات الصحافة تضع مقرراتها الدراسية وتواصل عملها عالمياً ومحلياً, لكن مما لا شك فيه فإن صناعة الصحافة من ضمن ضحايا هذا التقدم الهائل, ولن يُكتب - مع الأسف- فى القريب العاجل لتلك المهنة أن تنجو من هذا المنحنى الخطير الذى تمر به فى منطقتنا على وجه التحديد، فالنتائج مرهونة بالمقدمات, وحتى تنتعش تلك الصناعة من جديد لابد من استخدام تقنيات الكتابة الحديثة - هذا إن وُجد المناخ الذى يستطيع الصحفى الكتابة فيه!

[email protected]

مقالات اخرى للكاتب






اعلان