28 - 03 - 2024

ارفع رأسك .. وليس قبعتك

ارفع رأسك .. وليس قبعتك

على ما يبدو فإن معظم الحكومات العربية قد ارتضت لهراوات الأمن لديها أن تحسم الكثير من المناقشات والمناكفات، مفضلةً المقولة المصرية الشائعة والطريفة "ريح دماغك".

لكن المنطقة العربية رغم أنف هؤلاء تموج بالعديد من التفاعلات الساخنة ليس أقلها انهيار تلك الدول "الكارتونية" أمام أعيننا مع زخات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الفعلية وليست المدبجة فى بيانات السلطة, ولأن المستقبل يتشكل أمامنا فالخوف - كل الخوف - أن تسير الدول العربية مرة أخرى مجتمعة أو فرادى لهذا المصير المحتوم المأساوى!

فالشباب العربى - حسب دراسة أجرتها مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعنوان "بين الارتياب والتفاؤل" شملت 9 آلاف شاب من (المغرب وتونس ومصر والبحرين واليمن) ودول عربية أخرى تتراوح أعمارهم بين 16 و 30 عاماً خلال صيف وشتاء 2016 / 2017 - يرى أن ساسة بلاده غير موثوق فيهم وفاسدون، وأن ما حدث منذ الربيع وحتى اللحظة يسير بصورة سيئة, لذلك فهم لا يُعوِّلون إلا على مستقبل أفضل "اقتصادياً".

هذا المستقبل الذى يبدو للعيان غير واضح – لا أود القول بقتامته – يجعلك تتساءل عن هذا السبب اللعين، وتلك السياسات الكئيدة التى تقف حائلاً أمام العرب لانطلاقة حقيقية, أم أنه فقط حظ عثر يلازمنا كوننا - كما يحلو للبعض من أصحاب نظرية المؤامرة - مستهدفون ليل نهار من القوى العالمية التى ذهبت بعيداً فى مناحى الحياة، وتريد - على ما يبدو- الإبقاء على الوضع الراهن المُزرى.

هذا الوضع يجعل البعض من تلك القوى تقول بالثبات على اللحظة الراهنة، والتعامل مع الدول القائمة فى إطار تفاهمات إقليمية خوفاً من تفجر الأمور لما هو أكثر فى محاولة لا تُخطئها العين لإفساح المجال للعدو الصهيونى ليجلس مستريحاً بين مقاعد اللاعبين الإقليميين مع تلك الدول التى يحلو البعض تسميتها بالمعتدلة (حتى فى تقاريرهم الرسمية), لكننا لا ندرى أى اعتدال هذا مع كل هذا الاعوجاج, وربما فى هذه الجزئية نتفق مع أصحاب نظرية المؤامرة.

هذا الاعوجاج الذى نراه -على ما يبدو- سيلازمنا لفترة ليست بالقصيرة فى ظل رغبة محمومة من القادة العرب لرؤية شعوبهم تئن تحت العديد من الضربات الموجعة، وبالطبع كل ذلك يبدو منطقياً فى ظل غياب بوصلة حقيقية لهم, ولعلك لا تتعجب عندما تقرأ فى التاريخ الألمانى وخلال ثورة الفلاحين عام 1524 بأن أحدهم عندما أراد الانتقام من أميره صاح فى وجهه "لقد ألقيت بأخى فى غياهب السجن لأنه لم يرفع قبعته من على رأسه وأنت تمر"!

ربما تلك الكلمات تصلح الآن لكى تكون مشهداً كوميدياً - أو إن شئت القول – عبثياً، يضحك الكثيرون منه لفرط سذاجته, لكن مع كل ما نراه من أمراض نفسية وتشوهات مجتمعية فى دولنا العربية يجعلك تُصدق أن كل هذا حدث بدليل ما نعيشه الآن هنا على هذه البقعة من الأرض, ولأن المواطن العربى مُطالبٌ برفع رأسه وتدبر أمره جيداً فى مستقبله ومستقبل دولته حتى لا يأتى الوقت الذى نأسف فيه على ضياع الفرصة تلو الأخرى, ولأننا إذ لم نتعلم من دروس التاريخ فمِن ماذا يا ترى سنتعلم؟!

__________
*صحفى بجريدة الأخبار المسائى

[email protected]






اعلان