12 - 07 - 2025

مراتب الناس في الصلاة

مراتب الناس في الصلاة

السؤال:
زوجي يصلي، لكنه عندما يصلي لا يصلي صلاة واحدة إلا ويسقط أحرفا أو يزيد أحرفا ـ على ما أظن ـ في سورة الفاتحة، وكلما يصلي أمامي أسمعه وأنصحه بعد الصلاة، لكنه لا يستمع إلي وخاصة أنني موسوسة، فما حكم صلواته؟ وهل هو كافر، لأن تارك الصلاة كافر، والصلاة عندما تكون باطلة فكأنه لم يصل، وهل هناك أحد من العلماء يقول إن الفاتحة ليست ركنا، لأنني قرأت مرة أنا منهم من لم يوجبها؟ وما صحة الكلام بأن المصلين على خمسة أحوال: من يصلي ولا يهتم بأركانها ولا بوقتها ولا بالوضوء، وهذا يعاقب، ومن يهتم بهذه الأشياء لكنه في كل صلاته شارد الذهن، وهذا يحاسب، والبقية تعرفونهم؟ وما الفرق بين العقاب والحساب؟ وهل أنا كافرة لأنني أحسست أن صلاة زوجي صحيحة، مع تيقني بأنه يزيد وينقص في الفاتحة؟. وشكراً.

الفتوى:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فأما الوساوس التي تعانين منها: فعلاجها الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، والأصل صحة صلاة زوجك ولا تبطل بمجرد هذه الوساوس، فدعي عنك تلك الوساوس ولا تسترسلي معها، وقد بينا اللحن المبطل للصلاة في الفتوى رقم: 113626.

وإذا تيقنت يقينا جازما أن زوجك يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى فانصحيه بلين ورفق، والذي يظهر أن الأمر لا يعدو مجرد وسوسة منك ومن ثم، فإنك تتجاهلينها، وليس زوجك كافرا ولا أنت بحمد الله، وإنما هذه الأفكار والوساوس من الشيطان يلقيها في قلبك ليفسد عليك دينك ودنياك، وأما ركنية الفاتحة في الصلاة: فهو مذهب الجمهور، ويرى الحنفية أن الصلاة تجزئ بغير الفاتحة، وأما الكلام المذكور من أن المصلين على خمسة أقسام: فقد ذكره ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الوابل الصيب، وعبارته: والناس في الصلاة على مراتب خمسة:

أحدها: مرتبة الظالم لنفسه المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.

الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار.

الثالث: من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته، فهو في صلاة وجهاد.

الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها، لئلا يضيع شيئاً منها، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها واتمامها، قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.

الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل ناظراً بقبله إليه مراقباً له ممتلئاً من محبته وعظمته، كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطوات وارتفعت حجبها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.

فالقسم الأول معاقب، والثاني محاسب، والثالث مكفر عنه، والرابع مثاب، والخامس مقرب من ربه، لأن له نصيباً ممن جعلت قرة عينه في الصلاة، فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا قرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة. انتهى.

والفرق بين العقاب والحساب واضح: فالحساب لا يستلزم العقاب، فقد يحاسب الشخص ويغفر له، وقد يحاسب ويعاقب إن استحق ذلك.

والله أعلم.